هل يستطيع الاتحاد الأوروبي فرض حصار بحري لوقف الهجرة؟
دعت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى تشكيل مهمة بحرية للاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة، وذلك قبل زيارة مشتركة لها إلى لامبيدوزا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. لكن هل يجيز القانون البحري ذلك؟
قامت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين يوم الأحد بزيارة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي وصل إليها آلاف المهاجرين الأسبوع الماضي من تونس.
وقبل الزيارة، قالت ميلوني في مقطع فيديو نُشر على موقع X – تويتر سابقًا- “إن إيطاليا بحاجة إلى مساعدة الاتحاد الأوروبي للتعامل مع حالة الطوارئ”.
وقالت السياسية المنتمية لليميني المتطرف إن “ضغط الهجرة الذي تشهده إيطاليا منذ بداية العام لا يمكن تحمله”. ومع انتشار صور الفوضى في الجزيرة، تتعرض ميلوني حاليا لضغوط تسائل وفاءها بوعد حملتها الانتخابية بخصوص الهجرة.
لسنوات عديدة، تلقت إيطاليا دعمًا ماليًا من الاتحاد الأوروبي لمراكز الاستقبال والتسجيل. لكن أكثر من 127 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، أي ما يقرب من ضعف الرقم في الفترة ذاتها من عام 2022. كما توفي أكثر من 2000 شخص أثناء العبور بين شمال إفريقيا وأوروبا، وفقًا لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.
مهمة بحرية محدودة
تسعى ميلوني إلى جعل قضية الهجرة موضوعا أساسيا ضمن جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة في أكتوبر ودعت في رسالتها بالفيديو إلى تشكيل بعثة للاتحاد الأوروبي لمنع القوارب من مغادرة تونس.
لكن مثل هذا الإجراء من شأنه أن ينتهك القانون البحري الدولي، حيث لا يُسمح للسفن الإيطالية أو غيرها من سفن الاتحاد الأوروبي بالعمل في المنطقة الإقليمية البالغ طولها 12 ميلاً قبالة الساحل التونسي، حيث تتمتع تلك الدولة وحدها بالولاية القضائية. وحتى خارج هذه المنطقة، لن يُسمح للسفن البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي بالتدخل على الإطلاق طالما أن القوارب التي تحمل المهاجرين صالحة للإبحار.
ولا تستطيع إيطاليا من جهة أخرى أن تمنع القوارب من الرسو في موانئها بشكل دائم، على الرغم من أن السلطات هناك يمكنها في البداية رفض الوصول إلى القوارب الصالحة للإبحار لأسباب تتعلق بالسلامة وبعثها لموانئ أخرى. لكن يجب أن يتم تخصيص ميناء آمن للأشخاص الغرقى على متن قوارب الإنقاذ من قبل مركز تنسيق الإنقاذ الإيطالي في روما، على الرغم من أن هذا الميناء قد يكون بعيدًا في شمال إيطاليا.
محاولة عرقلة دون جدوى!
منذ بداية العام، تحاول الحكومة الإيطالية عرقلة عمل سفن الإنقاذ الخاصة. لكن لم يكن لذلك أي تأثير يذكر على عدد الوافدين، وفقًا لخفر السواحل، يقوم حوالي 90 بالمئة من المهاجرين بالعبور بمفردهم، ويتوقفون في مكان ما داخل أو خارج ميناء في إيطاليا.
كانت للاتحاد الأوروبي العديد من المهام البحرية المشتركة تحت القيادة الإيطالية في السنوات الأخيرة، مثل ماري نوستروم، وتريتون، وصوفيا. وتم إيقاف آخرها عام 2020 بناءً على طلب الحكومة الإيطالية، التي قالت إن التفويضات، التي تضمنت في البداية الإنقاذ البحري، تجاوزت ذلك.
زارت كل من ميلوني وفون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روتي تونس في جويلية ، وبعد ذلك أعلنوا عن اتفاق بشأن الهجرة مع الرئيس التونسي. تونس، وهي حاليا دولة العبور الرئيسية للمهاجرين الذين يغادرون شمال أفريقيا على متن القوارب، تمنع اللاجئين من العبور إلى أوروبا مقابل مساعدات اقتصادية تبلغ حوالي مليار يورو (1.07 مليار دولار).
لكن كيفية تحقيق هذا أمر غير واضح بعد، خاصة وأن الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن بعد أسبوعين أن بلاده لن تكون بمثابة مخيم للاجئين الراغبين في الوصول للاتحاد الأوروبي.
ما مدى تقدم الاتحاد الأوروبي بخصوص اتفاقيات اللجوء؟
إن دعوة ميلوني لتنفيذ “الميثاق الجديد بشأن الهجرة واللجوء” للاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن هو أمر من المرجح أن توافق عليه فون دير لاين. وفي كلمتها حول حالة الاتحاد الأوروبي في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ يوم الأربعاء، دعت إلى اعتماد التدابير التي تقترحها المفوضية الأوروبية منذ سنوات. لكن رغم ذلك، لم يتمكن وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي من التوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن الأحكام النهائية.
وإذا دخل الميثاق حيز التنفيذ خلال عام أو عامين، بعد العملية التشريعية اللازمة، فإنه سينص على إجراءات أسرع وترحيل أكثر لعدد محدود من المهاجرين. ومن الممكن أيضاً من حيث المبدأ توزيع المهاجرين بين الدول الأعضاء. لكنه بالتأكيد لن يوقف الهجرة، كما تأمل ميلوني.
وتواجه الاتفاقية أيضًا معارضة قوية من قبل الحكومتين القوميتين اليمينيتين في بولندا والمجر، على الرغم من أن كلاهما متحالفتان سياسيًا مع رئيسة الوزراء الإيطالية.
ميلوني تدعو إلى اتخاذ إجراءات استثنائية!
وأعلنت ميلوني أنه ستكون هناك قرارات بشأن “الإجراءات الاستثنائية” من قبل حكومتها يوم الاثنين. ويمكن أن يشمل ذلك الاحتجاز لفترات طويلة في انتظار الترحيل ونشر الجيش في إدارة مراكز استقبال المهاجرين في إيطاليا. مع الإشارة إلى أن غالبية الأشخاص الذين يصلون إلى إيطاليا لا يقيمون في البلاد، بل ينتقلون شمالًا إلى فرنسا والنمسا وألمانيا والمملكة المتحدة.
وبموجب اتفاقية دبلن، فإن بلد الدخول الأول هو المسؤول عن التسجيل وإجراءات اللجوء الخاصة بالوافدين الجدد. ولم يتم تغيير هذه القاعدة المعمول بها منذ 30 عاما، لأنها تتطلب موافقة بالإجماع من قبل جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بينما رفضت غالبية الدول التي ليست على الحدود الخارجية للاتحاد.
- المصدر:مهاجر نيوز