قرر زعماء دول في غرب أفريقيا يوم الأحد تشكيل قوة لحفظ السلام للتدخل، ليس فقط ضد الجهادويين، وإنما أيضا من أجل المساعدة في استعادة الأمن والنظام الدستوري في دول المنطقة، التي شهدت عدة انقلابات خلال العامين الماضيين.
وخطت منطقة غرب ووسط أفريقيا خطوات واسعة خلال العقد الماضي، بهدف التخلص من وصمها باسم “حزام الانقلابات”، لكن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تريد أن تفعل المزيد، لتعزيز الحكم الدستوري في الدول الأعضاء بها.
وقال الزعماء في بيان بعد قمة سنوية في العاصمة النيجيرية أبوجا: “قرر قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إعادة ضبط هيكلنا الأمني لضمان قدرتنا على حفظ أمننا في المنطقة…القادة عازمون على تشكيل قوة في المنطقة ستتدخل عند الحاجة سواء كان ذلك في مجال الأمن أو الإرهاب (أو)… لاستعادة النظام الدستوري داخل الدول الأعضاء”. ولم تذكر إيكواس أي تفاصيل عن كيفية تشكيل القوة لكنها قالت إن قادة الدفاع سيجتمعون الشهر المقبل لتحديد كيفية عملها.
وقال دبلوماسي من غرب إفريقيا لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن إيكواس ستفرض عقوبات إن لم يتحقق ذلك. وأضاف توراي أيضا أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تحتفظ بحق التحرك، في حال لم يتم الافراج عن الجنود قبل الأول من جانفي
وأضاف الدبلوماسي من غرب إفريقيا أن رئيس توغو فور غناسينغبي الذي يقوم بمساعي حميدة بين مالي وساحل العاج في هذه الأزمة، سيتوجه إلى مالي “للمطالبة” بالإفراج عن الجنود.
“صراع قوة”
تخوض مالي صراع قوة مع ساحل العاج وإيكواس منذ اعتقلت 49 جنديا من ساحل العاج في 10 جويلية عند وصولهم الى باماكو. تم إطلاق ثلاثة منهم منذ ذلك الحين.
تؤكد ساحل العاج والأمم المتحدة أن هؤلاء الجنود كان يفترض أن يشاركوا في ضمان أمن الكتيبة الألمانية، العاملة ضمن قوة حفظ السلام الدولية في مالي، لكن باماكو قالت إنها تعتبرهم “مرتزقة” جاؤوا للمساس بأمن الدولة.
وكانت إيكواس قررت خلال قمة استثنائية في سبتمبر أن ترسل الى مالي وفدا رفيع المستوى لمحاولة نزع فتيل الأزمة. لكن لم يتم إحراز أي تقدم بعد هذه المهمة التي جرت في نهاية سبتمبر.
توسع انتشار الجهادويين
وأضاف توراي أن قادة ايكواس “قرروا إعادة ضبط البنية الأمنية”، موضحا أن الامر يتعلق بتولي “أمننا الخاص” وليس فقط الاستعانة بأطراف خارجية، وقال: “هم مصممون على إنشاء قوة إقليمية تتدخل عند الضرورة، سواء كانت مسألة أمن أو إرهاب أو إعادة النظام الدستوري في الدول الأعضاء”.
وتشهد عدة دول في المنطقة انتشارا للجهاديين انطلقوا من شمال مالي ووصلوا الى وسط هذا البلد، لكن أيضا بوركينا فاسو والنيجر ويتوسع وجودهم نحو الجنوب وخليج غينيا. الجيوش الوطنية عاجزة الى حد كبير وتتعاون مع أطراف خارجية، الأمم المتحدة وفرنسا او حتى روسيا.
ويعد انعدام الأمن عاملا أساسيا في الانقلابات العسكرية التي هزت المنطقة منذ عام 2020 ، في مالي وبوركينا ولأسباب أخرى في غينيا. وقال توراي إن مسؤولين عسكريين من المنطقة سيجتمعون في النصف الثاني من جانفي لمناقشة آليات تشكيل القوة الإقليمية، وأضاف قوله إن قادة دول غرب افريقيا قرروا من أجل التمويل، عدم الاعتماد فقط على المساهمات الطوعية التي أظهرت محدوديتها بدون اعطاء المزيد من التفاصيل. وبحث قادة دول غرب افريقيا أيضا الوضع في مالي وبوركينا فاسو وغينيا، الدول الثلاث التي تولى فيها العسكريون السلطة بالقوة منذ 2020.
وتمارس الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا القلقة من عدم الاستقرار أو حصول انقلابات أخرى، ضغوطا منذ أشهر من أجل عودة المدنيين في أسرع وقت ممكن الى السلطة في هذه الدول وبينها اثنان، مالي وبوركينا، تعانيان من اضطرابات خطرة بسبب تحركات الجهاديين الآخذة بالاتساع. وكانت مالي وبوركينا فاسو مسرحا لانقلابين في خلال أقل من سنة.
“قلق جدي”
علقت عضوية الدول الثلاث في هيئات صنع القرار في إيكواس. وتعهد العسكريون تحت الضغط التخلي عن السلطة في غضون عامين وبعد فترة انتقالية يؤكدون أنهم يريدون خلالها “إصلاح” دولتهم.
بحث قادة دول غرب افريقيا التدابير التي اتخذها البعض على طريق ما يسمونه “عودة الى النظام الدستوري”. في مالي “يجب أن يعود النظام الدستوري في أقرب وقت” كما قال توراي.
وفي حال تم احترام موعد مارس 2024 بعد أشهر من خلاف مع المجموعة الاقتصادية، وحظر تجاري ومالي مشدد تم رفعه حاليا، فان “المرحلة الانتقالية” تكون استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة.
في غينيا، حض توراي المجلس العسكري على إشراك كل الأطراف والمجتمع المدني في العملية التي يفترض أن تقود المدنيين الى السلطة. وتقاطع الأحزاب الرئيسية وقسم كبير من المجتمع المدني عرض الحوار الذي قدمته السلطات.
اما بخصوص بوركينا فاسو، فقد عبر توراي عن “القلق الجدي” من جانب الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا أمام تطورات الوضع الأمني والأزمة الانسانية. وعبر عن “الرغبة في دعم بوركينا التي تشهد أزمة خطيرة”.
في بوركينا فاسو، تبنى الرجل القوي الجديد الكابتن إبراهيم تراوري تعهدات اللفتنانت-كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا، بعدما أطاح به في سبتمبر، ووعد في جويلية بإجراء انتخابات في جويلية 2024 على أبعد تقدير.