أعلنت العشرات من المنظمات القانونية ومنظمات المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم مناصرتها دعوى قضائية أمريكية تتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، ووزير دفاعه لويد أوستن بالتقاعس عن “منع وقوع إبادة جماعية” في غزة، حسب ما نشره موقع The Intercept الأمريكي.
يأتي ذلك بعد أن تطوعت 77 مجموعة -تمثل عشرات الآلاف من المحامين وقادة المجتمع المدني والناشطين من القارات الست- بتقديم مذكرة تدخلٍ بالاستناد إلى آلية أصدقاء المحكمة (amicus brief) في دعوى قضائية رفعتها على إدارة بايدن منظمات حقوق إنسان فلسطينية، وممثلون عن سكان غزة، ومواطنون أمريكيون وذووهم ممن تضرروا في العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.
ويشير مصطلح “تدخل صديق المحكمة” (amicus brief) إلى تطوع شخص أو مؤسسة بالمشاركة في قضية ما لتقديم وجهة نظر مستقلة عن الأطراف المتنازعة، ويستخدم المصطلح في العادة لوصف منظمات المجتمع المدني التي تتدخل في قضايا ترتبط بمهمتها ورسالتها لتقديم رأيها بشأن هذه القضايا، وتقديم معلومات محددة أو اتجاهات قانونية أغفلتها أطراف القضية عن المحكمة، لكي تأخذها المحكمة في الاعتبار عند إصدار حكمها. ومنها على سبيل المثال، تدخل المنظمات غير الحكومية المعنية بحرية الإعلام في محاكمة الصحفيين المستقلين بتهمة التشهير.
إبادة جماعية في غزة
وتقول المنظمات في المذكرة إن المدعين برهنوا في دعواهم على أن الفلسطينيين في غزة يواجهون إبادة جماعية، أو يحدق بهم خطر حقيقي ينذر بالتعرض للإبادة الجماعية في سياق الحرب الجارية.
وتجادل المنظمات بأن الولايات المتحدة تنتهك واجباتها بمقتضى القوانين الدولية التي تلزمها منع الإبادة الجماعية وعدم التواطؤ عليها، وأن إخفاقات الولايات المتحدة هذه تُسهم في تآكل “قواعد القانون الدولي الراسخة والمتعارف عليها على نحو واسع النطاق”، مثل اتفاقية منع الإبادة الجماعية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادرين في عام 1948 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
تتجه الدعوى إلى جلسة استماع في المحكمة الجزئية الأمريكية للمنطقة الشمالية من كاليفورنيا في وقت لاحق من شهر جانفي
ويأتي هذا في وقت تقدمت فيه جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بدعوى تتهم فيها دولة الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، وستبدأ المحكمة الدولية جلسات الاستماع للحجج في القضية الخميس 11 جانفي ، ويمكن أن تصدر المحكمة تدابير مؤقتة، تشمل توجيه الاحتلال لإيقاف عملياته العسكرية في غزة، وإيقاف إجراءات التهجير والتجويع في القطاع، واتخاذ التدابير اللازمة لتمكين الحفاظ على الأدلة المتعلقة بالادعاءات.
ويرى المحامون المشرفون على الدعوى الأمريكية أن القرارات التي ربما تُصدرها محكمة العدل الدولية يمكن أن تؤثر تأثيراً غير مباشر في قضيتهم.
وقالت أستا شارما بوخاريل، المحامية في منظمة “مركز الحقوق الدستورية” التي تمثل المدعين في القضية المرفوعة على الإدارة الأمريكية: “لعله من الواضح أن محكمة المقاطعة ليست ملزمة بالتصديق على ما تراه محكمة العدل الدولية، إلا أنه سيتعيَّن عليها وعلى الحكومة الأمريكية الإقرار بأن سلطة عليا، وهي محكمة العدل الدولية، أصدرت أمراً تستند فيه إلى معقولية الاتهام بالإبادة الجماعية، وأن إخفاق الإدارة الأمريكية في منع هذه الإبادة الجماعية أو التواطؤ عليها سيكون له عواقب على الولايات المتحدة”.
إدارة بايدن ترد على الدعوى
فيما قدمت إدارة بايدن في ديسمبر/ طلباً لردِّ الدعوى، بحجة أن المدعين يطلبون من المحكمة التصرف خارج نطاق اختصاصها “لتجاوز قرارات السلطة التنفيذية المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي”. وقالت الإدارة أيضاً إن المدعين ليست لديهم أهلية رفع الدعوى، لأن المحكمة ليست لها سلطة على أنشطة دولة أخرى ذات سيادة [إسرائيل].
وكان مسؤولون بارزون في الإدارة الأمريكية قد انتقدوا كذلك القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، إذ وصفها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، بأنها “عديمة الجدوى، ولها نتائج عكسية، ولا أساس لها في الواقع”.
ورُفعت الدعوى القضائية على الولايات المتحدة في نوفمبر في أعقاب البيانات المروعة التي أشارت إلى أن إسرائيل قتلت آنذاك ما يزيد على 11 ألف فلسطيني في قطاع غزة، أي إنها قتلت فلسطينياً من بين كل 200 فلسطيني يقيم في القطاع.
وشددت الدعوى على أن مسؤولي إدارة بايدن “رفضوا مراراً استخدام نفوذهم الجلي والكبير لتحديد شروط ملزمة أو وضع قيود كابحة على قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف والحصار الشامل المفروض على غزة”.