إيطاليا تعلن حالة الطوارئ للحد من توافد المهاجرين عبر البحر المتوسط
في إجراء استثنائي، أعلنت السلطات الإيطالية أمس الثلاثاء فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر على الأقل، بهدف إدارة أعداد المهاجرين الوافدين إليها من سواحل شمال أفريقيا. وذلك سيتيح للحكومة اليمينية المتشددة تنفيذ قرارات سريعة لمنع وصول الوافدين أو إبعادهم، في ظل وصول أعداد قياسية من قوارب المهاجرين إلى جزر وسواحل إيطاليا الجنوبية.
بناء على اقتراح من وزير الحماية المدنية والسياسات البحرية نيلو موزوميتشي، وافقت الحكومة الإيطالية أمس الثلاثاء على فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر على الأقل في جميع أنحاء البلاد في ظل تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط.
وقالت رئيسة الوزراء اليمينية المتشددة جورجيا ميلوني، إن قرار حالة الطوارئ بشأن الهجرة يهدف إلى “تقديم استجابات أكثر فاعلية وفي الوقت المناسب لإدارة التدفقات”. إذ خلال الأشهر الثلاث الأولى من العام الجاري، وصل أكثر من 26 ألف مهاجر بحرا إلى إيطاليا مقابل 6,400 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني زيادة بنسبة 317%.
أي بحسب الرواية الرسمية، يهدف قرار الحكومة الإيطالية بإعلان حالة الطوارئ المدعومة بقرض مبدئي بقيمة خمسة ملايين يورو، إلى ضمان إدارة أفضل للمهاجرين الوافدين وتخصيص المزيد من الأموال لمراكز الاستقبال.
لكن ذلك لا يقتصر فقط على تحسين ظروف الاستقبال وإنما يهدف أيضا إلى تسريع إجراءات ترحيل المهاجرين الوافدين بعيدا عن إيطاليا، وذلك عبر تعزيز إجراءات تحديد هوية الأشخاص وإبعادهم.
وفقا للمعلومات الأولية المتوافرة، أشارت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، إلى أن الحكومة ستعين مفوّضا تكون من مسؤوليته فتح مراكز استقبال في الأماكن التي يتركز فيها العدد الأكبر من الوافدين إلى إيطاليا. كما لفتت إلى أن المبلغ المخصص لحالة الطوارئ، يمكن أن يصل إلى 300 مليون يورو.
وكان حزب الرابطة، بزعامة ماتيو سالفيني، قدم 21 مقترحا على مرسوم الهجرة الذي أقره مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير ببلدة كوترو التابعة لمحافظة كروتوني بمقاطعة كالابريا جنوب البلاد. وذلك بعدما شهدت سواحل كالابريا حادثة غرق قارب مهاجرين في فيفري الماضي، أودت بحياة 86 شخصا على الأقل.
وتتضمن المقترحات، بحسب قناة “سكاي إيطاليا” الرسمية، فرض قيود أكثر صرامة على منح طالبي اللجوء حق الحماية الدولية. وبالتالي، مع إعلان حالة الطوارئ، من الممكن إعادة النظر بطلبات الأحزاب اليمينية المتطرفة بزيادة المدة القانونية المحددة لاحتجاز المهاجرين في مراكز الترحيل، وتمديد الفترة القصوى من 90 يوما (قابلة للتمديد 30 يوما) إلى 180 يوما (قابلة للتمديد 30 يوما).
كما تدعو الحكومة الإيطالية الاتحاد الأوروبي للتدخل وتنفيذ وعوده ببرامج إعادة التوطين وتوزيع الوافدين على باقي الدول الأوروبية.
وإثر الإعلان عن حالة الطوارئ، نقلت وكالة “أنسا” الإيطالية عن وزير البحر والحماية المدنية نيلو موزوميتشي قوله “لنكن واضحين، لسنا نحل المشكلة، الحل يكمن فقط في التدخل المسؤول من جانب الاتحاد الأوروبي”.
ويأتي القرار الإيطالي بالتزامن مع الاتهامات المستمرة لمالطا بتجاهل نداءات استغاثة قوارب المهاجرين التي تعبر المياه الواقعة تحت مسؤولية مالطا، وبالتالي ترك هذه القوارب الإبحار باتجاه إيطاليا.
وتتخذ عادة السلطات الإيطالية قرار الإعلان عن حالة الطوارئ عند وقوع كوارث طبيعية (فيضانات أو زلازل..)، أو لمنع تفشي أمراض معينة (فيروس كوفيد 19 على سبيل المثال). لكن في العام 2011، اتخذت إيطاليا قرارا مماثلا بشأن الهجرة في عهد رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني الذي واجه تهم فساد وفضائح جنسية.
اكتظاظ مركز الاستقبال على جزيرة لامبيدوزا
ومن المفترض أن تساعد حالة الطوارئ المعلنة في تمويل إجراءات الاستقبال، وتخفيف الضغط عن المدن والجزر المطلة على المتوسط والتي تصل إليها أغلب القوارب.
خلال الأسابيع الماضية، أبحرت عشرات القوارب من سواحل شمال أفريقيا، لا سيما تونس، إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي لا تبعد سوى 190 كيلومترا عن سواحل تونس الشرقية. وبحسب أرقام المنظمة الدولية للهجرة، أبحر خلال الثلث الأول من العام الجاري ما لا يقل عن 12 ألف مهاجر من تونس، مقارنة بـ1300 خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأدت تلك الزيادة إلى اكتظاظ مركز الاستقبال في الجزيرة المتوسطية، والذي من المفترض أن يوفر مكان استقبال مؤقت لحوالي 400 شخص كحد أقصى، إلا أنه في الأيام الأخيرة استقبل حوالي ثلاثة آلاف شخص، ما دفع السلطات الإيطالية إلى استئجار عبّارات تجارية لنقل مئات المهاجرين إلى جزيرة صقلية أو البر الرئيسي.
أمس الثلاثاء، كان حوالي 1600 مهاجر يقيمون في مركز لامبيدوزا، وأعلنت السلطات أنها عند تحسن الظروف الملاحية ستنقل حوالي 400 مهاجر. وقالت مديرة المركز لورينا تورتوريتشي، للقناة الإيطالية “هناك العديد من النساء اللواتي لديهن أطفال صغار، بالإضافة إلى وجود قاصرين غير مصحوبين بذويهم”. وأضافت “نحن في حالة طوارئ. يحاول الموظفون أن يفعلوا ما في وسعهم”.
ووفقا لإحصاءات وزارة الداخلية، يتحدر أغلب الوافدين من ساحل العاج، يليهم أشخاص من مصر وتونس وبنغلاديش وغينيا وباكستان.