لأول مرة منذ افتتاحها، استقبلت الجمعيات على الحدود الفرنسية الإيطالية أكثر من 300 مهاجر خلال يومين فقط الأسبوع الماضي، ضمن ما تطلق عليه اسم “شرفات التضامن” (تيراس سوليدير) في مدينة بريانسون. الوضع يتفاقم فيما يستمر توافد المهاجرين من إيطاليا إلى فرنسا، بحسب مدير المكان الذي يمكن أن يستقبل 81 شخصا كحد أقصى.
يزداد الوضع في “شرفات تضامن بريانسون” سوءا، ففي 13 و14 اوت ، استقبلت الجمعيات أكثر من 300 شخص. فيما يؤكد جان غابوريو أحد مديري المكان، لمهاجر نيوز أن أعداد الوافدين مستمرة في الازدياد.
عادة تشهد الجمعيات وصول “ما بين 5 إلى 30 شخصا يوميا” في بريانسون، بحسب لوك مارشيلو المسؤول عن أمن “شرفات التضامن”. لكن في نهاية الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، وصل 100 مهاجر جميعهم تقريبا من أفريقيا جنوب الصحراء، بين عشية وضحاها.
توضع المراتب على الأرض حيثما أمكن ذلك، وتُنصب الخيام على الشرفات الخارجية، “لا توجد لدينا خيارات أخرى”، يقول جان غابوريو موضحا أنهم حولوا “غرفة الطعام إلى مهجع، حيث ينام الناس على الأرض”. في الطابق العلوي، خصصت مساحة صغيرة لاستيعاب الفئات الضعيفة مثل النساء الحوامل أو الأطفال.
نداء لطلب المساعدة من الدولة
في هذا المكان الحركة مستمرة، ويأتي مهاجرون جدد بشكل يومي ليحلوا محل أولئك الذين يغادرون. “منذ ماي أصبح الوضع أكثر تعقيدا. استقبلنا 150 شخصا على الأقل (أكثر من ضعف سعة الاستقبال)”، يقول المسؤول.
ويصل الوافدون الجدد في معظم الأحيان، منهكين بعد عبور جبال الألب بين إيطاليا وفرنسا، “يصل الكثير منهم مصابين في الكاحلين والركبتين.. أو في حالة جفاف”، بحسب غابوريو. وهناك أيضا العديد من النساء الحوامل، بعضهن على وشك الولادة.
يمكن أن يؤدي عبور هذه الحدود إلى حوادث مأساوية تودي بحياة المهاجرين، ففي بداية الشهر الجاري، عثر على جثة مهاجر يتحدر على الأغلب من غينيا ويبلغ من العمر 19 عاما. لا يزال التحقيق جاريا ولم يكشف تشريح الجثة عن أسباب الوفاة لكنها “غير مشبوهة”، وفقا للمدعي العام في جاب، فلوران كروهي.
يناشد متطوعو المكان الدولة ويأسفون في بيان صحفي نُشر الثلاثاء الماضي، من أن “الدولة لم تستجب لحل الأزمات التي يواجهها مكان الإقامة هذا”. وبعد إرسال عدة رسائل إلى محافظة الألب العليا، وتقارير لخدمات الإنقاذ، يطلبون فيها من السلطات “فتح حوار” وكذلك “إنشاء مركز إيواء متنقل للطوارئ”، كان “الرد الوحيد الذي تلقيناه من المحافظة في 31 جويلية ، في رسالة تذكّر بالقانون والحظر المفروض على مساعدة الأشخاص الذين هم في وضع غير قانوني على دخول فرنسا”، وفقاً لجان جابوريو.
في اتصال مع مهاجر نيوز، أشارت المحافظة إلى أنها “استمتعت بشكل وأجابت على الصعوبات التي واجهها مديرو جمعية شرفات التضامن سمعت جيدا”. لكن “هذا الوضع لا يُقصد به أن يستمر”، مضيفة “الحل الوحيد الفعال للصعوبات التي تواجهها الجمعيات وبشكل أوسع المناطق المتضررة من هذه الظاهرة المحزنة، هو التعزيز التدريجي لنظام مكافحة الهجرة غير الشرعية”.
إمكانيات قليلة
لكن الوضع “لن يتحسن”، بحسب المتطوعين، “بالنظر إلى العدد الكبير من الأشخاص الذين وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام”. سجلت إيطاليا بالفعل عددا قياسيا من الوافدين عن طريق البحر، مع وصول أكثر من 100 ألف مهاجر خلال الأشهر السبعة الأولى من هذه السنة، وفقا لبيانات وزارة الداخلية، مقابل حوالي 48 ألف شخص في نفس الفترة من عام 2022. والكثير منهم يتوجهون إلى فرنسا لطلب اللجوء هناك أو الذهاب إلى دول أوروبية أخرى.
ويرى جان جابوريو أن ارتفاع أسعار النقل العام “يؤدي أيضا إلى تفاقم الوضع” لأن أسعار القطارات السريعة للمدن الفرنسية الكبرى غالبا ما يتجاوز ثمنها 100 يورو، خاصة خلال الصيف وفترة العطلة المدرسية. ويضيف “لذلك من المحتم أن يبقى الناس لفترة أطول وينتظرون انخفاض الأسعار”.
وفي محاولة للتأقلم مع هذا الوضع، تسعى الجمعيات إلى زيادة مخزون المواد الغذائية بفضل تبرعات السكان المتزايدة. “إلى متى سنستمر؟” يسأل المسؤول. وينبه من أن الجمعيات المحلية تحاول التكيف مع هذا الوضع بقليل من الإمكانيات، غير قادرة على وضع خطة تضمن المرحلة القادمة، منوها إلى أن المتطوعين يشعرون بالإنهاك.