الرئيسيةثقافة وفنونمهرجان القاهرة السينمائى الدولى

مهرجان القاهرة السينمائي : 19ب، عنوان النجاح …

فاز فيلم «19 ب» للمخرج أحمد عبدالله بـ3 جوائز في إطار منافسته بالمسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة ضمن فعاليات الدورة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي:

-جائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني لمدير التصوير مصطفى الكاشف

-جائزة الاتحاد الدولي للنقاد (الفيبرسي)

– جائزة أفضل فيلم عربي والتي تحصل عليها منتج الفيلم محمد حفظي الرئيس السابق لمهرجان القاهرة، وهنا نتبين الهوة السحيقة التي تفصل مهرجان القاهرة عن ايام قرطاج السينمائية، ففي مصر جاء حسين فهمي خلفا لمحمد حفظي واختار فريق عمله   وبدا واضحا أنه قطع مع مرحلة سلفه،  ولكن العلاقة المهنية بين الرجلين لم تتاثر، بالعكس ففيلم حفظي هو الذي مثل مصر في المسابقة الدولية وهاهو  يجمع جوائز بالجملة ، أما في بلادنا فرضا الباهي   اتى  بسنية الشامخي مستشارة له  بعد ان ساهمت في مراجعة سياريو فيلمه الاخير “جزيرة الغفران”  والذي كان خارج الموضوع في المسابقة الدولية للافلام الروائية بمهرجان القاهرة، فاذا بها  في مقدمة  من أمضى ضد  رضا الباهي  عريضة تم توجيهها لوزيرة الثقافة رفضا لتكريم  المنتج اللبناني الصادق الصباح، معتبرين المسألة استثمارا للمصلحة الشخصية للباهي  وبأن الصبّاح لا يستحق التكريم بتاتا من أعرق مهرجان عربي وإفريقي،  ثم خلفت سنية  الشامخي رضا الباهي مديرة عامة –في بلدنا   من يراس ايام قرطاج السينمائية له صفة مدير عام؟ ولا احد يعلم الحكمة من هذه الفشخرة الكذابة؟ – لايام قرطاج السينمائية ، واول ما قامت به انها لم تدع  سلفها لمواكبة المهرجان …

من اجل ذلك لن نتقدم قيد انملة وسنظل نراوح مكاننا  تنخرنا المعارك الصغيرة

 


وقد أشاد الناقد الفني طارق  الشناوي بجوائز مهرجان القاهرة السينمائي في دورته 44, مؤكداً أنها افلام كانت متوقعة والجوائز مستحقة، ومنها افلام عربية، مشيراً إلى أن حصول  فيلم “19 ب” على جائزة أفضل فيلم عربي هي جائزة مستحقة كونه فيلماً متميزاً.

وأضاف: الفيلم مهم جدا ويتحدث عن تطبيق القانون، وأحمد عبد الله من أهم مخرجي الجيل، مهنئاً إدارة  المهرجان علي اختيارها ذلك الفيلم لتمثيل السينما المصرية.

وكان الفيلم أثار جدلا خلال اختيارات اللجنة المكلفة بترشيح الفيلم الذي يمثل مصر في مسابقة جوائز الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، حيث رفض المخرج المصري مجدي أحمد علي الدفع بفيلم “19ب” -الذي لم يعرض جماهيريا بعد- وقام بسحب فيلمه “2 طلعت حرب”، وانتهت نقابة المهن السينمائية في مصر بالإعلان عن عدم ترشيح أي فيلم يمثل مصر في منافسات الأوسكار.

وصعد المخرج أحمد عبد الله ثلاث مرات على الركح لتسلم جوائز الفيلم الثلاثة تحت عاصفة من التصفيق إحتفاء بتتويج الفيلم

تدور أحداث فيلم «19 ب» حول حارس عقار يعيش حياة روتينية في فيلا قديمة منذ ستينات القرن الماضي، لتصبح الفيلا عالمه الخاص، ولكن يكسر استقراره شاب يستغل الانهج المحيطة بالفيلا موقفا عشوائيا  للسيارات،  يريد اقتحام مساحته الخاصة، فكيف لرجل على عتبات الشيخوخة أن ينفرد بفيلا فسيحة “يرتع فيها الخيل” فيما يضطر الشاب “نصر” للسكن في غرفة تحت “السلّم” وحين يزوره والده القادم من بعيد يضطر للمبيت في العراء ليترك الغرفة الضيقة لابيه

لا شيء يمكن ان يقنع “نصر” بوجاهة منطق هذا العجوز الذي يخصص الفيلا لسكن الكلاب والقطط ويمنعه هو من استغلال جزء منها لتخزين “بضاعته” واستقبال  اقرانه  ليلا ” للفرفشة” والتخفيف من اثقال حياتهم الصعبة.

وجد  حارس العقار المُسن نفسه في مواجهة لم يتوقعها ولم يجد احدا يساعده فمحامي العائلة المالكة للعقار لم تعد له أي صلة لا بالعائلة ولا بمصالحها منذ اكثر من عشرين عاما، ولا يمكن اللجوء الى الشرطة خوفا من متاهات السين والجيم،

كان عليه ان يواجه الوضع الجديد بمفرده.

ولعل ما يميز فيلم 19ب انك لا تشعر بالضيق ولا  بالتكرار على الرغم من جريان الاحداث كلها في الفيلا  بين فضاءات داخلية واخرى خارجية(الحديقة،  الشارع امام الفيلا نفسها)
وهنا لا بد من التنويه باداء سيد رجب الاستثنائي فقد حمل الفيلم  على كتفيه، و سيد رجب، صاحب النجومية المتأخرة  صعد من خشبة المسرح إلى نجومية التليفزيون والسينما، بعدما قضى سنوات طويلة في تقديم أعمال مسرحية، قبل ان يتعرف عليه الجمهور، ويتعلق بأدائه وأدواره على الشاشة.

رغم إكمال سيد رجب لتعليمه، ودراسته للهندسة في كلية التكنولوجيا، إلا انه أصر على استكمال حلمه بأن يصبح ممثلاً، فسلك هذا الإتجاه، لكن كانت أغلب الأدوار التي قدمها في بداياته تتسم بالكآبة والحزن، حتى أن أصدقاءه لقبوه بـ”سيد المقهور”، حتى حاول التغريد بعيداً عن السرب، وجسد شخصية “أمنا الغولة”، وحقق معها نجاحا لافتا، حتى تعرف على المخرج خالد الحجر، وقدم معه فيلم “أحلام صغيرة” بطولة ميرفت أمين وصلاح السعدني، وتدرج في مجموعة من الأعمال السينمائية منها “الأولة في الغرام”، و”قبلات مسروقة”، ومسلسل “الأدهم” مع أحمد عز وغيرها من الأعمال، وكانت النقلة  في مشوار سيد رجب في فيلم “إبراهيم الأبيض” مع أحمد السقا، والذي جسد فيه شخصية “المعلم سراج”، أحد رجال الفنان محمود عبد العزيز، وحاول المخرجون توظيف ملامحه في الأدوار الشعبية أو ضمن أفراد الطبقة المطحونة، فشارك في مسلسل “الحارة”، وفي فيلم “صرخة نملة”، لكن سريعاً  ما  إنتقل إلى أدوار من نوعية أخرى، فجسد شخصية المحامي الخاص بالوزير الذي قدمه أحمد فؤاد سليم، وفي خطوة مميزة لسيد رجب قام بكتابة وبطولة فيلم “الشوق” مع المخرج خالد الحجر، ونال العمل كثير من الجوائز في مهرجانات عديدة، وشاركه في بطولته سوسن بدر، محمد رمضان، روبي، وشقيقتها كوكي، وأحمد عزمي

وبعيدا عما أثاره الفيلم الأخير من جدل قبل أن يراه أحد، يعد مخرجه ومؤلفه أحمد عبد الله السيد أحد أبرز المخرجين المصريين في العقد الأخير، حيث عرضت أفلامه في المهرجانات العالمية والعربية، وتوجت بجوائز مختلفة؛ أهمها التانيت الذهبي  في ايام قرطاج عن فيلمه “ميكروفون”، وأحسن فيلم عربي بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي السينمائي عن الفيلم نفسه.

كان أحمد عبد الله من أوائل المخرجين الشباب الذين قدموا أفلاما عدّها البعض تنتمي إلى تيار “السينما المستقلة”، أي السينما المصنوعة بميزانيات محدودة بعيدا عن شركات الإنتاج الكبرى وحسابات التوزيع التجاري وتعقيدات المكسب والخسارة مثله مثل المخرج إبراهيم بطوط صاحب فيلم “عين شمس”، أو المخرج أحمد رشوان في فيلمه “بصرة”، أو هالة لطفي في “الخروج للنهار”.

لكن احمد عبد الله  كان مدركا منذ البداية أهمية أن يضع عينيه على صناعة السينما كصناعة تجارية في المقام الأول، لذلك حرص في كل أفلامه على الاستعانة بنجوم كبار، لهم شهرتهم وقاعدتهم الجماهيرية العريضة، وأبرزهم الفنان خالد أبو النجا؛ بطل أفلامه “هليوبوليس” و”ميكروفون” و”ديكور”، أو آسر ياسين في “فرش وغطا”، أو الفنانة حورية فرغلي في “ديكور”

وربما لهذه الاسباب تمكن احمد عبد الله من الاستمرار في تقديم افلام سينمائية فيما توقف  رفاقه من تيار السينما المستقلة وفي مقدمتهم ابراهيم بطوط، فهو يكتب ويخرج أفلامه بنفسه (باستثناء ديكور وليل خارجي لم يكتبهما)، كما أنه كان حريصا على التعاون مع أحد أهم المنتجين المصريين في العقد الأخير محمد حفظي، واستطاعا معا أن يبلغا المهرجانات العالمية الكبرى، مثل مهرجان تورنتو.

وتحدث  المخرج احمد عبد الله عن فترة كتابة فيلم  19ب وصعوبتها، خاصة وأن الفيلم تمت كتابته خلال  فترة العزل الصحي  لجائحة فيروس كورونا وكيف أثر ذلك على قصة الفيلم، وذلك في حوار مطول، جاء به:

  • كم استغرقت النسخة الأولى من الفيلم، وكم نسخة كتبت حتى وصلت للنسخة النهائية؟

كتبت الفيلم في فترة كوفيد 19 وعزلته، لذلك كنت مرتبطًا بأفكار الوحدة وأن الشخص يعيش في البيت بمفرده، وعن مرور الزمن على الإنسان، لذلك الفيلم مستوحى من مشاعري في تلك الفترة، وفي الواقع لم أكتب النسخة الأولى من الفيلم في وقت طويل، أعتقد كتبته في أسبوعين أو ثلاث أسابيع، لأني كنت متفرغًا تمامًا والوقت طويل، وقدمت النسخة الأولى للمنتج محمد حفظي وتحمس جدًا للفيلم، وبالتالي طورت السيناريو وكتبت النسخة الثانية فالثالثة وبدأنا العمل.

  • هل واجهتك صعوبات في كتابة الشخصية؟

شخصية الحارس وهي الشخصية الأساسية التي أصرينا ألا نعطيها اسم، كنت أرها كثيرًا في منطقة الزمالك بإحدى البيوت القديمة شبه المغلقة، حيث كان بها رجل كبير أراه كل فترة يخرج ليطعم القطط، فبنيت القصة وأنا أتخيل حياة هذا الرجل وفي نفس الوقت أحاول أن أحكي من خلالها حياته، وكانت كل الأسئلة التي تشغل بالي في تلك الفترة عن علاقتي بالمدينة وعلاقتي بنفسي وعلاقتنا جميعًا بالخوف وكيف نواجه ونسيطر عليه.

  • الحيوانات متواجدة بشكل قوي في الأحداث، فما هي فلسفة حضورهم وكيف نفذت المشاهد معهم؟

الجزء التنفيذي به العديد من القصص معي ومع جميع طاقم العمل يمكن الحديث عنها لشهور، ولكن طبعًا أخذت وقت ومجهود كبير لأننا اكتشفنا أن مدربين الحيوانات التي تعمل في السينما غير معتادين على العمل بكلاب بلدي فبالتالي أغلب الكلاب بالفيلم هي كلاب غير مدربة أو متعلمة، وجميع من في موقع التصوير يحب الكلاب لذلك لم نكن نضغط عيلهم وندفعهم للتصوير، وأحيانًا نصور مشهد وعند إعادته نجد أن الكلاب لا يريد أن يصور ويريد أن ينام، وطوال الوقت نحاول أن نغريهم بالأكل.

وحاول الأستاذ سيد رجب التقرب منهم وبالفعل أصبحوا أصدقاءه، وفي مشهد النهاية سنجد ردة فعل لأحد الكلاب تلقائية وغير متوقعة تمامًا، نتيجة هذه العشرة طوال فترة التصوير، كما أننا عملنا تقريبًا مع أربع مدربين ومشرفين على الحيوانات، وبلغ عدد الحيوانات الأساسية التي نراها على الشاشة أربعة قطط كبار غير القطط الصغيرة وكلبين تقريبًا، وأيضًا كان يوجد حيوانات صغير جدًا اعتبرت موقع التصوير بيتهم، فلم نرد أن نخرجهم بعد التصوير إلى الطبيعة مرة أخرى وفضلنا أن نجد لهم بيوت، أما الجزء الفلسفي في الفيلم فقد جاء من الرجل الذي رأيته يطعم الحيوانات في الفيلا القديمة، فلم يعد الأمر مقتصرًا على بعض الأشخاص التي تُطعم الحيوانات في الشارع حبًا لهم، بل هناك رجل فقير قادر على أن يجدالصداقة والألفة والود المحروم منه.

  • سبب اختيار الأغاني وتوظيفها في الفيلم؟

توظيف الأغاني جاء ليعبر عن عالم حارس العقار، الذي يعتقد في قراره نفسه أنه هو مالك الفيلا، فيعيش حياة يُحاكي بها الحياة البرجوازية المصرية، ويتصوّر أنه الباشا في فيلا تنهار عليه، ولكنه يجد السعادة في تلك الأغاني التي يسمعها يوميًا، وذلك على عكس نصر السايس، الذي يفضل أغاني الراب والمهرجانات، ونحن هنا لا نقف في صف أي نوع من الأغاني، بل نقول أن هناك نوعين، يمكننا أن نسمع الاثنين معًا، وهذا ما لم يتمكنوا من فعله، أن يعايشوا سويًا ويتقبلوا اختلافهما، وهذه هي قصة الفيلم، لذلك قررت فصل نوعية الموسيقى مثلما فصلت طبيعة الشخصيتين.

  • هل اختيار سيد رجب كان محددًا من فترة الكتابة أم أنه كان ممن ضمن عدة اختيارات؟

بالتأكيد كانت لدينا أفكار، لكن كنت أريد أن أعمل مع الأستاذ سيد رجب، فأنا أعرفه من أيام تمثيله في فرقة الورشة بينما كنت في بداية طريقي لتعلم الإخراج، وكنت أشاهده وهو يمثل في الورشة مع الأستاذ أحمد كمال وكان ذلك بالنسبة لي شيء مدهش، وتولّدت بداخلي رغبة في العمل معه يوم من الأيام، وفي الحقيقة كانت هناك مشاريع سابقة لم نتمكن خلالها من العمل معًا، لكنّا تمكنا في هذا الفيلم، بجانب أنه تحمّس للشخصية جدًا، وفهمها بشكل سريع وأضاف أيضًأ أفكار بسيطة ولكنها فعالة، كما قام بتفريغ وقت من جدوله وأراني أداء تمثيلي لممثل حقيقي يريد أن يمثل الدور، وكان يعلم أن التصوير سيكون دون انقطاع، وأننا سنصوّر الفيلم في أربعة أسابيع دفعة واحدة ولن نتمكن من العودة لموقع التصوير مرة أخرى.

  • إلى ماذا يشير الحجر في الفيلم؟

الحجر يعبر عن شعور الحارس بالغزو والانتهاك وأنه يوجد شيء غريب في بيته، وأيضًا يبدو غريب عن المكان لكن في نفس الوقت يمكن أن تكون فيه بسهولة، واعتقد أنه مشابه جدًا لفكرة الفيلم، وفي الحقيقة تعبت حتى وجدته، لأن في السيناريو كان من المفترض أن تكون حجرة كبيرة من حجارة الرصيف، ولكنني وجدت في مخزن أمجد نجيب مهندس الديكور نصف جزع شجرة قديم جدًا، فقررت استخدامها، والكثير ممن شاهدوا الفيلم اعتقدوا أنها حجرة فوم، لدرجة أن أحد من الأصدقاء شاهد الفيلم وقال أنه غير معقول أن ينهج ويعافر حارس العقار في تحريكها لهذه الدرجة، ولكن الحجرة ثلاث أشخاص لا يستطيعوا رفعها، والأستاذ سيد رجب في هذا المشهد اتفق معنا على أنه لن يستطيع أن يفعلها إلا لمره واحدة فقط، لأنه حقيقي تحريكها صعب.

  • لماذا أطلقت على الفيلم اسم 19 ب؟

اخترت 19 ب لأنه يوحي بأن البيت قديم وعريق، ومع الوقت تُبنى بيوتًا جديدة ويتحول البيت ليس لمجرد بيت مهجور ومنسي بل أيضًا لبيت لا يستحق أنه يكون له رقم خاص، فأصبح 19 ب، لأنه يوجد في نفس الشارع 19 أ، وهذا يحدث في العديد من الشوارع، وهو أمر مصري جدًا، سكان القاهرة يعرفونه، فبعضهم ينتقل من البيت القديم إلى بيت جديد بجواره، فيأخذ البيت الجديد جزء من الرقم، ثم يُنسي القديم ويُصبح الجديد هو الأساسي.

*محمّد بوغلاّب، القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.