نقلت وسائل التواصل اللبنانية ووسائل إعلامية خبرا مفاده أن السلطات الإيطالية أنقذت ركاب القارب الذي كان عالقا قبالة مالطا وعلى متنه أكثر من 250 شخصا، انطلقوا قبل أيام من لبنان.
في الإطار نفسه، تواصل أقرباء لمهاجرين آخرين مع مهاجر نيوز، انطلقوا من لبنان أيضا يوم الجمعة الماضي على متن قارب يحمل نحو 300 شخص، وهم حاليا في طريقهم إلى إيطاليا.
أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن محنة القارب الذي كان عالقا قبالة مالطا لأيام، والذي انطلق من السواحل اللبنانية وعلى متنه أكثر من 250 مهاجرا، قد آلت إلى نهاية حسنة مع استجابة السلطات الإيطالية لنداءات استغاثة المهاجرين وبدئها بعمليات نقلهم إلى الشاطئ.
وكان القارب الذي غادر لبنان قبل أيام من شاطئ العبدة (شمال) يقل لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، لم يتمكن من الوصول إلى وجهته النهائية أي إيطاليا بسبب نقص الوقود، وتوقف في البحر قبالة مالطا.
مضت أيام نفد خلالها الماء والطعام، وواجهت الركاب ظروفا مناخية سيئة ورياحا قوية، وإضافة لكل ذلك انقطع تواصلهم مع أقربائهم في لبنان. كل هذا طبعا وضع المهاجرين في عين الخطر، وأثار الذعر في قلوب الأقارب والمتابعين للرحلة خشية على مصيرهم.
للمزيد>>> حوالي 300 مهاجر على متن قارب انطلق من لبنان عالقين قبالة مالطا
وسائل الإعلام قالت إن شقيق أحد المهاجرين على متن القارب، أورد أن عمليات الإنقاذ بدأت ليل أمس الأربعاء مع وصول زورق نجدة إيطالي إلى موقع القارب. وحسب ما ورد، نقلت فرق الإنقاذ الأطفال بداية ثم البالغين، قبل أن تتوجه بهم إلى البر.
قارب آخر؟
في السياق نفسه، تواردت أنباء على وسائل التواصل اللبنانية عن قارب آخر يحمل نحو 300 شخص آخرين، في طريقه حاليا إلى السواحل الإيطالية. القارب، وفقا لأقارب بعض المهاجرين على متنه، انطلق من السواحل الشمالية للبنان يوم الجمعة الماضي.
وقالت قريبة عدد من المهاجرين المتواجدين على متنه لمهاجر نيوز إنهم “على بعد نحو 12 ساعة من السواحل الإيطالية. لم تحدث معهم أي حوادث مأساوية سوى أن إحدى الحوامل المتواجدة على القارب أنجبت البارحة”.
وفقا للشاهدة، فإن معظم المهاجرين على متن هذا القارب سوريون، وجاء بعضهم من سوريا خصيصا للصعود على متنه، أي أنهم لم يقيموا مسبقا في لبنان وليسوا مسجلين كلاجئين هناك.
وفقا لهذا المعطى، هل تحول لبنان إلى بلد مصدّر للمهاجرين ونقطة انطلاق لآخرين يقصدونه بهدف الانطلاق نحو أوروبا؟
“آلاف خرجوا بحثا عن الحياة الكريمة”
أبو راشد، أحد سكان بلدة العبدة في عكار شمال لبنان ويعمل في مهنة الصيد، قال لمهاجر نيوز إن عمليات الهجرة انطلاقا من سواحل البلدة أو البلدات المحيطة ارتفعت بشكل كبير مؤخرا، “يخرج يوميا مركبين أو ثلاثة، على أقل تقدير من قبلي، فأنا أسمع عن معظم تلك الحالات. لكن مما لاحظته، الكثير من شبان البلدة والبلدات المحيطة غادروا عبر البحر”.
أبو راشد تحدث عن قدوم سوريين من سوريا للصعود على متن مراكب الهجرة، “من يخرجون على متن تلك القوارب من جنسيات متعددة، تحديدا لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، ولكن ليس الجميع بالضرورة من المقيمين هنا. هناك أشخاص يأتون من سوريا خصيصا للهجرة من هنا، أعتقد أن أمن السواحل السورية متماسك أكثر، فهناك الروس مثلا، كما أن الأتراك لم يعودوا يتعاطون مع السوريين بنفس القدر من التسامح كما مسبقا ولم يعودوا يسمحون لهم عبور الحدود ليتسنى لهم بعد ذلك التوجه نحو أوروبا. هكذا تحولت السواحل اللبنانية إلى منفذ لهؤلاء…”.
الصياد الستيني يقدر أن “آلافا خرجوا بحثا عن الحياة الكريمة في أوروبا. المهربون يطرحون عروضا في بعض الأوقات، خصومات للعائلات أو الأطفال يمكنهم الركوب مجانا… كثيرون فضلوا الهجرة، العاطلين عن العمل ممن باتوا على شفير الموت جوعا، وحتى الموظفين ممن لا تكفي رواتبهم شراء الخبز فقط لإطعام أطفالهم. الوضع الاقتصادي في المنطقة سيء جدا، يضاف إليه وضع الخدمات والأزمات السياسية التي تدفع بالشباب تحديدا للهرب”.
أم أحمد، والدة أحد المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى إيطاليا الشهر الماضي، قالت لمهاجر نيوز إنها باعت “كل شيء. لم أعد أملك شيئا حرفيا. كل ما استطعت تأمينه أعطيته لابني ليتمكن من حجز مكان على قارب للذهاب إلى إيطاليا. نحن فقراء ولا إمكانية لنا حتى للحصول على جوازات سفر، الهجرة غير القانونية كانت الطريق الوحيد المتاح أمامنا لتأمين خروج ابني. هنا لن يتمكن من تحقيق شيء، بات عمره 24 عاما وهو عاطل عن العمل، الآفاق كلها سدت بوجهه وبات البحر الأفق الوحيد المفتوح أمامه”.
ارتفاع أعداد القوارب المغادرة
ومع دخول البلاد نفق الأزمة الاقتصادية الخانقة قبل سنوات، ارتفعت أعداد قوارب الهجرة المغادرة للسواحل اللبنانية باتجاه أوروبا، على الرغم من المخاطر التي تهدد تلك القوارب بنهايات مأساوية، كما حصل مع القارب الذي غرق قبالة سواحل طرابلس قبل بضعة أشهر، أو القارب الذي كان في طريقه إلى إيطاليا وغرق ستة من ركابه قبالة السواحل التركية الثلاثاء الماضي واعتبر خمسة آخرون في عداد المفقودين.
وفي إحصاء لأعداد الواصلين إلى إيطاليا، شكل القادمون من لبنان حوالي 2% فقط من مجمل عدد المهاجرين الوافدين خلال النصف الأول من العام الجاري، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وإذا ما أردنا مقارنة تلك النسبة بنظيراتها للقادمين من ليبيا (55%) أو من تركيا (21%)، نجد أنها بالكاد تشكل حضورا ملموسا، لكن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أكدت أنه مقارنة بسنوات مضت، هذه النسبة تعتبر زيادة كبيرة بالنسبة لأعداد المغادرين للسواحل اللبنانية.
المصدر: مهاجر نيوز