أكد البيت الأبيض، الأربعاء، أن الإدارة الأميركية تتابع الوضع “المثير جدا للقلق” في الغابون، وأن واشنطن “تدعم” الشعب الغابوني.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي: “نشعر بقلق كبير بشأن الانقلاب العسكري في الغابون”.
وأضاف أن “جنودنا وموظفو سفارتنا في الغابون في مأمن”.
وأعلن ضباط كبار بالجيش الغابوني عبر التلفزيون الرسمي، الأربعاء، وضع الرئيس، علي بونغو، قيد الإقامة الجبرية في الغابون.
وأعلن عسكريون استيلاءهم على السلطة، وإنهاء النظام القائم، وذلك بعيد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية.
وقال الضباط إن “الانتخابات العامة الأخيرة تفتقر للمصداقية وإن نتائجها باطلة”، مؤكدين أنهم “يمثلون جميع قوات الأمن والدفاع في الغابون”.
وتم “إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر وحل مؤسسات الدولة”، بحسب رويترز.
وفاز رئيس الغابون، علي بونغو، الأربعاء، بفترة ثالثة بعد انتخابات متنازع على نتائجها، وفقا لرويترز.
قال، بريس أوليجي نجيما، الضابط في جيش الغابون لصحيفة لوموند الفرنسية، إن الجنرالات سيجتمعون، الأربعاء، لتحديد من سيقود الفترة الانتقالية، بعد إعلان ضباط من الجيش الاستيلاء على السلطة.
أ الرئيس الغابوني علي بونغو، ثالث حاكم لبلاده منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، حيث خلف والده، عمر بونغو، الذي حكم طيلة 41 سنة.
اسمه الأصلي، ألان بيرنارد بونغو، ولد في 1959، في كونغو برازافيل.
كان ألان طفلا في الثامنة من عمره، يدرس بالمدرسة الابتدائية، عندما صعد والده لرئاسة البلاد في عام 1967، ما جعله يزاول دراسته بأرقى المدارس في ليبرفيل، عاصمة البلاد، ومركزها الاقتصادي.
يعيب عليه الغابونيون جهله باللغات المحلية، وإتقانه فقط للغات الحية مثل الإنكليزية والفرنسية.
في سن التاسعة، أرسله والده إلى مدرسة خاصة في نويي، إحدى ضواحي باريس، ثم إلى جامعة السوربون حيث درس القانون.
ولعه بالموسيقى.. واعتناقه الإسلام
تغير اسمه من ألان إلى علي عندما اعتنق الإسلام في 1973 رفقة والده، بينما بقي أفراد العائلة الآخرين على المسيحية.
اعتبر المعارضون لحكم والده أن إعلان إسلامه لم يكن إلا “حركة منه” لجذب استثمارات الدول الخليجية الغنية.
بالموازاة مع دراسته، كان علي بونغو شغوفا بالموسيقى، حيث أصدر ألبومه الأول “براند نيو مان” في عام 1977، وهو من إنتاج تشارلز بوبيت، مدير أسطورة الفانك الأميركي، جيمس براون.
وإلى جانب حبه الشديد لموسيقى الفانك، التي اشتهر بها الأميركيون الأفارقة، عُرف بنغو بحبه للجاز والموسيقى الكلاسيكية.
دخوله عالم السياسة
بينما كان والده يحكم قبضته على البلاد، لم يُبد علي بونغو اهتماما بالسياسية، لكنه ورغم ذلك، تقلد منصب وزير الخارجية في حكومة والده، عام 1989 وعمره 30 سنة.
بعد ثلاثة أعوام (1991) تمت إقالته إثر تغيير دستوري يفرض سن الـ35 عاما لتولي حقيبة الخارجية، بينما لم يكن هو قد تعدى بعد 32 عاما.
في عام 1999، أوكلت إليه وزارة الدفاع، والتي ظل على رأسها مدة عشرة أعوام كاملة إلى غاية 2009.
وكانت إعادته لهيكلة وزارة الدفاع على مر عقد من الزمن، وتحديثه للجيش، علامة فارقة في مسيرته السياسية، حيث بدأ المواطنون يغيرون نظرتهم له، بعدما كانوا يرون فيه لعقود ذلك الشاب المحب للموسيقى والذي تربى في كنف والده، على أسس غربية بعيدة عن التقاليد الأفريقية.
فوزه بالرئاسة
مستفيدا من تغير نظرة مواطنيه له، أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة في عام 2009، والتي نظمت إثر وفاة والده، بعد 41 عاما من الحكم.
ورغم شبهات التزوير التي شابت الانتخابات الرئاسية التي نظمت في 30 اوت 2009، إلا أن علي بونغو استطاع إحكام قبضته على القصر الرئاسي، بل تمكن من البقاء على كرسي الرئاسة بمناسبة انتخابات 2016 أيضا.
وشابت تلك الانتخابات، اتهامات بعدم النزاهة، حيث اتهم علي بونغو بالتلاعب بنتائجها بعدما أظهرت إحدى المقاطعات فوزه بنسبة 99 في المائة، بينما لم يكن الفارق بينه وبين خصمه جان بينغ، إلا نحو 6 آلاف صوت على المستوى الوطني.
مرضه ثم الانقلاب عليه
بدأت متاعبه الصحية تظهر للعلن، مباشرة بعد إعادة انتخابه في 2016، حيث تم الإعلان عن إصابته بسكتة دماغية العام 2018.
وبمناسبة الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 26 اوت الجاري، بدا علي بنغو وكأنه يفسح المجال لابنه، نور الدين بونغو فالنتين، الذي تمت ترقيته إلى منصب مستشار استراتيجي ورئيس الحملة الانتخابية لوالده.
وبمناسبة الإعلان عن فوزه بولاية ثالثة، السبت، ردد خصومه نفس الاتهامات بخصوص نزاهة الانتخابات، ما عجل بانقلاب عسكريين عليه ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
وفي أول تصريح له، قال علي بونغو، الأربعاء، موجها كلامه لمن وصفهم بـ”جميع الأصدقاء عبر العالم”، من مقر إقامته الجبرية عبر تسجيل فيديو “أنا أرسل هذه الرسالة لأطلب منكم أن تتحركوا”.
وأشار إلى أنه لا يعرف مكان وجود ابنه، ولا حتى زوجته بينما أجبر على البقاء في المنزل حيث وضعه العسكريون قائلا “لا أعرف مالذي يجري”.
ولم تتأخر ردود الفعل الدولية على هذا الانقلاب الجديد في الدولة الناطقة بالفرنسية.
ودعت الصين إلى “ضمان أمن” الرئيس علي بونغو فيما دانت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، “الانقلاب العسكري” وأعربت روسيا عن “قلقها العميق”، بينما اعتبرت دول الكومنولث الوضع في الغابون “مثيرا للقلق” مذكّرة البلاد بالتزاماتها في ما يتعلق باحترام الديمقراطية.
ويعيب الغابونيون على رئيسهم، عدم قدرته على النهوض باقتصاد البلاد المتهالك، رغم الثروات التي تزخر بها.
الغابون هو أحد الدول الأفريقية الأكثر ثراء لناحية الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد (8,820 دولارًا عام 2022)، بفضل خصوصا النفط والخشب والمنغنيز، وعدد سكانه المنخفض (2,3 مليون نسمة).
وهو من أول منتجي الذهب الأسود في إفريقيا جنوب الصحراء.
ففي عام 2020، شكّل النفط 38,5% من ناتجه المحلي الإجمالي و70.5% من مجموع صادراته، بحسب البنك الدولي.
إلا أنّ الاقتصاد الذي تعجز السلطات عن تنويعه بشكل كافٍ، لا يزال يعتمد إلى حدّ بعيد على المحروقات ويعيش فرد واحد من أصل كل ثلاثة تحت خط الفقر بحسب أرقام أُعلنت أواخر عام 2022، وفق البنك الدولي.ا