خلال لقاء صحافي أمس الخميس، هاجم وزير الداخلية الفرنسية رئيسة وزراء إيطاليا اليمينية المتشددة جورجيا ميلوني قائلا إنها “عاجزة عن حل مشاكل الهجرة”، في ظل تزايد أعداد الوافدين إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط انطلاقا من سواحل شمال أفريقيا، لا سيما تونس.
فجرت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أزمة دبلوماسية، ألغى إثرها وزير الخارجية الإيطالي زيارة مقررة الخميس إلى باريس كان سيلتقي خلالها نظيرته الفرنسية.
وشبّه دارمانان في لقاء على إذاعة “RMC” رئيسة وزراء إيطاليا بالسياسية اليمينية المتشددة مارين لوبان، قائلا إنها “عاجزة عن حلّ مشاكل الهجرة” والتعامل مع موجة الوافدين إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط.
وقال دارمانان إن حكومة “اليمين المتطرف التي اختارها أصدقاء السيدة (مارين) لوبان، عاجزة عن حل مشاكل الهجرة بعدما انتُخبت على هذا الأساس” ولم تف بتعهداتها بالحد من تدفق المهاجرين. وأضاف أن إيطاليا تواجه “أزمة هجرة خطيرة جدا”.
فيما اعتبر وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني أن تلك التصريحات “مهينة” بحق الحكومة و”غير مقبولة”، معلنا في تغريدة على تويتر إلغاء زيارته إلى باريس.
الحدود الإيطالية الفرنسية
جاءت تصريحات دارمانان ردا على سؤال متعلق بملف الهجرة، في الوقت الذي تشهد فيه المناطق الحدودية الفرنسية مع إيطاليا توافد المزيد من المهاجرين، إذ تعتبر بلدة مونتون الصغيرة بوابة دخول لهؤلاء الوافدين الجدد.
وفي فيفري الماضي، أطلقت السلطات المحلية في جنوب شرق فرنسا، نداء إلى الحكومة للاستجابة للـ”الانفجار” في أعداد المهاجرين الوافدين إليها، بعد أن وصل إلى المحافظة عدد قياسي من القاصرين غير المصحوبين بذويهم في عام 2022. وقالت محافظة ألب ماريتيم إن حوالي 700 قاصر غير مصحوبين يتلقون الرعاية حاليا من قبل القسم، وأن مراكز الاستقبال بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى.
وحمّل دارمانان أمس إيطاليا مسؤولية ذلك بقوله “الحقيقة هناك في تونس (…) وضع سياسي يدفع عددا كبيرا من الأطفال إلى العبور عبر إيطاليا، وإيطاليا عاجزة (…) عن التعامل مع هذا الضغط من المهاجرين”.
وكانت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن أعلنت في نهاية افريل عن تعبئة 150 من أفراد الشرطة والدرك “الإضافيين” في جبال الألب للتعامل مع “ضغط الهجرة المتزايد على الحدود الإيطالية” وكذلك إنشاء “قوة حدود”.
لا يمكننا أن ننجح إلا عبر التشاور والحوار السلمي
في محاولة لتهدئة الوضع، قالت وزارة الخارجية الفرنسية في وقت لاحق إن “الحكومة الفرنسية تريد العمل مع إيطاليا لمواجهة التحدي المشترك المتمثل في الزيادة السريعة في تدفق المهاجرين” بعد تصريحات دارمانان مضيفة أن باريس “تأمل” بتحديد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي “سريعا”.
وأكدت وزارة الخارجية أن العلاقة بين فرنسا وإيطاليا “تقوم على الاحترام المتبادل بين البلدين وبين قادتهما”. وأكدت على أن معالجة هذه القضية يجب أن يكون “بالتعاون بين كل الدول الأعضاء مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكننا أن ننجح إلا عبر التشاور والحوار السلمي”.
وكانت إيطاليا قد أعلنت في افريل الماضي حالة الطوارئ الوطنية لمدة ستة أشهر بهدف التعامل مع التدفق القياسي للمهاجرين هذا العام، إذ وصل حوالي 40 ألف شخص عن طريق البحر إلى إيطاليا هذا العام مقارنة بنحو تسعة آلاف شخص خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية.
وتسجل تونس، التي تبعد أجزاء من سواحلها أقل من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بانتظام محاولات عبور المهاجرين البحر المتوسط باتجاه القارة العجوز.
وكانت العلاقات الفرنسية الإيطالية شهدت توترا بسبب ملف الهجرة في في نوفمبر الماضي، حين رفضت حكومة ميلوني بعيد تسلمها السلطة السماح برسو سفينة “أوشن فايكنغ” التابعة لمنظمة “إس أو إس ميدتيرانيه” في موانئها. واستقبلت فرنسا المهاجرين الذين أنقذتهم السفينة وسط البحر المتوسط في ميناء تولون.
وأثارت هذه الحادثة غضب فرنسا التي دعت إلى اجتماع على المستوى الأوروبي لكيلا يتكرر هذا السيناريو غير المسبوق.