غزة: تقرير يتحدث عن “وجهة مجهولة” للنازحين وتخوفات من الأسوأ
ذكرت وكالة بلومبرغ في تقرير مطول، الخميس، أن إسرائيل عازمة على المضي قدما لنقل نحو مليون مدني من رفح قبل الهجوم على المدينة التي تسيطر عليها حماس في جنوب غزة، على الرغم من أن بعض المسؤولين يعترفون سرا بأنه ليس لديهم استراتيجية محددة لكيفية القيام بذلك، أو إلى متى ستستمر عملية الإجلاء ولا يعرفون حتى وجهة النازحين.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مقابلة هاتفية مع الوكالة، الأربعاء، في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي: “لقد أمرت بوضع خطة، وهم يعدونها وسيقدمونها قريبا”.
وقد لجأ معظم سكان غزة إلى رفح، ويعيش العديد منهم الآن في الخيام وفي الشوارع، ويواجهون الجوع والمرض.
ويرى قادة إسرائيليون أن العملية في رفح تعتبر بمثابة نقطة انعطاف، ويعتقدون أنهم يقتربون من تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وقد يمكنهم ذلك من العثور على حوالي 100 من الرهائن المتبقين.
ويقولون إن تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يتم في رفح، حيث يعتقد مسؤولون أن ما بين 5000 إلى 8000 من مقاتلي وقادة حماس يختبئون، معظمهم في الأنفاق، مع الرهائن في رفح.
مقترح أميركي
وبعد “الفيتو” الذي استخدمته في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار صاغته الجزائر لوقف إطلاق النار في غزة، كشفت واشنطن عن مقترح بديل يتضمن تفاصيل إضافية.
وتزداد المخاوف من احتدام الحرب في غزة وتوسعها في الضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان لا سيما في ظل تصريحات متشددة من مسؤولين إسرائيليين.
المقترح الأميركي يتضمن وقفا مؤقتا لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وعدم تسلم حماس للسلطة بعد الحرب، والتزام واشنطن بمسار حل الدولتين.
وقد لا تكون الجهود الأميركية لوقف الحرب حتى وإن بشكل مؤقت، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، خاصة في ظل تمسك حماس بموقفها بعدم الإفراج عن الرهائن دون صفقة، فيما ترفض إسرائيل وبشكل قاطع إعلان قيام دولة فلسطينية، بحسب ما تحدث به محللون لموقع “الحرة” في تقرير سابق.
وسوت ضربات إسرائيلية على مدينة رفح مسجدا بالأرض ودمرت منازل في ما وصفها السكان بأنها واحدة من أسوأ الليالي التي تمر بهم حتى الآن، بينما يزور، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القاهرة لإجراء محادثات يأمل سكان غزة أن تؤدي إلى هدنة في الوقت المناسب لتفادي هجوم شامل على رفح، وفقا لرويترز.
وقالت سلطات الصحة في غزة إنه تأكد مقتل 97 شخصا وإصابة 130 آخرين في الهجمات الإسرائيلية خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة، لكن معظم القتلى ما زالوا تحت الأنقاض أو في مناطق لم يتمكن رجال الإنقاذ من الوصول إليها.
وسوت ضربة إسرائيلية مسجد الفاروق وسط مدينة رفح بالأرض ليتحول إلى أنقاض وركام، وتحطمت واجهات المباني المجاورة. وقالت السلطات إن الجيش الإسرائيلي قصف أربعة منازل جنوبي رفح وثلاثة في وسط المدينة.
ووصف السكان الضربات بأنها الأعنف منذ الهجوم الإسرائيلي على المدينة قبل عشرة أيام والذي استعادت خلاله إسرائيل رهينتين وتسبب في مقتل عشرات المدنيين.
وقالت سلطات غزة إن ما لا يقل عن 20 شخصا قتلوا أيضا في قصف على منزلين في وسط القطاع، وهي المنطقة الكبيرة الأخرى الوحيدة التي لم تجتاحها القوات الإسرائيلية بعد في هجومها المستمر منذ خمسة أشهر.
وشنت إسرائيل أحدث حملاتها العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون من حماس التي تدير القطاع بلدات ومواقع إسرائيلية في السابع من أكتوبر في هجوم تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
ومنذ ذلك الحين، سقط ما يقرب من 30 ألف قتيل في غزة، ونحو 70 ألف جريح، وفقا لسلطات الصحة في القطاع، مع مخاوف من وجود آلاف آخرين تحت أنقاض المباني المدمرة ولم يتم انتشال جثثهم بعد.
محادثات هنية في القاهرة
وهددت إسرائيل بشن هجوم شامل على رفح، آخر مدينة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة، على الرغم من المناشدات الدولية، بما في ذلك من حليفتها الرئيسية واشنطن، للتراجع عن هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى حمام دم، وفقا لرويترز.
ويقول السكان الذين فروا إلى رفح من مناطق أخرى إنه لم يعد هناك ملجأ آخر يذهبون إليه.
وفي الوقت نفسه جفت تدفقات المساعدات بشكل شبه كامل خلال الأسبوعين الماضيين إذ تقول الأمم المتحدة إن عمليات نقلها لم تعد آمنة بما يكفي في كثير من الأحيان.
وأصدر رؤساء وكالات الإغاثة الرئيسية التابعة للأمم المتحدة ومنها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، رسالة مشتركة يطالبون فيها بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
وكتبوا “الأمراض متفشية والمجاعة تلوح في الأفق والمياه تتناقص والبنية التحتية الأساسية دمرت وتوقف إنتاج الغذاء وتحولت المستشفيات إلى ساحات قتال ويواجه مليون طفل صدمات يوميا”.
وحذروا قائلين إن أي مزيد من التصعيد في رفح المكتظة “من شأنه أن يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى. كما يمكن أن يوجه ضربة قاتلة للاستجابة الإنسانية التي انهارت بالفعل”.
وفشلت المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل أسبوعين عندما رفض نتانياهو عرضا من حماس بشأن هدنة مدتها أربعة أشهر ونصف الشهر تنتهي بانسحاب إسرائيل.
وتقول حماس، التي يعتقد أنها لا تزال تحتجز أكثر من 100 رهينة، إنها لن تطلق سراحهم ما لم توافق إسرائيل على إنهاء القتال والانسحاب من غزة. وتقول إسرائيل إنها لن تنسحب قبل القضاء على الحركة.
لكن وصول هنية إلى القاهرة هذا الأسبوع في أول زيارة معلنة له منذ ديسمبر، هو أقوى إشارة منذ أسابيع على أن المفاوضات مستمرة.
والتقى هنية بمسؤولين مصريين يشاركون في الوساطة، لكن حتى الآن لم يعلَن عن المحادثات سوى القليل من التفاصيل.
وقال سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج لرويترز إن إسرائيل تتراجع الآن عن الشروط التي قبلتها بالفعل في بداية فبراير في عرض لوقف إطلاق النار صاغته الولايات المتحدة ووسطاء مصريون وقطريون في باريس.
وقال “نتانياهو غير معني بملف الأسرى وكل ما يهمه هو مواصلة تنفيذ حكم الإعدام في غزة”.
ولم يصدر أي رد بعد من المسؤولين الإسرائيليين على هذه التصريحات. وقال نتانياهو إنه لن يوافق على “مطالب حماس الوهمية” لكنه قال إنه إذا أبدت الحركة مرونة فسيكون من الممكن إحراز تقدم.
وقال، بيني غانتس، عضو مجلس وزراء الحرب، الأربعاء، إن هناك “مؤشرات أولية واعدة على إحراز تقدم” بشأن اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن من غزة، وإنه بدون اتفاق ستواصل إسرائيل الحرب.
وقال “لن نتوقف عن البحث عن طريقة ولن نفوت أي فرصة لإعادة بناتنا وأبنائنا إلى الوطن”.