تونس.. اعتقال عشرات المهاجرين قرب الحدود الجزائرية
أعلنت السلطات التونسية، الخميس، أنها اعتقلت عشرات المهاجرين قرب الحدود مع الجزائر، وذلك بعد يومين من زعم الرئيس التونسي، قيس سعيد، بأن هناك مخططا لـ “تغيير التركيبة الديموغرافية لبلاده من خلال جلب أفارقة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء”.
وقال سعيد، الثلاثاء، إن ثمة حاجة إلى “إجراءات عاجلة” لمعالجة دخول المهاجرين غير الشرعيين من دول منطقة أفريقيا جنوبي الصحراء “مع ما يؤدي إليه ذلك من عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلا عن أنها مجرمة قانونا”.
وأمر سعيد باستجابة سريعة “على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس واجتياز الحدود خلسة”.
“عاصفة” بعد التصريحات
وأثارت تصريحات سعيد، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، عاصفة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك إدانات من منظمات غير حكومية، حسب أسوشيتد برس.
ويشار إلى أن تونس، التي حظيت بالإشادة سابقا باعتبارها الديمقراطية الوحيدة الناشئة في العالم العربي، شهدت مؤخرا حملة قمع بحق السياسيين والنشطاء المعارضين.
وندد مجلس الأعمال التونسي الأفريقي في بيان، الخميس، بما وصفها “الممارسات العنصرية (..) التي تنشر الذعر بين طلاب أفريقيا جنوب الصحراء في الجامعات التونسية”.
وقال إنه يجب “بعث رسالة طمأنة للطلبة الأفارقة، وإعطاء تعليمات واضحة لقوات الشرطة بشأن دورهم في حماية أمن وسلامة الناس بما في ذلك حقوق الأجانب”.
وفي الأثناء، قالت السلطات في ولاية القصرين القريبة من الحدود الغربية لتونس مع الجزائر، الخميس، إن قوات الأمن ألقت القبض على 69 مهاجرا من جنسيات مختلفة خلال الـ48 ساعة الماضية لدخولهم البلاد بشكل غير قانوني.
ولا توجد إحصاءات رسمية حديثة عن عدد المهاجرين من منطقة جنوب الصحراء في تونس، لكن إحصاء يعود إلى عام 2021 أشار إلى أن عددهم يقدر بنحو 21 ألفا، حسب أسوشيتد برس.
ويدخل المهاجرون بشكل أساسي إلى تونس من الجزائر وليبيا، وعادة ما يرغبون في مواصلة رحلتهم إلى أوروبا.
وفي السياق، قال، مستشار الرئيس التونسي، وليد الحجام، الأربعاء إن “الإجراءات التي ستتخذها السلطات التونسية في ما يتعلق بملف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء لن تمس حقوق الإنسان وعلاقات تونس مع الدول الأفريقية”، حسب أسوشيتد برس.
وأضاف في تصريحات للقناة التاسعة التونسية أن “تونس ليست ضد تواجد الأجانب من الجنسيات الأفريقية جنوب الصحراء وهم موضع ترحيب بصفتهم طلبة ومرضى وسياحا وغيرهم في كنف احترام القوانين التونسية”.
وكان من بين الموقوفين مؤخرا، المدير العام لإذاعة “موزاييك إف إم”، نور الدين بوطار، الذي اعتقل في وقت سابق من هذا الشهر.
وتلا ذلك، وفي نهاية الأسبوع الماضي طرد إستر لينش، الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات، التي اتهمت بالتدخل “في الشؤون الداخلية التونسية” بعد إلقاء خطاب أمام تجمع مناهض للرئيس. واعتقلت الشرطة، الأربعاء، الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والناشطة شيماء عيسى.
سعيد “يطمئن” ويوضح
ولاحقا حاول سعيد الخميس طمأنة المهاجرين الآتين من أفريقيا جنوب الصحراء والمقيمين في تونس بشكل قانوني، وذلك ردا على الجدل الذي أثارته تصريحات أدلى بها الثلثاء واعتبر حقوقيون أنها تنطوي على “عنصرية وكراهية”.
وخلال اجتماع مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين تناول الوضع الأمني في البلاد، وقال سعيد: “فليطمئن من هو في تونس ومن هو مقيم بصفة قانونية”.
وأضاف بحسب فيديو نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها في موقع فيسبوك: “أود أن أتوجه إلى كل المسؤولين في كل المستويات، أن أوصيهم خيرا بكل الأشقاء الأفارقة المقيمين في تونس بصفة قانونية، وأن لا يتعرضوا لأحد بسوء”.
لكن الرئيس التونسي شدد على أنه “لا يمكن أن نسمح لأي شخص بأن يقيم بصفة غير قانونية”.
وإذ أكد سعيد أن “الأفارقة الموجودين في تونس هم ضحايا في بلدانهم (..) وهناك من يستغلهم أيضا في تونس بصفة غير قانونية”، وشدد على أنه “لابد من تطبيق القانون على الجميع”، وفق ما نقلت فرانس برس.
وتابع: “لن نسمح بالمساس بالمؤسسات التونسية، ولن نسمح بتغيير التركيبة الديموغرافية” للبلاد.
وفي خطابه المثير للجدل شدد سعيد على وجوب اتخاذ “إجراءات عاجلة” لوقف تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين” وما يؤدي إليه هذا الوضع من “عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلا عن أنها مجرمة قانونا”.
وأثار هذا التصريح تنديد منظمات حقوقية تونسية. وقال الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لوكالة فرانس برس “إنه خطاب مغرق في العنصرية وفي الكراهية للأسف”.
لكن سعيد جدد الخميس القول إن من اتهموه بالعنصرية “يبحثون عن الفرقة والفتنة والمساس بعلاقاتنا بأشقائنا الأفارقة”.
وفي تونس البالغ عدد سكانها 12 مليون نسمة هناك ما يزيد عن 21 ألف مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء، غالبيتهم مهاجرون غير نظاميين، حسب فرانس برس.
حملة اعتقالات
ويذكر أنه ضمن الحملة، اعتقلت الشرطة التونسية، الخميس، عز الدين الحزقي، وهو أحد أشد المنتقدين لسعيد ووالد المعارض البارز جوهر بن مبارك الذي اعتقل الأربعاء، وفقا لابنته.
وقالت ابنته المحامية دليلة بن مبارك عبر الهاتف إن الشرطة احتجزت الحزقي في منزله وأخذت هاتفه، حسب رويترز.
ويأتي الاعتقال وسط حملة استهدفت المعارضة هذا الشهر وشملت منتقدين بارزين لسعيد بمن فيهم سياسيون معارضون ونشطاء ومدير إذاعة موزاييك، بالإضافة إلى رجل أعمال مؤثر وقاضيين.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد إزاء الاعتقالات وحثت جماعات حقوقية سعيد على تغيير مساره.
وأيضا مثل رئيس حزب النهضة، أحد أكبر الأحزاب السياسية في تونس ورئيس البرلمان المنحل، راشد الغنوشي، الخميس، أمام وحدة مكافحة الإرهاب، للحرس الوطني بالعاصمة التونسية، وذلك للتحقيق معه بشأن دعوى رفعها عنصر أمني، حسب ما أفاد مراسل “الحرة” في تونس.
وتتعلق الدعوى بتسجيل صوتي لاجتماع الغنوشي بأشخاص سلفيين وفق نص الشكوى المقدمة.
ويذكر أنه في 21 فيفري ، مثل الغنوشي أمام قاضي تحقيق لمكافحة الإرهاب لاستجوابه بشبهة التحريض على الشرطة وهو ما ينفيه هو وحزب النهضة.
ولم تعلق الشرطة ولا القضاء علانية على القضية. وقال محامو الغنوشي يومها، إن الاتهام استند إلى شكوى من أفراد من الشرطة بشأن خطاب ألقاه زعيم النهضة العام الماضي في جنازة عضو بالحزب وقال فيه إن الفقيد “لا يخشى حاكما أو طاغوت، إن كان يخشى الله فقط”.
واعترض أفراد الشرطة على استخدام كلمة طاغوت معتبرين أنها نفس اللغة التي يستخدمها الإسلاميون المتشددون لوصف السلطات ورجال الشرطة.
ووصف الغنوشي (81 عاما) الدعوى المرفوعة ضده بأنها “فارغة وملفقة واستمرار للاستهداف السياسي لخصوم قيس سعيد”. وكان في استقباله العشرات من مؤيديه ونشطاء خارج المحكمة، وفق رويترز.
وكان حزب النهضة، وهو الحزب الإسلامي الرئيسي في تونس، جزءا من حكومات ائتلافية متعاقبة إلى جانب الأحزاب العلمانية بعد ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية وأطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي، حسب الوكالة.
وأصدر سعيد الذي انتخب في 2019 قرارا بحل البرلمان المنتخب في 2021 وسيطر على معظم السلطات وتحرك للحكم بمراسيم قبل إعادة كتابة الدستور وإقراره في استفتاء العام الماضي.
ويقول سعيد إن أفعاله قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى لكن الغنوشي وغيره من قادة الأحزاب السياسية اتهموه بالانقلاب على الديمقراطية.