تونس تسجل أعلى معدل وفيات كورونا في العالم العربي وإفريقيا.. الصحة العالمية تدعو لمساعدتها عاجلاً
أعلن ممثل منظمة الصحة العالمية إيف سوتيران، الثلاثاء 12 جويلية 2021، أن تونس تسجل عدد وفيات هو “الأعلى” في المنطقة العربية والقارة الإفريقية وتمر “بوضع صعب” قد يزداد سوءاً، وتحتاج البلاد إلى مساعدات ولقاحات في وقت ندّدت فيه المنظمة بـ”جشع” الدول التي تفكّر بتطعيم سكّانها بجرعة ثالثة من اللّقاحات المضادّة لكوفيد-19 في الوقت الذي لا يزال فيه سكّان دول عديدة أخرى ينتظرون تلقّي جرعتهم الأولى.
سوتيران قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية إن تونس تسجل نسبة وفيات هي الأعلى في القارة الإفريقية والعالم العربي، مضيفاً أنه يتم تسجيل “أكثر من 100 وفاة في اليوم” في بلد يسكنه نحو 12 مليون نسمة، وأردف: “هذا حقاً كثير”.
وتابع المسؤول الصحي أن “تونس أكثر شفافية في نشر المعطيات من دول أخرى.. وعدد الوفيات الذي تنشره من دون شك قريب من الواقع”، كما أكد رئيس مكتب المنظمة في تونس أن الوضع الصحي خطير، وكلّ المؤشرات حمراء.
كما نبّه الخبير الصحي إلى “أن نسخة دلتا تنتشر بشكل واسع اليوم”، مضيفاً: “يمكن أن نعتبر أننا لم نصل بعد إلى الذروة الوبائية لا من حيث عدد الحالات ولا من حيث عدد الوفيات”، وأضاف: “تواجه تونس إمكانية عيش أيّام صعبة” سيكون خلالها “النظام الصحي مطلوباً جداً”.
كما تحدث الخبير الصحفي عن الموارد البشرية التي تعمل في أقسام الكوفيد قائلاً إنها “منهكة جراء الأزمة الصحية وأعدادها غير كافية، إضافة إلى قلّة في الاختصاصات في المستشفيات الحكومية وخصوصاً في الإنعاش والتخدير… والنظام الصحي غير قادر على الاستجابة للطلبات الكبيرة للعلاج”، وتابع المسؤول: “يجب مساعدة (تونس) وخصوصاً باللقاحات” التي تواجه البلاد صعوبات في اقتنائها “بسبب مشكلة توافرها”.
مساعدات عاجلة لتونس
وتحاول بعض الدول مساعدة تونس لإنقاذها من أزمتها الصحية؛ إذ قررت كل من تركيا والسعودية والجزائر إرسال مساعدات طبية عاجلة لها، إذ قالت وزارة الصحة التونسية إن البلاد تشهد “موجة وبائية غير مسبوقة تتميز بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا” في معظم الولايات، مع ارتفاع في معدل الإصابات والوفيات.
وأضافت الرئاسة التونسية: “ستحلّ ببلادنا، الثلاثاء، طائرة عسكرية محمّلة بـ50 ألف تلقيح (جرعة) ضد فيروس كورونا ووحدات تنفّس اصطناعي وأجهزة توليد أوكسجين ومعدّات ومستلزمات طبية متنوّعة ممنوحة من تركيا إلى تونس”.
كما وَجَّهَ العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، بدعم تونس بشكل عاجل بالأجهزة والمستلزمات الطبية والوقائية، بما يسهم في تجاوز آثار الجائحة، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، الإثنين.
وأوضح المستشار بالديوان الملكي، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة، عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، أن “المساعدات تشتمل على تأمين مليون جرعة من اللقاح المضاد لكورونا، و190 جهاز تنفس اصطناعي، و319 جهازاً مكثفاً للأوكسجين، و150 سريراً طبياً”.
كما تضم “50 جهاز مراقبة العلامات الحيوية مع ترولي، و4 ملايين كمامة طبية، و500 ألف قفاز طبي، و180 جهاز قياس للنبض، و25 مضخة أدوية وريدية، و9 أجهزة للصدمات الكهربائية، و15 منظاراً للحنجرة بتقنية الفيديو، و5 أجهزة تخطيط القلب (ECG)”، وفق الوكالة.
كما ذكرت الرئاسة التونسية، في بيان، أن اتصالاً هاتفياً جمع الرئيس سعيّد، بنظيره الجزائري، عبدالمجيد تبون، وتناول الأوضاع الصحية في تونس.
وقال تبون، خلال الاتصال، إن “الجزائر سترسل، الثلاثاء، طائرة محمّلة بـ250 ألف جرعة من التلاقيح إلى جانب العديد من المعدات الطبية لمواجهة هذه الجائحة”.
أزمة صحية في تونس
وتأتي هذه الأزمة الصحية بعد أن تمكنت تونس في وقت سابق من تجاوز الموجة الأولى واحتواء الوباء بين مارس واوت 2020، وبلغت نسبة الوفيات حينها خمسين.
لكن وصل عدد الوفيات اليوم الى أكثر من 16 ألفاً، وتم تسجيل أرقام قياسية بـ194 و189 و134 وفاة يومياً خلال الأيّام الأخيرة بسبب انتشار متحورة دلتا الشديدة العدوى والمتواجدة بكثافة في البلاد.
وتشهد بعض الولايات التونسية “اليوم وضعاً وبائياً مقلقاً للغاية. مثل ما حدث في القيروان (وسط) وسليانة (وسط) وباجة (شمال غرب)، بالإضافة إلى تطاوين (جنوب) والقصرين (وسط)”.
وبالاضافة إلى الأزمة الصحية تعيش تونس على وقع أزمة سياسية تؤثر على اتخاذ القرارات وعلى ثقة التونسيين بالسلطات الحاكمة، كما أن قطاع الصحة الحكومي الذي كان يشكل فخراً للتونسيين أصبح يعاني من سوء إدارة ونقص في المعدات والتجهيزات، ويرى المسؤول أن عوامل أخرى كثيرة ساهمت في وصول تونس إلى هذا الوضع “الصعب جداً”.
وفرضت تونس تدابير وقائية وصارمة فيمارس 2020 ما سمح لها بالسيطرة على الوضع الوبائي لفترة، لكن ثمن ذلك كان كبيراً.
وتلقى 11% من سكان تونس جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، و5% تطعيماً كاملاً، و”هذا دون المطلوب لتحصيل المناعة الجماعية”، وفق المسؤول.
الصحة العالمية غاضبة
وفي سياق متصل، انتقد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس “جشع” الدول التي تفكّر بتطعيم سكّانها بجرعة ثالثة بدل التبرع بها للدول الفقيرة، وقال غيبريسوس خلال مؤتمره الصحفي الدوري في جنيف: “إذا لم ينجح التضامن، فهناك كلمة تُفسّر إطالة عذاب هذا العالم (…) إنّها الجشع”، وبنبرة غاضبة ندّد المدير العام بالانقسام العالمي في ما يتعلق بعمليات تسلّم اللقاحات “غير المنتظمة وغير المتكافئة”.
كما ندّد بواقع أنّ بعض البلدان وبعض المناطق بصدد طلب ملايين الجرعات الثالثة (المُعزّزة) بينما لم تتمكّن بلدان أخرى بعد من تحصين العاملين في مجال الرعاية الصحية والمجموعات الأكثر ضعفاً من سكانها.
ولطالما انتقد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ونوابه الدول والصناعيين الذين يبرمون هذه العقود من أجل الحصول على جرعات ثالثة.
وأوصى تحالف فايزر/بايونتيك، الجمعة، بتلقي جرعة ثالثة من لقاحه لجعله أكثر فاعلية، في الوقت الذي تتسبّبت فيه متحورة دلتا الشديدة العدوى بتفشي الوباء في آسيا وإفريقيا وتزايد أعداد الإصابات في أوروبا والولايات المتّحدة.
وقالت المديرة العلمية لمنظمة الصحة العالمية سوميا سواميناثان، الإثنين، إنّه “لا يوجد دليل علمي يشير إلى أنّ المرء يحتاج إلى حقنة معزّزة”، بخلاف الجرعتين الأوليين الموصى بهما.