ابراهيم العيساوي: كيف تحول بائع البنزين المهرب إلى إرهابي؟
وبعدها بساعات قليلة، قالت الشرطة الفرنسية إن الشاب التونسي دخل إلى الكنيسة، وقتل شخصين، وقطع رأس امرأة. وهو يردد “الله أكبر”.
وقال شقيق إبراهيم، ياسين العيساوي، لرويترز: “أخبرنا أنه وصل للتو ولم يعرف أحدا هناك… قال إنه سيغادر المبنى في الصباح، ويبحث عن تونسي للتحدث معه ليرى ما إذا كان يمكنه البقاء معهم أو العثور على وظيفة”.
وأضاف شقيقه ياسين، في تصريح آخر لوكالة فرانس برس، قائلا: “هذا غير عادي”، مبديا استغرابه من سرعة وصول إبراهيم (21 عاما) وقيامه بالهجوم.
وإبراهيم العيساوي اعتقل لارتكاب جريمة عنف، واستعمال سكين، قبل أربع سنوات عندما كان مراهقا. وتخلى عن المخدرات والكحول وبات مداوما على الصلاة، إلا أنه لم يكن مدرجا على أي قائمة تونسية أو فرنسية للجهاديين المشتبه بهم، وفقا للشرطة في البلدين.
وانتهى هجوم الخميس عندما أطلقت الشرطة النار على العيساوي ليرقد في حالة حرجة. كان يحمل مصحفا والسكين الطويلة المستخدمة في القتل. وقالت الشرطة إنها عثرت على سكاكين أخرى بجوار حقيبته.
في منزل عائلة العيساوي بطينة في ضاحية صفاقس، يبكي والداه وتسعة من إخوته وهم يتحدثون عن وقع الصدمة.
وعندما عرضت التقارير التليفزيونية موقع الهجوم، تعرفوا على المكان لأول وهلة، وقالوا إنه حدثهم من المبنى الذي كان يتلقى فيه العلاج بعد إصابته برصاص الشرطة.
ولم يروا ابنهم إبراهيم منذ سبتمبر عندما صعد على متن قارب صغير متجها إلى لامبيدوزا الجزيرة الإيطالية الصغيرة على بعد 130 كيلومترا فقط، وهي نقطة وصول رئيسية للمهاجرين إلى أوروبا.
ولم يخبر إبراهيم عائلته بمخططه للهجرة لعلمه أن والدته كانت ترفض ذلك، لكنه أصر على الذهاب هذه المرة بعد أن فشل في ذلك العام الماضي، مثل كثيرين من أقرانه في المنطقة وفي عديد من جهات البلاد ممن يحلمون بالوصول إلى أوروبا بحثا عن كسب سريع وتحسين أوضاعهم البائسة.
تحدث ياسين بصدمة عن طموحات شقيقه، قائلا: “لقد كان يقول أريد أن أعمل وأن أتزوج وأن أشتري منزلا وسيارة مثل أي شخص آخر”.
ولا يريد ياسين إبراهيم تصديق أن أخيه هو من نفذ تلك العملية البشعة تماما مثل بقية العائلة التي تقول إنه قد يكون متفرجا عاديا في ذلك المكان، وكان محاصرا في جريمة شهدها، ولم يكن طرفا فيها.
وتقول عائلته وجيرانه إنه كان يبيع الوقود المهرب في كشك صغير للوقود بالمنطقة.
وصل إبراهيم إلى إيطاليا حيث أقام في جزيرة لامبيدوسا منذ 20 سبتمبر، قبل أن ينتقل إلى داخل إيطاليا في الثامن من أكتوبر الحالي.
وقالت أسرته إن العيساوي وصل إلى فرنسا الأربعاء. بينما كان الآلاف من المسلمين حول العالم يحتجون على رد الحكومة الفرنسية على مقتل مدرس.
واتصل المشتبه به في هجوم نيس بعائلته ليخبرهم أنه غادر إيطاليا. فقالت والدته قمرة: “أنت لست متعلما. لا تجيد اللغة. لماذا ذهبت إلى هناك؟”. فأجاب “أمي أحتاج دعواتك فقط”.
وقال المدعي العام الفرنسي إنه بعد وصوله إلى نيس قرابة فجر يوم الخميس، أمضى حوالي ساعة ونصف الساعة في محطة القطار، ثم ارتدى حذاء جديدا ووقع الهجوم بعد ذلك.
“لم يكن سلوكه مريبا”
كانت عائلة العيساوي تعيش في طينة منذ أن كان إبراهيم رضيعا، وهو واحد من ثلاثة أولاد وسبع فتيات في العائلة بعد أن انتقلوا للعيش هناك، قادمين من منطقة نائية في القيروان اسمها سيدي عمر بوحجلة.
وقالت أخته عفاف لرويترز إن إبراهيم انقطع مبكرا عن الدراسة، وإنه لا يتقن أي لغة باستثناء العربية.
واشتغل ابراهيم ميكانيكيا قبل أن يوفر قليلا من المال ليشتري مضخة وقود لعلها تساعده في توفير ما يحتاجه للوصول إلى الضفة الأخرى.
عائلته وجيرانه يقولون إنه لم يكن معروفا أن لديه أي آراء متشددة أو ينتمي إلى دوائر جهادية، وكان لا يتردد بانتظام على مسجد المنطقة.
وأصبح إبراهيم مواظبا على الصلاة كثيرا في المنزل منذ حوالي عامين، على حد قول شقيقه، بعد أن تخلى عن تناول الكحول والمخدرات.
وقال أشرف فرجاني أحد جيران العيساوي: “لم يكن سلوكه مريبا أبدا. لم أسمع أبدا عن تعامله مع جماعات متطرفة أو أي شيء يتعلق بالإرهاب أو التطرف”.
كانت والدته تبكي بحرقة أثناء حديثها لرويترز عن ابنها.
وتخضع الأسرة للتحقيق الآن، وصادرت الشرطة بعض هواتفهم.
وعلى عكس كل روايات الشرطة الفرنسية وشهود يقول شقيقه: “ربما وقع الهجوم وسمع شيئا فركض ليرى ما حدث، وأطلق عليه الرصاص”.