كشف مسؤولون أمريكيون أن مسؤولي المخابرات قدموا لكبار المسؤولين في الجيش والإدارة الأمريكية، إحاطة تفيد بأن زعيم مجموعة “فاغنر” الروسية ، يفغيني بريغوجين، يستعد لتنفيذ عمل عسكري ضد كبار مسؤولي الدفاع الروسي، وذلك قبل أن تعلن المجموعة التمرد على وزارة الدفاع بأيام.
صحيفة The New York Times الأمريكية، قالت السبت 24 جوان إن المعلومات الاستخباراتية قُدمت للمسؤولين الأمريكيين يوم الأربعاء، 21 جوان 2023، أي قبل أيام من تفجّر الصراع بين “فاغنر” والجيش الروسي.
قال المسؤولون الذين تحدثوا للصحيفة- ولم تُذكر أسماؤهم- إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت لديها مؤشرات على أن بريغوجين كان يخطط لشيء ما، وإنها كانت تعمل على دراسة هذه المؤشرات للخروج بتقييم نهائي.
تُظهر هذه المعلومات أن الولايات المتحدة كانت على علم بأحداث وشيكة في روسيا، بالطريقة نفسها التي حذرت بها أجهزة الاستخبارات أواخر عام 2021، من عزم فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا.
لكن على عكس ما حدث في الحرب الروسية على أوكرانيا، حين رفع المسؤولون الأمريكيون السرية عن المعلومات الاستخباراتية، ثم نشروها في محاولة لردع بوتين عن الغزو، التزمت أجهزة الاستخبارات الصمت مع خطط بريغوجين الملقب بـ”طباخ بوتين”.
رأى المسؤولون الأمريكيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتهمهم بتدبير انقلاب إذا أفصحوا عن تحركات بريغوجين، وقالت الصحيفة إنه “من الواضح أنهم لم يكونوا مهتمين كثيراً بمساعدة بوتين على تفادي هذا الانقسام الخطير والمحرج في دعمه”.
أضافت الصحيفة أنه “تم اعتبار المعلومات التي تفيد بأن الخلاف المرير بين بريغوجين، ومسؤولي وزارة الدفاع الروس، خطيرة ومثيرة للقلق، إذ يُعرف بريغوجين بوحشيته، ولو أنه نجح في إطاحة المسؤولين لكان على الأغلب زعيماً يصعب التكهن بتصرفاته”.
كذلك خشي المسؤولون من “احتمال أن تنحدر إحدى الدول المسلحة نووياً ولها عداوة مع الولايات المتحدة إلى فوضى داخلية، تحمل معها مجموعة جديدة من المخاطر”.
في حين أنه ليس واضحاً بالضبط متى علمت الولايات المتحدة بخطط بريغوجين، قدم مسؤولو المخابرات إحاطتهم يوم الأربعاء لمسؤولي الإدارة والدفاع، ويوم الخميس 22 جوان ، مع ظهور تأكيد جديد على تحركات بريغوجين أبلغ مسؤولو المخابرات مجموعة محدودة من قادة الكونغرس.
بحلول الجمعة والسبت الماضيين، صعّد بريغوجين تمرده بشكل كبير، وأطلق تحركاً عسكرياً لقواته إلى موسكو، وصفته الحكومة الروسية بأنه محاولة انقلاب، ويوم السبت 24 جوان استدعى مقاتليه ووافق على الفرار إلى بيلاروسيا.
تُشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه في الأشهر الأخيرة تابع مسؤولو الاستخبارات العداء المتنامي بين بريغوجين وقادة وزارة الدفاع الروسية، وأمضوا وقتاً طويلاً في تحليله.
خلصت أجهزة الاستخبارات إلى أنه علامة واضحة على التوترات الداخلية التي سببتها الحرب في أوكرانيا، والصعوبة التي تواجه روسيا في تزويد قواتها بما يكفي من الذخيرة.
أحد المسؤولين قال إن ذلك كان مؤشراً على تدهور مسار الحرب لكل من “فاغنر” والجيش النظامي الروسي.
كذلك أظهرت التقارير الاستخباراتية التي نُشرت ضمن تسريبات ديسكورد أن الولايات المتحدة اعترضت اتصالات بين كبار القادة العسكريين الروس، يناقشون فيها كيفية التعامل مع طلبات بريغوجين المستمرة لمزيد من الذخيرة.
انتهى تمرد “فاغنر” على الجيش بعد وساطة قادها رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن رئيس بريغوجين وجميع مقاتليه غادروا السبت المقر الرئيسي للجيش الروسي في مدينة روستوف بجنوب البلاد.
من جهته، أعلن الكرملين، مساء السبت، أن قائد مجموعة “فاغنر” سينتقل إلى بيلاروسيا، ضمن اتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه، وأضاف أنه “سيتم إسقاط الأحكام الجنائية ضده”.
كذلك أوضح الكرملين أن “مقاتلي فاغنر الذين لم يشاركوا في التمرد سيوقعون عقوداً مع وزارة الدفاع، ولن تتم مقاضاة المقاتلين الآخرين”.
كان بريغوجين قد دأب منذ أشهر على اتهام وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، بمنع الذخيرة عن مقاتليه والتضحية بهم، كما تحدث عن ممارسات ترقى إلى الخيانة، وتفجَّر الصراع الأخير بعدما اتهم بريغوجين الجيش الروسي بقصف قواته من الخلف في أوكرانيا.