البرلمان البريطاني يتبنى قانونا مثيرا للجدل حول الهجرة
يهدف مشروع القانون الذي تبناه البرلمان البريطاني إلى حظر تقديم طلب اللجوء لأي شخص دخل البلاد بشكل غير قانوني، وبالتالي القيام بطرد منهجي للاجئين غير الشرعيين.
اعتمد البرلمان البريطاني ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، 17 إلى 18 جويلية نصا مثيرا للجدل حول الهجرة. يعتبر هذا القانون خطوة مهمة لرئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك، الذي جعل محاربة الهجرة غير الشرعية أولوية.
وتواجه المملكة المتحدة زيادة هائلة في قوارب المهاجرين الوافدة إليها، حيث وطأت أقدام أكثر من 45 ألف مهاجر الأراضي البريطانية بعد عبور بحر المانش في عام 2022، وهو رقم قياسي. وفي عام 2023، بين جانفي وجوان وصل أكثر من 12.500 شخص إلى المملكة المتحدة.
وتتزايد الضغوط على رئيس الوزراء لوقف توافد المهاجرين، لذلك يتمسك بهذا القانون رغم الجدل الدائر حوله. ويهدف مشروع القانون الذي قدمته الحكومة البريطانية في 7 مارس، بشكل خاص إلى حظر تقديم طلب لجوء لأي شخص دخل الإقليم بشكل غير قانوني والقيام بطرد منهجي لهؤلاء الأشخاص إلى دولة ثالثة.
وتريد الحكومة أن يتم ترحيل المهاجرين بسرعة بعد احتجازهم، إما إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلد ثالث مثل رواندا، وهذا بغض النظر عن بلدهم الأصلي.
قانون مخالف للقانون الدولي وفقاً للأمم المتحدة
من جانبها، نددت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء، بالقانون كونه “يتعارض” مع التزامات المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحقوق الإنسان واللاجئين. ووفقا لفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وفيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فإن هذا النص سيكون له “عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية”. وتخشى الأمم المتحدة من بقاء آلاف الأشخاص في المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى في أوضاع قانونية غير مستقرة.
يقول غراندي “على مدى عقود، وفرت المملكة المتحدة الملاذ للمحتاجين، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية”، لكن التشريع الجديد “يقوض بشكل كبير الإطار القانوني الذي وفر الحماية للكثيرين، ويعرض اللاجئين لخطر جسيم في انتهاك للقانون الدولي”
أما تورك، فانتقد القانون قائلاً “بالإضافة إلى إثارة مخاوف قانونية خطيرة للغاية من وجهة نظر دولية، فإن هذا القانون يمثل سابقة مقلقة”، كما أعرب عن خوفه من أن “دول أخرى، بما في ذلك في أوروبا قد تميل إلى اتباع النموذج البريطاني”، داعياً الحكومة إلى “تجديد التزامها بحقوق الإنسان من خلال إلغاء هذا القانون وضمان احترام حقوق جميع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء وحمايتها وإعمالها دون تمييز”.
لا تزال اتفاقية المملكة المتحدة ورواندا في قلب المناقشات
وأبرمت لندن اتفاقا العام الماضي مع رواندا لإرسال مهاجرين غير شرعيين إلى هناك، لكن لم تحدث أي عمليات ترحيل بعد، حيث تم إلغاء الرحلة الأولى التي كان من المقرر إجراؤها في جوان 2022 بعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
كما أقرت الحكومة البريطانية بأن عمليات الترحيل هذه ستكلف ما يقرب من 200 ألف يورو لكل شخص. لكن وزارة الداخلية تقدر أنه على مدى أربع سنوات، يمكن أن توفر 106 آلاف جنيه إسترليني (123.290 يورو) لكل طالب لجوء، لا سيما في تكاليف الإقامة.
“لم أسمع أي شيء أقنعني”
تم تجميد مشروع قانون الهجرة هذا لأسابيع في البرلمان، حيث ضغط مجلس اللوردات من أجل العديد من التعديلات، بما في ذلك القيود المفروضة على احتجاز الأطفال والحماية من العبودية الحديثة.
الزعيم الروحي للكنيسة الأنجليكانية، رئيس أساقفة كانتربري جوستين ويلبي، وهو عضو في مجلس اللوردات ومن أشد المعارضين لهذا القانون، قال خلال المناقشات “لا أفهم كيف سيتمكن القانون من إيقاف قوارب المهاجرين. لم أسمع أي شيء أقنعني”.
على الجانب الآخر من بحر المانش، تحاول فرنسا كبح ظاهرة عبور المهاجرين، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات الفرنسية البريطانية في السنوات الأخيرة للحد من وصول الوافدين، من خلال عمليات نشر كبيرة للوسائل التقنية والوسائل البشرية. في مارس الماضي، دفعت لندن 500 مليون يورو إلى باريس لزيادة عسكرة الحدود الفرنسية، في منطقة كاليه وغراند سينث على وجه الخصوص.