لم تنجح نجمة كرة المضرب التونسية، أنس جابر مجددا، في أن تكون أول امرأة عربية وأفريقية تتوج بإحدى البطولات الأربع الكبرى (غراند سلام) في عالم الكرة الصفراء.
وخسرت جابر نهائي ويمبلدون السبت بنتيجة 6-4 و6-4 أمام التشيكية، ماركيتا فوندروسوفا، التي تعتبر مفاجأة البطولة، وأصبحت أول لاعبة غير مصنفة تحرز لقب فردي السيدات في ويمبلدون.
والخميس، بلغت اللاعبة التونسية نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب على حساب حاملة اللقب البيلاروسية، أرينا سابالينكا، والمتوجة أيضا ببطولة أستراليا المفتوحة، وذلك للمرة الثالثة في البطولات الأربع الكبرى والثانية تواليا على الملاعب العشبية الإنكليزية المتلألئة باللون الأخضر.
وكانت النجمة العربية الشهيرة خسرت نهائي ويمبلدون، العام الماضي، أمام الكازاخستانية، إيلينا ريباكينا، ليتبخر حلمها بالتتويج الأول، لكن جابر، المصنفة السادسة عالميا حاليا، عادت وثأرت من ريباكينا بالتغلب عليها في دور ربع النهائي.
وفي العام الحالي، حرمت جابر سابالينكا من إنجازين مهمين، الأول بلوغ نهائي ويمبلدون للمرة الأولى في مسيرتها، والثاني اعتلاءها صدارة التصنيف العالمي على حساب شفيونتيك، إذ إن فوزها على التونسية كان كفيلا لتحقيق ذلك.
في 2023 أيضا، خرجت جابر من بطولة أستراليا المفتوحة في الدور الثاني ووصلت إلى ربع نهائي بطولة فرنسا المفتوحة.
ورغم خسارتها في النهائي، إلا أن جابر وفي طريقها إلى النهائي، أطاحت بأربع بطلات “غراند سلام” هن الكندية، بيانكا أندرييسكو، (فلاشينغ ميدوز 2019)، التشيكية بترا كفيتوفا المتوجة بويمبلدون عامي 2011 و2014، ريباكينا في ربع النهائي عندما ثأرت لخسارتها العام الماضي والبيلاروسية، أرينا سابالينكا، بطلة أستراليا المفتوحة والمصنفة الثانية في نصف النهائي.
في ثلاث من تلك المباريات الأربع، باستثناء المواجهة ضد كفيتوفا، عادت من تأخر بمجموعة وفازت بالمباراة. وباتت ثالث لاعبة فقط في العصر الحديث تحقق ذلك في ثلاث مباريات في ويمبلدون بعد البلجيكية، جوستين إينان 2001، والفرنسية ماريون بارتولي 2007.
وقالت ردا على كيفية تعاملها مع الضغط “أعمل كثيرا مع المعالجة النفسية. يساعد ذلك كثيرا. أنا فخورة بنفسي لأن أنس القديمة كانت لتخسر المباراة اليوم، ولكن أنا فخورة أني قاتلت حتى الرمق الأخير”.
الولادة والبدايات
ولدت أنس جابر أو “وزيرة السعادة” كما يلقبها التونسيون في مدينة قصر هلال الساحلية، يوم 28 اوت 1994، في عائلة تتكون من شابين وفتاتين هي أصغرهم.
وكانت بدايتها بمحافظة سوسة الساحلية شرق البلاد، على ملاعب تابعة لفنادق المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب “نادي حمام سوسة” في ذات المحافظة.
وقالت في تصريحات سابقة لوكالة فرانس برس، “بدأت في ناد صغير في بلدتي بالمنستير ثم انتقلنا إلى حمام سوسة. لعبت هناك في الفنادق لعدم تواجد أندية كرة مضرب”.
وأردفت جابر التي بدأت خطواتها الأولى بمركز النهوض بلعبة كرة المضرب في المدرسة مع مدربها آنذاك، نبيل مليكة، أنه “بعد خوض دورات محلية وتحقيق نتائج جيدة، خاضت أول دورة دولية في باريس عندما كنت بعمر العاشرة. بعمر الثالثة عشرة ذهبت إلى تونس العاصمة للتدرب والدراسة في الوقت عينه”.
وانتقلت لاحقا إلى المعهد الرياضي بالمنزه (حكومي يضم نخبة الرياضيين) لتبدأ مشوارا جديدا في “مدرسة رياضة متخصصة للأطفال الموهوبين وساعدني هذا الأمر للتدرب أكثر والتطور”.
ويعد أول نجاح دولي لجابر كان خلال بطولة الناشئات في رولان غاروس عندما أحرزت اللقب، حيث “توجت في 2011 برولان غاروس للناشئات بعمر السادسة عشرة لكني عانيت كثيرا للانتقال من فئة الناشئات إلى دورات المحترفات”.
ويبلغ طولها 1.67 م وترتكز في لعبها على يدها اليمنى. وهي متزوجة منذ عام 2015 من لاعب المبارزة السابق ومعدها البدني حاليا، كريم كمون، ويدربها اللاعب السابق عصام جلالي.
مرحلة الشهرة والنجومية
وبدأت الأنظار تتجه نحوها خلال بطولة أستراليا المفتوحة (أول البطولات الأربع الكبرى) وذلك في العام 2020 وكانت أول لاعبة عربية تتأهل للدور ربع النهائي في بطولة “غراند سلام”.
وتوالت الإنجازات في مشوار جابر بعد أن أصبحت أول لاعبة عربية متوجة بدورة احترافية في برمنغهام عام 2021، ومن ثم الأولى عربيا بين العشرة الأوائل في التصنيف العالمي وصولا إلى الوصافة قبل أن تتراجع إلى المرتبة السادسة حاليا. وتعد جابر أول لاعب كرة مضرب أفريقي (ذكر أو أنثى) يقتحم المراكز العشرة الأولى في تصنيف اللاعبين المحترفين.
كما أن جابر أول متوجة بلقب إحدى دورات الألف في مدريد في مايو الماضي، قبل إنجازيها بالوصول لنهائي ويمبلدون وفلاشينغ ميدوز العام الماضي دون أن تتمكن من تحقيق الفوز.
استمرت التونسية في الصعود تدريجيا هذا العام إلى أن تأهلت لنهائي ويمبلدون للمرة الثانية كأول عربية وأفريقية تحقق هذا الإنجاز الرفيع. وسبق وأن أقرت “وزيرة السعادة” بأن التتويج في ويمبلدون ليس هو حلم طفولتها.
وكشفت خلال مشاركتها في ويمبلدون، العام الماضي، أن التتويج هناك لم يكن حلمها “لن أكذب عليكم، الفوز في ويمبلدون لم يكن حلم طفولتي. كان حلمي دوما الفوز في بطولة فرنسا المفتوحة”، وفقا لفرانس برس.
ورغم الإنجازات في البطولات الفردية، إلا أن جابر لم تحقق مع منتخب بلادها تونس تلك النجاحات. ومثلت “وزير السعادة” بلادها في أولمبياد لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016 وطوكيو 2020، لكن في النسخ الثلاث أقصيت من الدور الأول.
“أنقذت” النظام الملكي البريطاني
بعد فترة وجيزة من خسارتها في ملبورن 2023، خضعت النجمة التونسية لعملية جراحية في الركبة وكانت عائدة للتو من هذه الإصابة التي ساهمت في خفض تصنيفها.
ولا تزال في وقت مبكر من تماثلها للشفاء عندما لعبت في بطولة إنديان ويلز للماسترز قبل عودتها بقوة، قبل أن تخسر حلمها بالتتويج في رولان غاروس ضمن ربع النهائي.
كانت الجماهير تؤازر جابر منذ اللحظات الأولى في مباراتها بالدور نصف النهائي ضد البيلاروسية سابالينكا التي مُنعت من لعب ويمبلدون العام الماضي بسبب دعم بلادها لغزو روسيا لأوكرانيا.
في الأيام الأخيرة، مع اقتراب سابالينكا من المباراة النهائية، تزايدت المخاوف بشأن ما إذا كانت أميرة ويلز، كيت إليزابيث ميدلتون، زوجة وريث العرش الملكي البريطاني، ستضطر إلى تقديم الكأس لسابالينكا. وعادة ما تتوج أميرة ويلز بطلات السيدات في ويمبلدون بصفة سنوية.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز“، فإن فوز جابر في نصف النهائي “أنقذ” النظام الملكي البريطاني من تلك النتيجة غير المريحة بتتويج لاعبة بيلاروسية في النهائي.