عاد المشهد الليبي إلى الواجهة الدبلوماسية، في الأيام الأخيرة، من بوابة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77 بنيويورك، حيث تكثفت اللقاءات التي يعقدها رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بينما تدفع بلدان غربية وعربية نحو إنهاء الجمود السياسي الحالي.
وفي الوقت نفسه، عبّرت مجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا (P3+2) عن دعمها للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى ليبيا، عبد الله باثيلي، داعية إلى وضع أساس دستوري لإجراء انتخابات.
ويسلط هذا الزخم الدبلوماسي الدولي الضوء على الوضع الليبي المنقسم، مع حث كل الأطراف للجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على خارطة طريق جديدة على أمل وضع جدول زمني جديد للانتخابات.
تحرك المنفي بنيويورك
يسعى محمد المنفي، من خلال لقاءاته مع العديد من قادة الدول، إلى إقناع المجتمع الدولي بأن الحل قد يأتي من أبرز الأجسام السياسية التي أفرزتها اتفاقات الصخيرات لعام 2015: المجلس الرئاسي.
ورغم أن المنفي تولى هذا المنصب ضمن خارطة طريق أممية في 2021، إلا أنه يحاول الظهور بالمظهر المحايد تجاه الصراع السياسي الحالي الدائر بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة، عبد الحميد الدبيبة، وحكومة الاستقرار الوطني بزعامة فتحي باشاغا.
وظهر المنفي في نيويورك ملقياً اللوم على “التدخل الخارجي السلبي” في ليبيا، مشيرا إلى أنه “لم يمنح الفرصة لوحدة الليبيين، ولا زال يعيق التقدم السياسي وجسر الهوة والشراكة في الوطن”.
وشدد، في كلمة خلال هذه الدورة نقلها موقع “بوابة الوسط” المحلي، على أن المجلس الرئاسي “ملتزم بدوره المرسوم، وفق الاتفاق السياسي الليبي باعتباره السلطة العليا في البلاد، ويمثل وحدتها محليًا ودوليًا وقيادة القيادة العليا للجيش الليبي”.
وتحدث على أن المجلس “يتابع بحرص شديد، جولات الحوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، التي لم تفضِ بعد إلى أي اتفاق حول القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”، مشيرا إلى أن الحوار بين الجانبين “لا ينبغي أن يستمر من دون حدود زمنية، وأنه على استعداد تام للتدخل من أجل الخروج بالعملية السياسية من طريقها المسدود متى ما استلزم الأمر ذلك”.
وفي سياق ذي صلة، أكدت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي، نجوى وهيبة، في تصريحات لتلفزيون “ليبيا الأحرار”، المحلي أن المنفي “طرح خلال لقاءاته مع قادة الدول الفاعلة في نيويورك، ما سمتها الأفكار الجديدة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وأوضحت أن “سبب طرح المنفي لهذه الأفكار هو تعثر مجلسي النواب والدولة في الوصول إلى اتفاق حول قاعدة دستورية وفق جداول زمنية محددة، وانعكاسه سلبا على الوضع السياسي والاستقرار” في البلاد.
تحرك عربي ودولي
وتزامنا مع تحركات المجلس الرئاسي في نيويورك، اجتمع مسؤولون كبار يمثلون فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (مجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا)، الخميس، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمراجعة الأزمة المستمرة في ليبيا.
وبحسب بيان صادر عن الخارجية الأميركية، الجمعة، فقد أعرب المجتمعون عن دعمهم للممثل الخاص للأمين العام عبد الله باثيلي، وجهوده “لتعزيز الاستقرار السياسي والمصالحة بين الليبيين”.
وأكد المسؤولون “دعمهم الكامل لوساطة الأمم المتحدة الهادفة إلى وضع أساس دستوري لتمكين انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشاملة في جميع أنحاء ليبيا في أقصر وقت ممكن”.
كما ناقش المسؤولون أهمية تحقيق التطلعات الليبية للإدارة الشفافة لعائدات النفط والاتفاق على هيئة تنفيذية موحدة لها تفويض يركز على التحضير للانتخابات.
ورفض المشاركون بشدة أي استخدام للعنف، مجددين دعمهم للتنفيذ الكامل لاتفاق 23 أكتوبر2020 لوقف إطلاق النار.
وانضمت دول عربية أيضا إلى هذه الزخم، إذ قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، السبت، إن بلاده تدعم بشكل كامل اتفاق وقف إطلاق النار الليبي المبرم بتاريخ 23 أكتوبر 2020، و”الدعوة الليبية إلى المغادرة الكاملة للقوات الأجنبية، والمقاتلين الأجانب، والمرتزقة دون إبطاء”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية.
بدورها، أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها، سامح شكري، السبت، على استمرارها بـ”دعم جهود إنجاز الإطار الدستوري حتى يتسنى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية بالتزامن في أقرب وقت”.
وعبّر شكري أيضا عن ضرورة “خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وحل الميليشيات المسلحة في مدى زمني محدد، بما يسهم في استعادة ليبيا لاستقرارها المنشود”.