محمد بن زايد في روسيا
يزور الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، الثلاثاء، روسيا في رحلة يلتقي خلالها بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين،
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية أن زيارة الرئيس الإماراتي “تأتي في إطار سعي دولة الإمارات المستمر للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، وتعزيز التعاون المثمر والبنّاء مع القوى الإقليمية والدولية، والتواصل مع كافة الأطراف المعنية في الأزمة بأوكرانيا للمساعدة في التوصل إلى حلول سياسية فاعلة”.
وتأتي الزيارة تزامنا مع تصاعد الصراع بين موسكو وكييف، عقب غارات روسية “انتقامية”، الإثنين، طالت عددا من المدن الأوكرانية، بعد تفحير جسر هام لإيصال الإمدادات إلى القوات المدعومة من موسكو.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إن رئيس الدولة “يقوم بزيارة إلى روسيا الاتحادية الصديقة يلتقي خلالها فخامة فلاديمير بوتين الرئيس الروسي”، مشيرة إلى أنه سيبحث معه “علاقات الصداقة بين دولة الإمارات وروسيا وعددا من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك”.
وتأتي زيارة الرئيس الإماراتي في أعقاب تصاعد وتيرة الحرب في أوكرانيا بعد استهداف جسر هام يربط شبه جزيرة القرم بروسيا، السبت، والقصف الروسي المكثف على عدة مدن أوكرانية، الإثنين.
وتدعو الإمارات ودول الخليج إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا، لكنها تجنبت توجيه انتقادات مباشرة إلى موسكو في ظل تقارب اقتصادي ونفطي كبيرين معها.
وهذه ثالث زيارة خارجية للرئيس الإماراتي، منذ تولي منصبه في ماي الماضي، بعد السعودية، حيث اجتمع بالرئيس الأميركي، جو بايدن، وفرنسا.
ويقول المحلل الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، لموقع “الحرة” إن رئيس الإمارات يقوم بـ”مهمة” تتمثل في “إقناع بوتين بوقف هذا الانزلاق نحو مواجهة نووية مروعة”.
ويشير إلى أنه “يستطيع أن يوظف علاقاته العميقة مع الرئيس بوتين وينقذ أوروبا أولا والعالم من هذا المصير المروع”.
ويعتبر أن محمد بن زايد “ليس في زيارة وإنما في مهمة شبه مستحيلة أكثر أهمية من كل الملفات الأخرى مثل الحرب والنفط والعلاقات الثنائية وغيرها”.
وقال: “هذه مهمة سلام، وواشنطن تدرك ذلك، والعواصم الأوروبية تقدر ذلك… لا يوجد ملف أكثر أهمية وجدارة من مهمة إقناع بوتين بعدم الذهاب إلى هذا الخيار (النووي)”.
وكان المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي، ناصر الشيخ، قد أشار كذلك في تغريدة إلى أن حاكم الإمارات سيحاول “نزع فتيل حرب أوروبية” لم يتوقع أحد أن تصل إلى هذا المستوى من التصعيد.
وكتب: “جعله الله سببا من أسباب نزع فتيل حربا أوروبية أنهكت العالم وما زالت تؤرقه لما يمكن أن تتصعد وتصل إليه”.
وأضاف في تغريدة أخرى: “لقد سئم العالم كله من المستوى الذي يمكن أن تتصاعد إليه هذه الحرب. أي دولة قادرة على العمل كقناة خلفية ومقبولة من قبل الأطراف المعنية هي موضع ترحيب لبذل قصارى جهدها لنزع الفتيل. الإمارات بلد سلام. نأمل أن يكون هناك استعداد”.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد اعتبر أن التهديدات الروسية باستخدام الأسلحة النووية في النزاع في أوكرانيا تعرض البشرية لخطر حرب “نهاية العالم” للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية في منتصف الحرب الباردة.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، في مقابلة مع “إيه بي سي” إن تصريحات بايدن “تعكس بدقة المخاطر الكبيرة للغاية المتجسدة الآن”.
هل يطرح ملف “النفط”؟
وتأتي هذه الزيارة بعدما اتفقت مجموعة “أوبك بلاس” التي تضم الإمارات والسعودية وروسيا، الأسبوع الماضي، على خفض كبير في حصص إنتاجها رغم دعوة الرئيس الأميركي إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الحد من ارتفاع الأسعار.
واعتبر مراقبون أن القرار صادم ويبقي أسعار النفط مرتفعة في وقت يسوده القلق العالمي بشأن التضخم.
الخبير الاقتصاد الأميركي، ديفيد باين، قال لموقع “الحرة” إنه يأمل ألا تكون الزيارة إشارة من الدول المنتجة للنفط إلى أنها قررت زيادة العمل مع روسيا.
وقال إنه إذا كانت الزيارة تعطي أي تضامن من “أوبك” مع روسيا، سيكون ذلك ضد رغبة واشنطن، “لأن الولايات المتحدة وأوروبا لا تريدان ارتفاعا في أسعار النفط، لأن ذلك يزيد من التضخم، الذي يعتبر القضية الرئيسية لهما الآن”.
وقال إن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي “مصمم” على زيادة أسعار الفائدة، وهو إجراء يضر بالاقتصاد، حتى تتراجع معدلات التضخم وسط مخاوف من الركود.
ويشير إلى أن أسعار البنزين هامة للمستهلكين في الولايات المتحدة “نفسيا” من ناحية، وكذلك من ناحية ارتفاع تكاليف المعيشة، “وهو ما جعل الرئيس الأميركي قلقا جدا من القرار الأخير للمجموعة”.
وقال الخبير الاقتصادي إن أي إشارات تصدرها أي دولة، خاصة الدول المنتجة للنفط، حول تعاون مع روسيا سيجعل الحكومات الغربية “مستاءة للغاية” بسبب التأثير على التضخم من ناحية، وكذلك لأن أي زيادة في أسعار النفط ستساعد روسيا التي تهاجم أوكرانيا.
وقد صاحبت انتقادات واسعة قرار “أوبك بلاس” الأخير بخفض إنتاج النفط، في حين رأت السعودية، التي تقود تحالف “أوبك”، تحقيقا لتوازن اقتصادي و”خطوة استباقية”.