ألغى المجلس العسكري الحاكم في النيجر بـ”أثر فوري” اتفاقاً عسكرياً مع الولايات المتحدة يسمح بتواجد عسكريين وموظفين مدنيين من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) على أراضي البلاد.
ويأتي القرار في أعقاب زيارة قبل أيام لمسؤولين أميركيين، على رأسهم مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في، وكان منهم قائد القيادة الأميركية في إفريقيا مايكل لانجلي.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الحاكم في النيجر أمادو عبد الرحمن، متحدثاً عبر التلفزيون في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، إن الوفد الأميركي لم يتبع البروتوكول الدبلوماسي ولم يتم إبلاغ نيامي بتشكيل الوفد الزائر أو موعد وصوله أو جدول أعماله.
وأضاف عبد الرحمن أن المناقشات دارت حول الانتقال العسكري الحالي في النيجر والتعاون العسكري بين البلدين.
وكان في النيجر منذ العام الماضي نحو 1100 جندي أميركي، إذ تعمل القوات الأميركية من قاعدتين إحداهما قاعدة لطائرات مسيّرة معروفة باسم القاعدة الجوية “201” التي تم بناؤها بالقرب من أجاديز في وسط النيجر بتكلفة تزيد على 100 مليون دولار.
شريك أمني رئيسي
وقبل انقلاب 26 جويلية 2023، الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، كانت النيجر شريكاً أمنياً رئيسياً لفرنسا والولايات المتحدة، التي استخدمتها كقاعدة للمساعدة في الحرب ضد جماعات تربطها صلات مع تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، في أنحاء منطقة الساحل الإفريقي وخارجها.
وبعد الانقلاب، طالب المجلس العسكري الحاكم في النيجر برحيل الجنود الفرنسيين، الذين كان يُقدر عددهم بنحو 1500 جندي، كما ألغى العديد من الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع باريس.
وباتت النيجر ومالي وبوركينا فاسو أقرب اقتصادياً وعسكرياً إلى شركاء جدد، بينهم روسيا. وغادر آخر الجنود الفرنسيين في النيجر في 22 ديسمبر.
وبعد الانقلاب العسكري، علّقت واشنطن تعاونها مع النيجر، قبل أن تعاود الاتصال مع المجلس العسكري الحالي.
“اتفاق مجحف”
وأشار المتحدث باسم المجلس العسكري الحاكم في النيجر إلى أن الوجود العسكري الأميركي “غير قانوني، وينتهك كل القواعد الدستورية والديمقراطية”.
ووصفت نيامي، الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة بأنه “مُجحف، وقد فرضته واشنطن أحادياً عبر مذكرة شفهية بسيطة” في 6 جويلية 2012.
ولم يتمكن الوفد الأميركي، الذي بقي في نيامي 3 أيام من لقاء قائد المجلس العسكري الحاكم عبد الرحمن تياني، وفق مصدر حكومي نيجري.
وأدان عبد الرحمن “الموقف المتعالي” لرئيسة الوفد مولي في، وهو “موقف من شأنه أن يُقوّض طبيعة” العلاقات بين البلدين.
ووصل الوفد إلى نيامي، الثلاثاء، وكان مقرراً في البداية أن يبقى هناك يومين، لكنه قرر تمديد إقامته، وفق المصدر الحكومي النيجري. فيما تمكن من مقابلة رئيس الوزراء الذي عيّنه الجيش، علي الأمين زين مرتين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر عبر منصة “إكس” إن واشنطن أخذت علماً ببيان المجلس العسكري الحاكم في النيجر وإنه جاء بعد “مناقشات صريحة (…) بشأن مخاوفنا حيال مسار المجلس العسكري”.
وأضاف ميلر أن الولايات المتحدة ما زالت على اتصال مع المجلس العسكري الحاكم في النيجر.
عودة النظام الدستوري
وتحدّث عبد الرحمن، مساء السبت، عن عودة النظام الدستوري إلى هذا البلد الذي شهد تقارباً من جارتَيه بوركينا فاسو ومالي اللتين يحكمهما أيضاً الجيش، وكذلك من دول مثل إيران وروسيا.
وقال عبد الرحمن إن “حكومة النيجر أكدت مجدداً عزمها الراسخ على تنظيم العودة إلى الحياة الدستورية الطبيعية في أقرب وقت”، مشدداً على أن هذا “التزام رسمي” من جانب رئيس المرحلة الانتقالية “مثلما عبّر عنه في خطابه إلى الأمة في 19 اوت
وفي ذلك الخطاب، تحدّث قائد المجلس العسكري الحاكم تياني عن فترة انتقالية تتحدد مدتها في إطار “حوار وطني” على ألا تتجاوز 3 سنوات.
ومنذ الانقلاب، انسحبت النيجر، على غرار بوركينا فاسو ومالي، من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي فرضت عليها عقوبات شديدة.
وفي نهاية فبفري قررت “إيكواس” رفع جزء كبير من هذه العقوبات.
كما أعلنت النيجر وبوركينا فاسو ومالي إنشاء قوة مشتركة لمحاربة الجماعات المسلحة المتشددة التي تستهدف البلدان الثلاثة بانتظام.