اول الكلام

الغنوشي وسعيّد: معركة كسر عظم

في مهد “الربيع العربي”، تهدد جلسة عامة معلنة للبرلمان التونسي بتفاقم الأزمة السياسية، في وقت تواجه البلاد أيضا أزمة اجتماعية واقتصادية خطيرة.

فقد ألمح الرئيس قيس سعيد إلى حظر الاجتماع، حتى قبل الإعلان عنه، بقوله: “من يريد العودة للوراء فهو واهم.. فليجتمعوا في مركبة فضائية”.

وقد تثير خطوة عقد جلسات عامة النزاع حول الشرعية بين الرئيس ومعارضيه، بعد شهور من الجمود السياسي و”الإجراءات الاستثنائية” التي تسمح لسعيّد، المنتخب نهاية عام 2019، بالحكم بمرسوم.

وفي وقت متأخر من الاثنين، حذر سعيد من هذه المحاولات، قائلا إن قوات ومؤسسات الدولة ستتصدى لمن يريدون العبث بالدولة ودفع التونسيين للاقتتال.

وكان رئيس البرلمان المعلق راشد الغنوشي قال، الاثنين، إن مكتب المجلس قرر عقد جلستين عامتين، هذا الأسبوع، للنظر في إلغاء الحالة الاستثنائية التي أقرها الرئيس العام الماضي.

وأكد بيان صحافي صادر عن البرلمان أن هذا المكتب أقر “عقد جلسة عامة، الأربعاء، للنظر في إلغاء الإجراءات الاستثنائية (التي قررها الرئيس سعيد) وجلسة عامة ثانية (السبت) للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة”.

راشد الغنوشي- قيس سعيد

وكان سعيد جمد أنشطة البرلمان، وعزل الحكومة، واستأثر بالسلطة التنفيذية، في 25 جويلية  الماضي، في خطوة وصفها معارضوه بأنها انقلاب. واستبدل سعيد أيضا المجلس الأعلى للقضاء، معززا حكم الرجل الواحد، الأمر الذي يصفه حسن بـ”الخرق الواضح والفاضح للدستور”.

ومن المتوقع أن يشارك في الجلسة عبر الإنترنت نواب من حزب النهضة ومن ائتلاف الكرامة ونواب من حزب قلب تونس إضافة إلى نواب مستقلين.

وقبيل الدعوة الرسمية من مكتب مجلس النواب، دعا، الأحد الماضي، 27 نائبا مستقلا ومن كتل صغيرة إلى عقد جلسة عامة. لكن الرئيس سعيد سرعان ما رد مُلمحا لهذه المحاولة، قائلا: “من يريد العودة للوراء فهو واهم.. فليجتمعوا في مركبة فضائية”.

ولم يظهر سعيد، وهو أستاذ سابق للقانون الدستوري، رغبة تذكر في التنازل أو التوصل إلى حلول وسط منذ فوزه الكاسح في الانتخابات عام 2019.

وأجرى بالفعل مشاورات عبر الإنترنت لاستطلاع الرأي العام بشأن الدستور الجديد،تحت عنوان استشارة الكترونية  وتعهد بتعيين لجنة من أساتذة القانون لصياغته وطرحه للاستفتاء في25جويلية  وكانت المشاركة في هذه المشاورات ضئيلة للغاية.

لكن خارطة الطريق التي وضعها سعيد قوبلت برفض معظم الأحزاب التي تقول إنه يسعى لتعزيز مشروعه السياسي.

وتأتي هذه التطورات في وقت قالت فيه مسؤولة أميركية رفيعة المستوى، الاثنين، إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق حيال المسار الديمقراطي في تونس، وتدعو السلطات التونسية إلى احترام حرية التعبير ووقف محاكمة المدنيين عسكريا.

وعقب زيارة إلى تونس، أكدت أوزرا زيا، وكيلة وزير الخارجية الأميركي المكلفة بشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، في بيان، على أهمية الشروع في عملية إصلاح سياسي واقتصادي شاملة، بالتنسيق مع الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني.

وتزيد التعليقات الأميركية الضغط على قيس سعيد، الذي يقول منتقدون إنه يسعى إلى تعزيز حكم الرجل الواحد منذ تعليقه عمل البرلمان واستئثاره بالسلطة التنفيذية، الصيف الماضي، قبل القول إنه سيحكم بمراسيم. ويقول منتقدوه إن ما أقدم عليه يصل إلى حد الانقلاب.

ويقول سعيد إن أفعاله كانت لازمة لإنقاذ تونس مما وصفها بنخبة فاسدة لا هم لها إلا خدمة مصالحها، ونظام سياسي أفضى إلى شلل وركود منذ ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية.

لكن منتقدين يقولون إن أفعاله، التي تشمل أيضا استبدال هيئة تضمن استقلال القضاء وتهديده بوقف التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، لا تظهر تسامحا يذكر تجاه المعارضة.

ووسط مخاوف متعلقة بحرية التعبير، قالت نقابة الصحفيين الرئيسية في تونس إن وسائل الإعلام في البلاد ستنظم إضرابا في الثاني من أفريل احتجاجا على “محاولات الرئيس السيطرة على وسائل الإعلام العمومي، وإصرار السلطة على تهميش القطاع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.