بقلم: حسني الزغدودي– لم يكن منطقيا اومن باب المهنية الخوض في مشاركة نسورقرطاج اثرمباراة اولى او بعد جولتين فقط. لكن اكتمال الدورالاول بهكذا اسلوب وهكذا تعادلات.. اثاردهشة المتابعين والنقاد الكرويين واستياء شعب تونس العظيم.
نعم .. لقد اصابت المنتخب “وعكة صحية حادة ” خلال اقامته في “العين السخنة” المصرية في مشاركته (عدد19) في الامم الافريقية . ونعم..بقيت “حالتنا مستقرة ” لاحقا..عبرتعادلات متتالية ومخيبة للامال..جاءت الواحدة تلو الاخرى كصدمة و “دوش بارد على البلاد والعباد”.
هي “وعكة كروية حادة ” شكلا و مضمونا اصابت “تونس-الكرة” بتاريخها الحافل في لعبة الجلد المدور,بمشاركاتها المونديالية الخمس, وبلقب “اولادها المميزين من جيل 2004” (حقي والطرابلسي وبدرة و النفطي و الجزيري و سانتوس) والذين كانوا خير خلف “لاولاد سابقين” ملؤا الدنيا وشغلوا الناس ذات شتاء من عام 96 (شكري, البوعزيزي, بية, السليمي في ملحمة “ماناش امروحين..”جنوب القارة)
شغور رسمي .. في حراسة المرمى
وعكة.. فشغور دائم في حراسة المرمى. هل هو سؤ تقديرام هي محاباة (لا ادري) جعلت الترتيب التفاضلي لحراس تونس في الكان 19 يحدد باختيارات خاطئة. فاروق ضد انغولا, معز امام مالي, و معز من جديد في الثالثة (ولا يعاقب رغم خطاء الثانية, بينما تمت عقاب فاروق اثر هفوة الاولي)
حدث ما شاهده التونسيون..بان خسرنا حارسين (على صعيد الثقة والمعنويات و نقاء العلاقات داخل معسكر المنتخب) بعد اقل من اسبوع في الامم الافريقية. فالحارس الاول, نظريا على الاقل (فاروق), باختياره لبداية الدورة, يخرج من التشكيل الاساسي اثر تسعين دقيقة , و يعوضه من لعب 5 مباريات فقط في دوري رديف فرنساCFA)) خلا موسم باكمله (حسن).
من السويس.. اداء بالعرض البطيئ
بعيدا عن المرمى,كانت مبارياتنا و كان ادائنا “بالعرض البطئ”,مقارنة بما تقدمه “جزائر بلماضي” او” مغرب الذئب رونار”.
اولى افتتاحية متواضعة جدا امام #انغولا (الشوط الثاني نموذجا), اعترف على اثرها لاعبوالمنتخب, بدئا من قائدهم المساكني, بانها كانت للنسيان..كيف لا وقد انهيناها بصفر من الركنيات و توزيعتين هجوميتين فقط في 90 دقيقة.
ثم جاءت الثانية #مالي في يوم ” جمعة ” ارادها التونسيون مباركة.. جمعتنا بنسورالعاصمة باماكو. لكن الحياة ليست بالتمني..(حياة التونسيين تحديدا في السنوات الاخيرة), فجائتنا المباراة مزعجة نفسيا و فرجويا ,لو استثنينا اول عشرين دقيقة, واستمرت وسط الحرارة الحارقة ل”صيف السويس الساخن”.
وانتهت بتغييرتاريخي من جيراس في سياق” التبديلات العبقرية للبطولة “, ليدخل “الايرلندي بن محمد” مكان السليتي في اخر 8 دقائق, لنكتشف لاحقا بانه من اجل مزيد اغلاق المنافذ و تجنب الخسارة امام مالي..علما بانها ” ليست مالي العصر الذهبي لسايدو كيتا و كانوتي ,و ديارا..”
واستنتاج من تشكيلنا امام مالي..فهوعود على بدء بتغييرالحارس و طريقة اللعب: (حسن في المرمى عوضا فاروق, كشريدة يعود الى اليمين,البدري مكان المساكني, الخنيسي مهاجم صريح ) وهو دليل قاطع على فشل اختيارات المباراة الاولى#انغولا
وفي الثالثة #موريطانيا (الجديدة كليا.. في الكان), لم تكن لدينا خيرات سوى الفوز لحفظ ماء اوجه.. الفوز لكي لا نكون “ايطاليا 82 ” التى تعادلت تواليا ضد بولندا والبيرو والكامرون في دور المجموعات.. ثم رفعت كاس العالم اثرمباراة سابعة ( في مدريد ذات يوم من يوليو82 ) مع فارق, ليس بالطفيف, بانه منتخب تطور ثناء البطولة الى حد امتلاك جراة “هزم البرازيل بنجومه الاسطوريين..زيكو و سقراط و فالكاو..”
و الثالثة من السويس..جائتنا في شكل فضيحة كروية بامتياز. فتونس-موريطانيا كانت مواجهة لتحديد المصير,اختصرها بالتسائل : “هل عرفتم خلال متابعتها من هوالمنتخب الذي لعب كاس العالم.. ومن هو الذي يتعلم من مشاركته الاولى في الامم الافريقية.”
ورجاءا خبروني: ما هو لون قميص بلادنا في هذه المباراة..هل كنا نلعب بالاخضر ام بالفانلة البيضاء..لم افهم..
تحضيرللكان.. بعد انطلاق بطولة الكان..
مشاكلنا في هذه الكان هجومية بالاساس, وتحديدا في التنشيط الهجومي و القدرة على بناء الهجمة المركزة.
ذهبنا الى مصر دون ان نعلم (والاطارالفني معنا) من هو”بونته” (قلب الهجوم الصريح). فبدأ وهبي, ثم اصبح طاها, بحكم ضغط اعلامي و جماهيري , وليس وفقا لقناعات ثابتة. وكنا نجهل ايضا من هو الحارس الاول للمنتخب (المركز الوحيد الذي يحتاج وضوحا و حسما مسبقا قبل انطلاق البطولات)
ذهبنا الى مصر بلا قناعات واضحة.. فتكررت الحكاية مع الصرارفي, القيمة الثابتة لنيس الفرنسي والمنتخب او”الاحتياطي الغاضب”..دخل التشكيل في الثالثة (#موريطانيا) في ما اصنفه شخصيا ” تبديل الجماهير والاعلام التونسي”..قبل ان يكون اختيارالمدرب الان جيراس”..تماما كما كان ” ارجاع كشريدة الى مكانه الطبيعي”, او اشراك ” البونته ” الخنيسي لتامين العمق الهجومي في الخطة ضد مالي.
لكن الاخطر,حسب اعتقادي,هو ذهابنا الى مصرل” نحضرالكان هناك “, و كانها لم تنطلق بعد, فتحولت مبارياتنا في هذا الدورالاول العجيب الى تجارب متاخرة..واختيارات غيرمفهومة في مراكزعديدة على الملعب؟
و في هذا السياق, تصريح لفراس بالي (معد بدني مستحدث..في اول بطولة له في خطة قيادية بالمنتخب), مفاده بان الجاهزية اللياقية القصوى لللاعبين (Pic de Forme) , مبرمج ليحدث لاحقا مع ” الثالثة والادوار الاقصائية للدورة “. و في هذا الجانب, ادعو فريق الاعداد البدني لاعادة متابعة مباريات اسود الاطلس المغاربة و مشاهدة ” القدرة الانفجارية وجاهزية البداية..” لنجوم.. خرجوا من موسم اوروبي مرهق بحجم زياش اجاكس الهولندي, وحكيمي دورتموند الالماني, و بلهنده غلاتساراي التركي.
ذهبنا للكان و درجة جاهزيتنا غير مكتملة في معسكر” العين السخنة ” الاخير..وبعد سؤ تقدير سابق على صعيد اختيار”الاسماء” و “الوديات”. فمنذ متى نستعد لامم افريقيا بمباريات دولية امام منتخبات من اسيا و اوروبا (العراق وكرواتيا), ورجاءا لا تقولوا لي بان ” تونس حضرت الكان بملاقاة بوروندي” في رادس ساعات قبل السفر الى مصر.. فقليل من الحياء..
جيراس.. السابع في اخر خمسة اعوام..
وعلى جانب اخر,وبما ان القارئ التونسي والجماهيرالعريضة تدرك بانني لست من اتباع نظرية تعيين” كبش الفداء”, اطرح استفسارا لامفرمنه :
هل تقتصرمشاكلنا مع هذا المنتخب في شخص”جيراس” ؟ ,وضبابية افكاره , واليس من النزاهة,في هذا السياق ,ان نتسائل “ماذا وفرنا لهذا الرجل؟ ” :
ساجيبكم سريعا بان جامعة الكرة الموقرة.. وفرت له اول معسكر لتجميع و اكتشاف اللاعبين يوم 17 مارس,تسعون يوما فقط قبل الكاس الافريقية للامم 2019, وحينها لا يزال الثنائي الكنزاري/العقبي على راس المنتخب. وكل ذلك لسبب وجيه ” لانها اختارته في شهر ديسمبر2018.. مكره اخاك لا بطل ..
ماذا وفرنا للمدرب الوطني من توقيت ومساحة زمنية ليعرف البلاد و العباد. وان نسيتم..فانا لا.. الم ياتي نجم خط وسط منتخب الديوك الفرنسي سابقا (رابع مونديال 82, بطل اوروبا 84 , وثالث مونديال 86) بعد اقواس متسرعة وقاتمة في تاريخ فريقنا القومي :
البنزرتي,(لا نعرف الى الان كيف جاء ولماذا اقيل؟) , معلول (ولاية تدريبية منتهية..اثرفضيحة-مباراة بلجيكا و مونديال الساحة الحمراء), وقبلهم ليكانس وكرول..
وسط كل هذه الاختيارات العشوائية.. نريد منتخبا وتجانسا ومسارات لعب واضحة تؤدي الى اسلوب هجومي خاص بالمنتخب.. بينما التجئنا الى 7 مدربين مختلفين في اخر 5 سنوات .
نحن,معشر التونسيين ..نتهم جيراس الذي عين على راس النسور 3 اشهر قبل البطولة, والتى بالمناسبة, خرجنا من دورها الاول “مرتين في اخر خمس مشاركات, ولم نتجاوز ربع النهائي فيها منذ 15 عاما “. وهل نسينا بان” انجح المدربين”, نتائجا وادائا في تاريخ المنتخب,هم من تمتعوا بحظ الاستمرارية والبقاء لسنوات طويلة على دكة الفريق: الشتالي (75-78), و كاسبرجاك ( 94-98) و لومار (02-08 )
ما تبقى في ذاكرة التونسيين من مشاهد ملعب السويس..هو ان ” الان الفرنسي” لا يبدو قادرا على السيطرة..على لاعبين تونسيين لا يمكن ان نعتبر خاصية ” التواضع ” من نقاط قوتهم ,وهنا اتوجه مباشرة (بالمصريبلا لف ودوران) الى من يدعونهم “نجوم المنتخب”..ويعرفون انفسهم..
شغوردائم لنسور بلا جاهزية للطيران..شغور في صنع اللعب..في كيفية مهاجمة الفرق التى تؤدي بكتلة دفاعية صلبة في الملعب (بلوك الفريق الخصم المتاخر على الملعب).. شغور في صنع الفرح للتونسيين وتشريف علم الخضراء في سماء ارض الكنانة.. هل هي مسالة روح؟ , ام هو اشكال في نوعية الاعبين ؟ ام ان مشاكلنا ابسط من ذلك بكثير: “مدرب جديد لم يفهم شيئا من تونس وكرتها و منتخبها “.
هل يختزل العطب في جيراس الذي ” يبدو انه ترك علوم كرة القدم في فرنسا..قبل وصوله الى مطار تونس قرطاج الدولي”. ام ان الاشكال اعمق من مجرد ” تعيين كبش فداء “. وان صدقت الرواية التى “وصلتنا من كواليس العين السخنة”..بانه ليس القائد الوحيد للسفينة..ولا يتحكم في كل شىء, فاذن..من هو المدرب الفعلي للمنتخب ؟. وهنا, متاسف جدا للقول بان “مشاكلنا في امم افريقيا الحالية هي خارج الملعب.. اكثر مما هي بداخله..”
و لان البرازيل – الارجنتين قادمة على عجل الان, في المربع الذهبي لكوبا امريكا, ساغادركم على امل احلام مختلفة..
كانت مباراة تافهة.. و معها نقطة ثالثة تافهة.. وترشح مر.. بلا انتصار و في طعم الانسحاب. اهلا بكم الى ” اسؤ منتخب في تاريخ الكرة التونسية عبر كل الازمان”.
وبعيدا عن حكاية تعادلات ايطاليا والبرتغال الثلاث,عند دورالمجموعات لمونديال 82 و يورو 16, سادعوكم ,فضلا و ليس امرا, لايقاف تدفق القصص الاعلامية الجميلة.. مع استنتاج ختامي لا يلزم سوى شخصي : لن اشاهد تونس- غانا يوم 7.8 لان “منتخب بلادي مريض”..ومستمر ضمن الدور الثاني للكان رغم انه في موت سريري. ” نحن في مصر.. ببركات السيدة زينب ..والحسين “. شكر الله سعيكم.