قال محامون إن محكمة تونسية أطلقت سراح طالبين اعتُقلا بسبب أغنية ساخرة تنتقد الشرطة وحملتها على مستهلكي المواد المخدرة. وكانت منظمات حقوقية في تونس قد وجهت انتقادات إلى السلطات بسبب توقيفهما ودعت إلى الإفراج الفوري عنهما.
تنتقد المنظمات الحقوقية “تراجع” الحريّات في تونس منذ تفرّد الرئيس قيس سعيّد بالسلطات في البلاد 1.
أطلقت السلطات التونسية اليوم الخميس (18 ماي 2023) سراح طالبين أُوقفا لنشرهما أغنية على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدا فيها الشرطة التونسية، وذلك بعد ساعات من تنديد الرئيس قيس سعيّد بقرار توقيفهما. وأُوقف ضياء نصير (26 عاما) ويوسف شلبي (27 عاما) الإثنين الماضي أثناء مغادرتهما مقهى في مدينة نابل (شمال شرق)، بحسب ما أوضحت المحامية إيمان السويسي.
وقبل قرار الإفراج قال الرئيس سعيّد “أعبر عن شديد الاستغراب من اعتقال عدد من الطلبة”. وأضاف في مقطع فيديو إثر لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن أنه “ليس هناك أي مبرر على الإطلاق لاعتقال طلبة، ما حصل غير مقبول وعلى القضاة الشرفاء أن يتصدوا لمثل هذه التجاوزات”.
وكان الشابان قد وُضعا الثلاثاء في السجن من قبل محكمة نابل الابتدائية بانتظار مثولهما الذي كان مقرّرا الثلاثاء المقبل أمام قاضي التحقيق، بحسب المحامية السويسي. ووُجهت إليهما تهمة “الإساءة إلى الغير عبر الشبكة الاتصالية” و”نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي” في مقطع فيديو للأغنية نشر على موقع تيك توك.
ويظهر الطالبان في الفيديو وهما يرددان كلمات على ألحان أغنية خاصة بمسلسل كرتوني شهير، وينتقدان الشرطة وتطبيق قوانين صارمة تحظر استهلاك المخدرات في البلاد. وتقول كلمات الأغنية “مرة في حيّنا زارتنا الشرطة في الليل، دفعت بقوة باب الدار وحوّلتنا للقيام بتحاليل (استهلاك المخدرات)… قلت له (الشرطي) اتركنا وخذ دينارين”.
كما نددت الأغنية بالاعتقالات الكثيرة التي تعرض لها الشباب في تونس استنادا إلى هذا القانون، والذي اعتبرته منظمات المجتمع المدني والكثير من المنظمات غير الحكومية مناهضا للحريات.
ولقيت الأغنية رواجا على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما حظي الطالبان يوسف وضياء، اللذان يستعدان لاجتياز الاختبارات الجامعية، بحملة تضامن واسعة حيث باتا مهددين بعقوبة السجن.
وكان سعيّد قد تعهد بحماية حرية التعبير والصحافة غداة إعلانه التدابير الاستثنائية في البلاد في 2021 وحله عدة هيئات دستورية لاحقا بما في ذلك الدستور، ولكن منظمات حقوقية تخشى انتكاسة للحريات بسبب تواتر الدعاوى القضائية ضد الصحفيين والمدونين والنشطاء.
وبموازاة توقيف يوسف وضياء كانت محكمة تونسية قد أصدرت حكما بسجن مراسل إذاعة “موزييك أف أم” خليفة القاسمي لخمس سنوات بتهمة إفشاء أسرار حساسة ذات صلة بعملية إرهابية، ويُلاحق القضاء أيضا نشطاء وسياسيين من المعارضة بتهمة التآمر على أمن الدولة. ويردد سعيد في خطاباته أنه يخوض معركة ضد الفساد وأنه “يرفض التنكيل بأبناء الشعب”.
تنديد بقضاء “التعليمات”
من جانب آخر تجمّع العشرات من الصحافيين التونسيين الخميس في العاصمة التونسية للتنديد بـ “قمع” السلطات، متّهمين إياها بتوظيف القضاء للتضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام. واعتصم الصحافيون أمام مقر “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” ورددوا شعارات من قبيل “املأ السجون يا قضاء التعليمات” و”حريات حريات دولة البوليس انتهت”.
تجمّع العشرات من الصحافيين التونسيين الخميس في العاصمة التونسية للتنديد بـ “قمع” السلطات.
وبدعوة من النقابة، احتج المتظاهرون أيضا على حكم الاستئناف الصادر بحق مراسل إذاعة “موزييك أف أم” الخاصة خليفة القاسمي، والقاضي بسجنه خمس سنوات لنشره معلومات أمنية. وحوكم القاسمي بتهمة “إفشاء عمدا إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات” على ما أفاد محاميه.
وقال نقيب الصحافيين مهدي الجلاصي في خطاب في تظاهرة الخميس “هناك توجه واضح وصريح من السلطة نحو تكميم الأفواه ونحو التضييق أكثر ما يمكن على الصحافة وحرية التعبير”.
وتابع بالقول: “هي صيحة فزع أخرى على واقع الحريات وواقع المحاكمات التي يتعرض لها عدد كبير من الصحافيين والنقابيين والمدونين. اليوم آلة المحاكمات شملت الجميع”. وبحسب الجلاصي، يُحاكم حوالي عشرين صحفيًا بسبب عملهم.
وسبق للمنظمات الحقوقية أن انتقدت مرارا “تراجع” الحريّات في تونس منذ تفرّد الرئيس قيس سعيّد بالسلطات في البلاد اعتبارا من 25جويلية 2021.