توفيت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت، الأربعاء، عن عمر ناهز 84 عاما، بعد صراع مع مرض السرطان، وفق بيان لأسرتها.
وتولت أولبرايت وزارة الخارجية بترشيح من الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، في ديسمبر 1996، ثم صدق على تعيينها مجلس الشيوخ في جانفي من العام التالي، لتكون أول أميركية تشغل هذا المنصب الرفيع، واستمرت فيه حتى جانفي 2001.
وخلال توليها المنصب، دافعت أولبرايت عن توسيع حلف “الناتو” وتدخل التحالف في البلقان لوقف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وبذلت جهودا للحد من انتشار الأسلحة النووية، ودافعت عن حقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
وتقول “سي أن أن” إنها ساهمت في توجيه السياسة الخارجية الغربية في أعقاب الحرب الباردة، وكنت وجها للسياسة الخارجية الأميركية في الفترة ما بين نهاية الحرب الباردة والحرب على الإرهاب التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 .
وأصبحت أولبرايت، المولودة في براغ بتشيكوسلوفاكيا عام 1937، مواطنة أميركية في عام 1957، وحصلت على بكالوريوس ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف من كلية ويليسلي عام 1959. وحصلت أيضا على درجة الدكتوراة في القانون العام والحكومة من جامعة كولومبيا عام 1976، وفق موقع وزارة الخارجية.
وعملت مساعدة تشريعية للسيناتور إدموند موسكي بين عامي 1976 و1978. وفي الفترة بين 1978 و1981، عملت موظفة في البيت الأبيض في عهد الرئيس، جيمي كارتر، وفي مجلس الأمن القومي تحت إشراف مستشار الأمن القومي حينها، زبيغنيو بريغنسكي.
وفي عام 1982 تم تعيينها أستاذة أبحاث للشؤون الدولية في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون.
وفي 1993 عينها كلينتون سفيرة لدى الأمم المتحدة وشغلت هذا المنصب حتى تعيينها وزيرة للخارجية في عام 1996.
الرسائل الخفية
لا تقتصر إنجازات مادلين أولبرايت، أول امرأة تتسلم منصب وزير الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية على مواقفها العديدة الظاهرة للعلن، فمجوهراتها كانت تحوي “رسائل سياسية خفية”.
فكل من عاصر فترة تولي أولبرايت منصبها لن يتمكن من نسيان دبابيسها “البروش” التي كانت ترتديها خلال المناسبات المختلفة، إلا أن ما قد لا يعلمه كثيرون أن بعض هذه المجوهرات كان يحوي موقفا سياسيا واضحا.
فقد أعلن “المتحف الوطني للدبلوماسية الأميركية” مؤخرا عن معرض افتراضي يتيح لزواره الاطلاع على أبرز دبابيس وزيرة الخارجية السابقة، وفحواها، وأكد وجود تلك “الرسائل الخفية المرتبطة بالسياسات الخارجية”.
ويأتي المعرض تحت عنوان “اقرأ دبابيسي.. مجموعة مادلين أولبرايت”، وتضم المجموعة أكثر من 200 دبوس، معظمها من مجموعة متنوعة من الأزياء، ارتدتها الوزيرة أولبرايت في مناسبات عدة لإيصال رسالة قبل وأثناء وبعد سنوات الخدمة العامة، بما في ذلك السنوات التي قادت فيها وزارة الخارجية، من عام 1997 إلى 2001.
ويشير موقع المعرض إلى أنه “في بعض الأحيان، تم استخدام هذه الدبابيس كأدوات لطيفة تعكس روح الدعابة لدى الوزيرة وإنسانيتها، وهي أدوات تعليمية مرئية للدبلوماسية الثقافية”.
ومن بين مئات الدبابيس، قام المعرض بالتركيز على أربعة دبابيس وجهت من خلالها المسؤولة الأميركية رسائل مختلفة:
“الأفعى” – 1997
عندما تولت أولبرايت منصب المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة عام 1997، وجهت انتقادا للرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين.
ورد شاعر صدام حينها بوصف أولبرايت بـ “أفعى (حية) لا مثيل لها”.
وخلال تحضيرها للقاء مسؤولين عراقيين، ردّت أولبرايت بارتداء دبوس بشكل أفعى، علما أنها لا تحب تلك الزواحف.
ويشير المعرض إلى أن هذا الدبوس كان بمثابة البداية لمواقف دبلوماسية مميزة.
الدبوس مكون من الذهب (عيار 18 قيراط) ومرصع بالألماس
“النحلة” – 1999
أمضت وزير الخارجية ساعات عديدة وهي تحاول إقناع الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، بأهمية التوصل لحلول سلمية في الشرق الأوسط، ويقول موقع المعرض: “الدبوس يعكس مزاجها”.
وتشير النحلة في الأمثال الأميركية إلى الانشغال في أمر ما، ويقال: “مشغول كالنحلة” (busy like a bee).
الدبوس مصنوع من الذهب الوردي (عيار 14 قيراط) والفضة، مرصع بالماس والعقيق.
“الطائر الأزرق” – 1996
في 24 فيفري عام 1996، أسقطت مقاتلات عسكرية كوبية طائرتين مدنيتين بين كوبا وولاية فلوريدا الأميركية.
وتباهى الطيارون “بكسر عزيمة” ضحاياهم، في حين وصفتهم أولبرايت بـ “الجبناء”.
وارتدت دبوسا بشكل طائر أزرق، ووجهت رأسه للأسفل تعبيرا على الحزن لخسارة أرواح أربعة أميركيين من أصل كوبي ماتوا في الهجوم المأساوي.
الدبوس مصنوع من الذهب الأبيض (عيار 14 قيراط) ومن الفضة، مرصع بالياقوت والماس
“صاروخ معترض” – 2000
اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لنظيره الأميركي، بيل كلينتون، عام 2000، أنه كان يترقب على الدوام الاطلاع على الدبابيس التي كانت ترتديها أولبرايت.
وفي اليوم الأول من محادثات معقدة مع مسؤولين روس حول الأسلحة النووية، نظر وزير الخارجية، إيغور إيفانوف، إلى دبوسها الذي بدا كالسهم وسألها: “هل هذا واحد من صواريخكم المعترضة؟”، فأجابت أولبرايت “أجل، وكما ترى يمكننا أن نصنعها بحجم صغير للغاية، لذا من الأفضل أن تكون جاهزا للتفاوض”.
الدبوس مصنوع من الألمنيوم المتأين.
المعرض الافتراضي سيصبح واقعا
من عام 2009 إلى عام 2018، تنقلت مجموعة الدبابيس عبر 22 متحفا ومكتبة. ويشير موقع المعرض إلى أن رئيسة موظفي أولبرايت في وزارة الخارجية، كانت مصدر الإلهام والقوة الدافعة للمعرض والكتاب المصاحب له بعنوان “اقرأ دبابيسي: قصص من صندوق مجوهرات دبلوماسية”.
وتمت إعارة برنامج “اقرأ دبابيسي” إلى المتحف الوطني للدبلوماسية الأميركية، وسوف تتبرع الوزيرة أولبرايت بالمعرض إلى المتحف عند الانتهاء من إنشاء موقعه.
ومن المقرر افتتاح المتحف في عام 2024. وتشمل المجموعة ميدالية الحرية الرئاسية التي منحها، الرئيس باراك أوباما، للوزيرة السابقة في عام 2012.