الرئيسيةشؤون عربية
واختتمت القمة العربية:لا شيء غير التأكيد والتشديد
شدد إعلان جدة، الذي كلّل أشغال قمة جامعة الدول العربية، الجمعة، بالسعودية، على أهمية تكثيف الجهود العربية للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للفلسطينيين.
وجاء في إعلان جدة، المكون من 10 نقاط “نجدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدولنا باعتبارها أحد العوامل الرئيسة للاستقرار في المنطقة”.
كما ركزت الوثيقة على ضرورة دعم حل الدولتين للقضية الفلسطينية، “وفقا للمرجعيات الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة ومبادئ القانون الدولي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية، بحدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
في السياق، ندد البيان بما وصفه بـ”الممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة”
.السودان
وبخصوص الأحداث الجارية بالسودان، تم التأكيد على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين.
وكان مبعوث السودان للقمة، دفع الله الحاج علي، قال خلال مداخلته في أعمال القمة، في وقت سابق الجمعة، إن الجيش السوداني مستعد للعفو عن أعضاء قوات الدعم السريع إذا قرروا وضع السلاح.
في هذا الصدد، اعتبر الإعلان الاجتماعات التي جرت في جدة، التي بدأت بتاريخ 6 ماي عام 2023، بين الفرقاء السودانيين “خطوة مهمة يمكن البناء عليها لإنهاء هذه الأزمة، وعودة الأمن والاستقرارإلى السودان وحماية مقدرات شعبه”.
سوريا
رحب البيان بعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية، وقال “نأمل في أن يسهم ذلك في دعم استقرار الجمهورية العربية السورية، ويحافظ على وحدة أراضيها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.
يذكر أن الولايات المتحدة، استنكرت عودة سوريا مجددا إلى الجامعة العربية، مؤكدة أن واشنطن ترفض التطبيع مع الأسد وأن العقوبات ستظل سارية بحق نظامه.
والأربعاء، قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل،: “لا نعتقد أن سوريا تستحق إعادة القبول في جامعة الدول العربية في هذا الوقت، وهذه نقطة قمنا بتوضيحها لجميع شركائنا”.
الأزمة اليمنية
البيان جدد دعم جامعة الدول العربية لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، وأكد على ضرورة دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادا إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم2216 .
رفض جميع الميليشيات المسلحة
الإعلان شدد أيضا على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
كما أشار إلى أن الدول المشاركة تؤكد على دعم التنمية المستدامة، والأمن، والاستقرار، وسبل العيش بسلام، في البلدان العربية.
وجاء في الصدد “لن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة”.
وأكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مستهل كلمته بافتتاح القمة العربية، الجمعة، أن السعودية لن تسمح بأن تتحول المنطقة العربية ميدانا للصراعات.
وقال: “نؤكد لدول الجوار والأصدقاء في الغرب والشرق أننا ماضون للسلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبنا ويصون حقوق أمتنا، ومسيرة التنمية تأثرت نتيجة الصراعات التي عانت منها الشعوب خلال السنوات الماضية”.
وأكد أيضا أن الدول المنضوية تحت لواء الجامعة العربية ملتزمة بقيمها وثقافتها القائمة على الحوار والتسامح والانفتاح “وعدم التدخل في شؤون الآخرين تحت أي ذريعة، مع التأكيد على احترامنا لقيم وثقافات الاخرين” وفق تعبير البيان الختامي.
إضافة إلى هذا، دعا الإعلان إلى استثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة “تتكامل في تشييدها قدرات دولنا”.
كما أكد الإعلان على دعم الدول المشاركة لمسار دعم والمحافظة على الثقافة والهوية العربية الأصيلة، وتكريس اعتزاز أبنائهم بقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم الراسخة “وبذل كل جهد ممكن في سبيل إبراز موروثنا الحضاري والفكري ونشر ثقافتنا العريقة”.
وفي الأخير، ثمن الإعلان دور السعودية، التي تسلمت من الجزائر رئاسة الدورة، وعدد المبادرات التي تقودها الرياض على أكثر من صعيد لدعم دول المنطقة.
عد “الحدثين اللافتين” في قمة جدة.. ماذا أرادت السعودية إثباته “للعالم”؟
حدثان لافتان شهدتهما القمة العربية المنعقدة، الجمعة، في جدة بالمملكة العربية السعودية، وتمثلا بحضور رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعد قطيعة عربية استمرت 12 عاما، وكذلك مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المفاجئة.
وشكل حضور زيلينسكي، الذي تعيش بلاده الآثار المدمرة الناجمة عن الحرب التي شنتها روسيا، في فبراير من العام الماضي، مفارقة ملحوظة بالأخص مع حضور الأسد القمة، والذي تمتع بدعم موسكو لقمع المعارضة السورية منذ عام 2011.
ويعكس تواجد الأسد وزيلينسكي في قاعة واحدة، وبدعوة سعودية مباشرة لكليهما، توجه المملكة نحو تطوير دورها في حل النزاعات وتغيير مجريات الأحداث السياسية إقليميا وعالميا.
ولعبت السعودية مؤخرا دورا دبلوماسيا رائدا في السياسة الإقليمية، إذ أعادت العلاقات مع إيران، ورحبت بعودة سوريا إلى الصف العربي، وتتوسط في الصراع السوداني.
وتعد عودة الأسد إلى الصف العربي جزءا من اتجاه أوسع في الشرق الأوسط حيث تتخذ دول احتدمت بينها الخلافات ذات يوم خطوات لإصلاح العلاقات المتوترة بسبب صراعات وتنافس لسنوات، برز فيها دور الرياض كوسيط بشكل خاص، وفقا لمراقبين.
وقبل ذلك، ساهمت الرياض في التوصل لاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، في سبتمبر الماضي، تمخضت عنه عملية تبادل أسرى، بينهم رعايا أميركيون وبريطانيون ومغاربة وكرواتيون وسويديون.
يقول المحلل والكاتب السعودي، سليمان العقيلي، إن “التوجه السعودي اليوم يهدف لتخفيف التوترات وإبرام المصالحات وتسوية المشاكل وتهيئة المناخ لقواعد نظام عربي جديد يعتمد على التعاون والتنمية والبناء والاستثمار ولتجارة المتبادلة والمصالح المشتركة”.
ويضيف العقيلي أن “السعودية كانت تعتبر لاعبا مهما له مكانته الإقليمية والدولية، حتى قبل انعقاد القمة”.
يؤكد العقيلي أن “السعودية ماضية في عملية السلام والتعاون والبناء بما يحقق مصالح شعوب المنطقة”.
يعزو العقيلي هذا التغير اللافت في السياسة السعودية وتوجهها نحو الوساطة إلى عدة أمور من أبرزها امتلاكها “لمشروع وطني عملاق يتمثل برؤية 2030”.
يقول العقيلي إن هذا المشروع “هو في الشكل اقتصادي تحاول من خلاله المملكة تنويع مصادرها للدخل، لكنه في الحقيقة مشروع اقتصادي سياسي اجتماعي”.
ويتابع أن “هناك قناعة لدى السعودية بأن نجاح المشروع يتوقف على الاستقرار الإقليمي في المنطقة، سواء في مجال الأمن أو التعاون التجاري والاستثماري والتنموي”.
ويشير العقيلي إلى أن “رؤية 2030 والمشاريع القائمة فيها، باتت تؤثر كثيرا في أولويات السياسة الخارجية السعودية، التي بدأت تعتمد على الواقعية السياسية والتعاون مع الجيران”.
في مارس الماضي، أعلنت كل من السعودية وإيران توقيع اتفاق برعاية صينية قررتا بموجبه انهاء قطيعة دبلوماسية بينهما استمرت سبع سنوات.
وعملت الرياض أيضا على إصلاح العلاقات مع الحوثيين في اليمن وتركيا والنظام السوري، التي أثمرت جهودها عن عودة الأسد لجامعة الدول العربية بعد عقد على قطع العلاقات معه.
يذكر أن وزارة الخارجية الأميركية استنكرت عودة سوريا مجددا إلى الجامعة العربية، مؤكدة أن واشنطن ترفض التطبيع مع الأسد وأن العقوبات ستظل سارية بحق نظامه.