يعوّل الليبيون على الانتخابات الرئاسية لأجل الاستمرار في وقف القتال ونهاية الانقسام السياسي الحاد. غير أن القانون المنظم للانتخابات يثير انقسامات ويرى البعض أنه قد فصل على مقاس رجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر. كيف ذلك؟
جدل في ليبيا بسبب القانون المنظم للانتخابات الرئاسية المقبلة الذي يرى المعترضون عليه أنه فُصل على مقاس الجنرال خليفة حفتر حتى يكون رئيساً للبلاد، رغم الاعتراض الواسع عليه في مناطق غرب ليبيا.
ويعود الجدل تحديداً إلى مادة تقول إنه يمكن لشخص عسكري الترشح لمنصب الرئيس شرط “التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر” وأنه “إذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله”.
وصادق رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الذي يعدّ مقرباً من خليفة حفتر، على هذا القانون الذي يتكون من 75 مادة، ومن المقرر إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، وهي أول انتخابات تجرى بالاقتراع المباشر في تاريخ البلاد، وأول انتخابات لاختيار رئيس فعلي للبلاد بعد إسقاط حكم القذافي.
معارضة واسعة
لكن المجلس الأعلى للدولة ومجموعة من 22 نائباً رفضوا هذه الخطوة واتهموا رئيس مجلس النواب بعدم تقديم النص للتصويت البرلماني.
وقال النواب المعترضون في بيان نشرته وسائل إعلام محليّة إن إحالة القانون على هيئة الانتخابات “بدون التصويت عليه عرقلة للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في ديسمبر القادم”، وأضافوا أن الإجراء “مخالف للإعلان الدستوري المؤقت والاتفاق السياسي والنظام الداخلي للبرلمان”.
أما المجلس الأعلى للدولة الذي يمثل غرفة ثانية للبرلمان ويجب استشارته قبل إقرار أي قانون، فقد استنكر في بيان الإجراء “الأحادي” لعقيلة صالح واتهمه بالسعي “للاستحواذ على سلطات لا يملكها، وذلك بغرض عرقلة الانتخابات المقبلة من خلال قيامه متعمدًا بإصدار قانون معيب”.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، قد أكد بشكل واضح، رفضه ترشح أي شخصية عسكرية للانتخابات، وذكر مجموعة عسكريين منهم حفتر، لكنه وضع شرطا أمام ترشحهم وهو أن يخلعوا بدلهم العسكرية، وهو الشرط الذي لن يكون حجر عثرة أمام حفتر إن قرّر الابتعاد عن الجيش مؤقتاّ وأعلن خلال الأيام القليلة القادمة تعليق مهامه العسكرية.
خليفة حفتر.. المرشح القوي؟
تنفس الليبيون الصعداء بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ونهاية القتال بين قوات حكومة الوفاق الوطني السابقة وقوات خليفة حفتر، وتقوم هذه الحكومة التي اعترف بها البرلمان بتدبير المرحلة إلى غاية تنظيم الانتخابات.
وطالب خليفة حفتر بدوره بتنظيم الانتخابات في موعدها، لكنه يرفض أن يكون جيشه تحت سلطة أيّ هيئة مدنية، وتحديدا حكومة الوحدة الليبية. ويرسل حفتر رسائل مفادها أنه يريد الحفاظ على مكانته كطرف قوي في البلد ينافس الهيئات المدنية، بما قد يكون تمهيداً لإعلان ترشحه في الانتخابات.
ولم يعلن حفتر بشكل واضح إن كان يريد الترشح، لكن يدرك أنه يمكنه استغلال شعبيته في مناطق شرق ليبيا. وقد يستفيد حفتر من تجربة حليفه عبد الفتاح السيسي الذي كان أحد أكبر داعميه خلال المعارك، وبالتالي إمكانية أن يخلع زيه العسكري حتى يترشح في الانتخابات.
وتدعم عدة أطراف خليفة حفتر، منها مصر والإمارات وروسيا. وتدرك الأطراف الدولية التي ساهمت في تثبيت وقف إطلاق النار أنه لا يمكن تجاهل دور حفتر في المشهد السياسي في البلد، لكنه يواجه بمعارضة شديدة من الأطراف المدنية في غرب البلاد.
مرشحون للانتخابات
لم يتم الإعلان عن قائمة المرشحين للانتخابات، ويمكن لشخصيات عديدة أن تعلن ترشحها في حال تمرير قانون الانتخابات خلال الأسابيع القادمة. وأكثر اسم تردد خلال الأسابيع الماضية هو نجل معمر القذافي، سيف الإسلام، الذي نقلت مواقع صحفية أنه قرر رسميا الترشح للانتخابات حال فُتح المجال لذلك.
غير أن سيف الإسلام الذي عاد إلى الواجهة مؤخراً بتصريحات ينقلها مقربون منه، منذ أن أطلقت إحدى الكتائب المسلحة في غرب ليبيا سراحه عام 2017، يواجه صعوبات جمة منها المعارضة الشديدة لمجلس النواب الذي يشدّد على منع أيّ شخص مطلوب للجنائية الدولية من الترشح للانتخابات، كما يواجه معارضة أمريكية، لكن هناك من يدعمه خصوصا لتحقيق توازن بين سلطات الشرق والغرب.
ويوجد كذلك فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق، الذي أعلن بشكل صريح رغبته في الترشح. ويراهن باشاغا على خبراته السابقة واحتفاظه بعلاقات طيبة مع تركيا وبعض القوى الأوروبية، غير أنه لا يتوفر على شعبية كبيرة.
ورحب فتحي باشاغا، بالمصادقة على القانون الانتخابي للاستحقاق الرئاسي، وقال إنّها “خطوة مهمة وإيجابية جداً من أجل إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وإنهاء الانقسام الذي يسود المشهد الليبي”.
ولم تستبعد تقارير ترشح نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي السابق لحكومة الوفاق، أحمد معيتيق. ويتوفر هذا الأخير على علاقات قوية في مصراته، كما يبقى من الشخصيات القليلة في طرابلس التي وصلت إلى تفاهمات مع خليفة حفتر كما جرى بشأن استئناف إنتاج وتصدير النفط في خطوة تردد أن حكومة الوفاق لم يكن لها أيّ دور فيها.