بينما تدافع بريطانيا عن خطة إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا أمام المحكمة البريطانية العليا، نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرا جديدا يوثق استعمال السلطات الرواندية العنف والترهيب ضد منتقدي الحكومة سواء داخل رواندا أم خارجها. وتجدد المنظمة الحقوقية دعوتها للتخلي عن خطة ترحيل جميع الوافدين إلى المملكة المتحدة بشكل غير رسمي، إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
في تقرير مكون من 129 صفحة، تحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن ممارسات سلطات رواندا لقمع أصوات معارضيها، سواء كانوا يعيشون في رواندا أم في دول أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وأستراليا، موثقة أساليب استهداف رواندا منتقديها حول العالم.
تحت عنوان “انضم إلينا وإلا ستموت: القمع خارج الحدود الإقليمية في رواندا“، وثق التقرير المنشور،الثلاثاء 10 أكتوبر، انتهاج “السلطات الرواندية ووكلائها العنف والآليات القانونية والترهيب لمحاولة إسكات الأصوات الناقدة”.
على المملكة المتحدة أن تتخلى نهائيا عن خطتها
جاء التقرير تزامنا مع جلسات استماع أمام المحكمة العليا البريطانية، بدأت الإثنين 9 أكتوبر، وانتهت الأربعاء 11 أكتوبر، دافعت فيها الحكومة البريطانية عن اتفاقية وقعتها مع رواندا في نيسان/أبريل من العام الماضي، تقضي باستقبال الدولة الأفريقية طالبي اللجوء المرحلين من المملكة المتحدة، باعتبارها “دولة ثالثة آمنة”.
مديرة فرع المنظمة في المملكة المتحدة، ياسمين أحمد، قالت إنه “بالنظر إلى استهداف رواندا الصارخ للاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من أفراد الشتات الرواندي في جميع أنحاء العالم، لا يمكن لحكومة المملكة المتحدة، بحسن نية، الادعاء بأن رواندا بلد ثالث آمن يمكن إرسال طالبي اللجوء إليه”.
وشددت ياسمين أحمد أن “على المملكة المتحدة التخلي نهائيا عن خطتها القاسية لترحيل طالبي اللجوء”.
جمع التقرير الأخير شهادات ألقت الضوء على أساليب تستخدمها السلطات الرواندية، وتهدف “إلى إسكات الأصوات المعارضة، وكذلك تخويف المنتقدين الحقيقيين أو المحتملين أو المفترضين، بما في ذلك الروانديون الذين طلبوا الحماية الدولية (…) إن الجمع بين العنف الجسدي، بما في ذلك القتل والاختفاء القسري، والمراقبة، وإساءة استخدام آليات إنفاذ القانون – المحلية والدولية على حد سواء – والإساءة ضد الأقارب في رواندا، والإضرار بالسمعة من خلال المضايقات عبر الإنترنت، محاولة واضحة لعزل المنتقدين المحتملين”.
محاولة للحفاظ على “الصورة الإيجابية لرواندا”
بعد أن واجهت خطة الحكومة البريطانية الكثير من التحديات القانونية التي منعتها من تنفيذ أية عمليات ترحيل، وصلت المعركة القضائية أخيرا إلى المحكمة العليا.
طعنت حكومة المحافظين في حكم محكمة الاستئناف الصادر في جوان الماضي، والذي اعتبر الاتفاق غير قانوني، مشيرا إلى أن رواندا ليست مكانا آمنا يمكن إرسال طالبي اللجوء إليه.
وفي جوان 2022، منعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مغادرة رحلة الترحيل الأولى، قائلة إن القضاة بحاجة إلى وقت للنظر في شرعية الخطة.
ووفق نتائج تقرير “هيومن رايتس ووتش”، رواندا “دولة لا يجب على المملكة المتحدة الاعتماد عليها للوفاء بالمعايير الدولية أو مبادئ سيادة القانون عندما يتعلق الأمر بطالبي اللجوء”، حسبما قالت ياسمين أحمد، مضيفة أن “خطة حكومة المملكة المتحدة تضر بسمعة المملكة المتحدة الدولية كدولة تدعي أنها تدعم حقوق الإنسان”.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن ممارسات “القمع” الرواندية ترمي إلى الحفاظ على الصورة الإيجابية لرواندا، وخنق المعارضة التي قد تظهر من الخارج.
الحكومة تدافع عن خطتها
لكن، تصر المملكة المتحدة على تطبيق الاتفاق، إذ تجده يشكّل رادعا للحد من توافد المهاجرين إليها في قوارب صغيرة تعبر بحر المانش انطلاقا من سواحل شمال فرنسا.
وخلال جلسة استماع الإثنين، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن ممثل وزارة الداخلية أمام المحكمة، جيمس إيدي كيه سي، إن رواندا “لديها كل الحوافز المتعلقة بالسمعة والحوافز المالية لمعاملة طالبي اللجوء بشكل جيد، وإن كانت هناك مخاوف حقيقية، فقد تم وضع مراقبة واسعة النطاق”.
وأكد على وجود “مراقبة مستقلة” وتعيين الحكومة مسؤولا “سيتمركز بشكل دائم في كيغالي لإنجاح الصفقة وكذلك للإبلاغ عن المخاوف”.
فيما قالت منظمة “ديتشن أكشن” التي تدعو الحكومة أيضا التخلي عن خطتها، إن محامين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أفادوا في جلسة الاستماع أمام المحكمة، بأنه لا يوجد دليل على أن رواندا حسّنت معاملة طالبي اللجوء. مشيرة إلى معارضة المفوضية إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا.