مونديال 2022ـ استقبال الأبطال لـ “أسود الأطلس” في المغرب
احتشد عشرات الآلاف لاستقبال المنتخب المغربي في العاصمة الرباط بعد عودة “أسود الأطلس” من مشاركة تاريخية في مونديال قطر، وبعدما بات أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى الدور نصف النهائي. ولم تغب أمهات اللاعبين عن مشهد الاحتفال.
اصطف يوم الثلاثاء (20 ديسمبر 2022)الرجال والنساء من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية على جنبات شوراع وساحات رئيسية في العاصمة المغربية الرباط منذ العصر، في انتظار مرور أعضاء الفريق الوطني المغربي لكرة القدم على متن حافلة مكشوفة زينت بألوان العلم المغربي.
كما زُينت الحافلة بعبارة “ديما (دائماً) (الـ) مغرب” التي دأبت الجماهير على تردادها احتفاء بانتصارات المنتخب الوطني، ورسم بخطوط ذهبية رأس أسد، تيمناً باللقب الذي يكنّى به المنتخب.
وقدم البعض من خارج الرباط مثل آدم نجاح (27 عاماً) من مدينة مكناس (حوالي 160 كيلومتراً شرق العاصمة) “لأحتفل بهذه القصة الجميلة التي كتبها المنتخب في كأس العالم، ولو أننا عانينا من بعض القرارات التحكيمية غير العادلة”، كما قال لوكالة “فرانس برس”.
وأضاف، الشاب الذي يعمل نادلا في مطعم، راسما على محياه ابتسامة عريضة “أنا فخور جداً بالمنتخب الوطني، ومن يدري ربما نفوز بالكأس المرة القادمة”.
حشود في انتظار مرور الموكب
سطّر المغرب اسمه بأحرف منذ ذهب في النسخة الأولى لكأس العالم في الشرق الأوسط والعالم العربي، مونديال قطر 2022 ، وأبلى البلاء الحسن أمام أقوى المنتخبات العالمية قبل أن يتوقف حلمه بخسارة أمام فرنسا حاملة اللقب عام 2018 ووصيفة النسخة الحالية في نصف النهائي.
وتوشح الكثيرون بالأعلام الوطنية وارتدوا قمصان المنتخب، فيما كانت مجموعات متفرقة من المحتشدين تردد النشيد الوطني، في انتظار مرور موكب المنتخب. وبمجرد وصوله شارع محمد الخامس، الذي يخترق وسط العاصمة، تعالت صرخات الاحتفاء والزغاريد وأهازيج شعبية.
بينما أطلقت مجموعات من المشجعين شهبا اصطناعية حمراء وألعابا نارية في الهواء، قبل أن تمر الحافلة بسرعة. وكان اللاعبون، ومعهم المدرب وليد الركراكي، يردون التحية على الجماهير حاملين الأعلام الوطنية. فيما كانت تتبعها حافلة ثانية مغطاة تقل أمهات اللاعبين اللواتي تواجدن بجانبهم في قطر.
في الأثناء كان عبد الجبار بوروة (54 عاماً) يسارع الخطوات ليلقي نظرة على “اللاعبين و(المدرب) وليد الركراكي.. كنت أود لو أحضنهم وأقبلهم، إن شاء الله المرة القادمة سنفوز بالكأس”، كما قال مبتسماً.
وأضاف الرجل الذي يعمل في مصرف “لا أستطيع أن أصف فرحتي، لقد جعلوا المغاربة والعرب والأفارقة فخورين، وأظهروا للدول التي لم تصل قط إلى نصف نهائي المونديال أن بإمكانها تحقيق ذلك”.
بينما أبدى آخرون أسفا لمرور الموكب، الذي انتظروه طويلا، بسرعة كان العديد من المشجعين يرفعون هواتفهم لتخليد اللحظة في فيديوهات أو صور. وقالت الطالبة ليلى مسور (19 عاماً) “منذ مدة طويلة لم أشعر بهذا القدر من السعادة.. مروا بسرعة لكن لا يهم، المهم أنني عشت هذه اللحظة”.
وفي حين بدأت الحشود تتفرق في أجواء صاخبة، واصلت مجموعات من المشجعين الاحتفال في بعض أرجاء الشارع الذي تتوسطه أشجار نخيل رقصا على إيقاعات أغاني شعبية مرتجلة، في مشهد اعتاده هذا الشارع وشوارع أخرى في مدن المملكة منذ التأهل للدور الأول وحتى المربع الذهبي.
استقبال ملكي على شرف “أسود الأطلس”
وتواصل الاحتفاء بالإنجاز التاريخي للكرة المغربية في القصر الملكي بالرباط، حيث استقبل الملك محمد السادس اللاعبين، والمدرب الركراكي ورئيس الاتحاد فوزي لقجع، وقلدهم أوسمة ملكية. وكان الركراكي ولاعبو المنتخب برفقة أمهاتهم، “تكريماً لهؤلاء النساء المغربيات اللواتي حرصن على تلقين أطفالهن مبادئ الوطنية والتضحية والانتماء للوطن”، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء المغربية.
وأثار وصول منتخب “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي العرس الكروي العالمي، متخطياً منتخبات أوروبية كانت مرشحة للمنافسة على اللقب، شغفاً وإعجابا تخطيا حدود المغرب والمستطيل الأخضر ليعتبر هذا الإنجاز مثالا يجب أن يحتذى به في كافة المجالات، كما أشارت العديد من وسائل الإعلام المحلية.
وكان المغرب أول بلد إفريقي وعربي يتأهل للدور الثاني في نهائيات كأس العالم في مونديال المكسيك 1986، لكنه انتظر طويلا لتخطي هذا الإنجاز خلال مشاركته السادسة في قطر. وفي وقت باتت الجماهير المغربية تحلم منذ الآن بالمنافسة على لقب بطولة أمم إفريقيا عام 2024، شدد بعض المحللين الرياضيين على ضرورة استثمار هذا الإنجاز بإطلاق سياسة شاملة للنهوض بمختلف الرياضات.