أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية و وتعهد باعداد الاصلاحات السياسية الضرورية بمساعدة لجنة في الغرض . وقالت الرئاسة التونسية إن سعيد سيواصل تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة خطوات سعيد.
اعلنت الرئاسة التونسية اليوم الأربعاء (22 سبتمبر 2021) أن الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية للاضطلاع بالسلطات التشريعية والتنفيذية. وقالت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن الرئيس التونسي أصدر قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الحالي في باب السلطتين التشريعية والتنفيذية وسيتولى هو إعداد التعديلات اللازمة بمساعدة لجنة
وأصدرت الرئاسة بيانا أعلنت فيه إبقاء العمل فقط على توطئة الدستور الذي صدر في 2014 والباب الأول المتعلق بالمبادئ العامة والباب الثاني المرتبط بالحقوق والحريات. وأضافت أن رئيس الجمهورية سيتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي.
ومثل هذه الخطوة كانت متوقعة حيث لمح الرئيس منذ اعتلائه سدة الرئاسة في 2019، مرارا إلى إصلاحات تحوم حول النظام السياسي والقانون الانتخابي.
ومع تعليق جميع الفصول المتعلقة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية في الدستور، يكون الرئيس قد جمع الاختصاصين معا، حيث سيضطلع علاوة بالمهام التنفيذية بسلطة اصدار المراسيم التي تحل محل القوانين.
معارضة حزبية لخطوات سعيد
وترفض معظم الأحزاب خطوة سعيد لإلغاء دستور 2014، ومن بينها حركة النهضة الإسلامية الذي تتهم الرئيس بتدبير انقلاب دستوري.
ومن جانبه، قال راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة لرويترز اليوم الأربعاء إن الإعلانات التي أصدرها الرئيس قيس سعيد هي عبارة عن إلغاء للدستور وإن الحزب لا يوافق على هذا.
ومن جهته قال أمين عام حزب التيار الديمقراطي الممثل في البرلمان غازي الشواشي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) “نحن مع إصلاحات سياسية في إطار تشاركي وفي إطار الدستور. ولكن لن نقبل إطلاقا بإلغاء الدستور”. وتابع الشواشي “هناك آليات في الدستور الحالي تسمح بالتعديل، ولكن الرئيس يريد إسقاط نظام سياسي. نحن لن نقبل بهذا وسنعارضه بشدة”.
ونشر اسامة الخليفي الموجود خارج البلاد بيانا يحمل اسم كتلة قلب تونس التي شهدت استقالات متتالية منذ 25جويلية كما تم اخلاء مقر الحزب لاسباب يبدو انها تتعلق بعدم تسديد معاليم الكراء في منعرج دراماتيكي بعد ايداع رئيس الحزب نبيل القروي السجن في الجزائر التي لجا اليها رفقة شقيقه النائب غازي القروي بعد 25جويلية
وغيرت كتلة قلب تونس عن رفضها لقرارات سعيد ودعت الى الوقوق في وجه انفراده بالسلطة
وكان سعيد قد قال أمس الأول الاثنين في كلمة في مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، إنه سيمضي قدما في وضع أحكام انتقالية وتعديل القانون الانتخابي. وقال الرئيس إنه يقوم “بتصحيح مسار الثورة”، التي اندلعت في 17 ديسمبر عام 2010.
تجددت الدعوات في تونس إلى النزول للشارع مرة أخرى يوم 26 سبتمبر رفضاً لقرارات قيس سعيد التي يصفها معارضوه بالانقلاب والخرق الخطير لدستور البلاد.
وكان مئات التونسيين قد تظاهروا يوم 18 سبتمبر الجاري، في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، ودعوا إلى إعادة العمل بدستور البلاد، والدفاع عن الديمقراطية، ورفض التدابير الاستثنائية التي أعلنها سعيد يوم 25 جويلية الماضي.
وكان الرئيس التونسي جدد دفاعه عن قراراته الاستثنائية التي اتخذها في 25جويلية في خطابه في سيدي بوزيد الماضي، إذ قال: “لم يكن هناك انتقال ديمقراطي؛ بل انتقال من فساد لآخر، وكان لابد من اللجوء للفصل الـ80 من الدستور”.
كسر الصمت
الوقفة الاحتجاجية التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس، تعتبر الأولى منذ إعلان قيس سعيد عن قراراته، وأتت استجابة لدعوة أطلقها عدد من الناشطين السياسيين، في نداء تحت عنوان “مواطنون ضد الانقلاب”.
هذه الوقفة لم تكن سوى إعلان بداية عن تحركات أسبوعية وسط العاصمة تونس وفي مراكز المدن، إذ أطلق عدد من النشطاء دعوة جديدة للنزول إلى الشارع يوم 26 سبتمبر، بالتزامن مع مرور شهرين على قرارات قيس سعيد.
ويرى متابعون أن هذا التحرك كسر جدار الصمت وحاجز النزول إلى الشارع الذي فُرض بفعل دعاية إعلامية تروج لقرارات قيس سعيد وتُغيب أي صوت معارض لها، وهو ما أكده التقرير الصادر عن هيئة الإعلام السمعي البصري لتقييمها للتغطية الإعلامية بعد يوم 25 جويلية 2021.
معارضة شعبية
اختار النشطاء الداعون إلى الوقفة الاحتجاجية الثانية الوقوف تحت لافتة “مواطنون ضد الانقلاب”؛ تأكيداً منهم بأن حراكهم يأتي في سياق مسار شعبي انطلق منذ عام 2010، ويستمر إلى الآن في كل المحطات التي عاشتها البلاد.
غياب الأحزاب
اكتفت الأحزاب السياسية بإصدار بيانات متتالية تعبّر فيها عن رفضها للحكم الفردي واستمرار الإجراءات الاستثنائية إلى أجل غير مسمى، فيما اكتفت حركة “أمل وعمل” بالدعوة إلى وقفة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة؛ رفضاً للمحاكمة العسكرية لرئيسها النائب ياسين العياري الذي يقضي عقوبة في السجن بتهم المس من معنويات الجيش.
تخويف من الشارع
رغم مرور قرابة شهرين على قرارات سعيّد، مازالت بعض الأصوات، خاصة من المؤيدين لرئيس الجمهورية، تخوف من النزول إلى الشارع، بحجة عدم خلق استقطاب ثنائي قد يجر البلاد إلى حالات عنف أو مواجهة بين المواطنين بسبب اختلافهم السياسي.
هذا التخوف أصبح يتبناه حتى بعض المعارضين لقيس سعيد، خاصة بعد خطابه الأخير الذي وجَّه فيه اتهامات إلى المتظاهرين يوم 18 سبتمبر الماضي، وصفهم فيها بالمأجورين والمخمورين والخونة .
وأعلن أنه اختار أن يلقي كلمته “من مهد الثورة لا من مدارج المسرح البلدي”، منتقداً بذلك مكان خروج مظاهرة ضد انقلابه على الدستور وديمقراطية البلاد.
واعتبر أن الاحتجاج قبل يومين كان “مسرحية مُخرجها معروف، وفاشل، والممثلون من أسوأ الممثلين”، وأن “هناك من يحاول بث الفتنة والفوضى بين المواطنين التونسيين”.
وأضاف أنه “لا مجال للتراجع أو الحيرة أو الارتباك”، مشيراً إلى “أن البعض ديدنه بث الفوضى والفتنة والارتباك والهلع وصناعة الأزمات”.
من جهته اعتبر الباحث والمحلل السياسي الأمين البوعزيزي أن “النزول والتظاهر للشارع فلسفته الأولى تعبير عن المواطن، فالمواطن وإن انتخب حاكماً يحق له أن يواصل مراقبة أدائه والتظاهر ضده، أو كما يصفه قيس سعيّد بسحب الوكالة، فنزول المواطنين للشارع ربما يكون وسيلة لسحب قيس سعيد من لسانه كما أعلن مراراً أن من حق المواطنين سحب الوكالة من منتخبيهم”.
وأضاف البوعزيزي في حديث لـ”عربي بوست”، أن “ما أنجزته الثورة التونسية أنها أطلقت عنان المواطنة لمراقبة الحكام، وليس إبقاء الناس بين أن يكونوا جمهوراً يهتف أو جمهوراً خائفاً، وما يريده قيس سعيد هو أن يجد جمهوراً يهتف لقراراته وخطاباته”.
وأكد الناشط السياسي التونسي أن الهدف الأعلى أمام هذا الحراك الذي دعا إليه “مواطنون ضد الانقلاب”، سقفه إسقاط الانقلاب واستعادة المسار الديمقراطي،
وفي تعليقه على التخويف من النزول إلى الشارع، اعتبر البوعزيزي أن “ما يقال سلطان غشوم خير من قتنة تدوم، هذا الفكر السلطاني المستبد الذي يرى أن حيوية الشارع فتنة ويرى أن الشارع ليس سوى وحدة صماء إما بمناشدة الحاكم أو بالتعبير عن الرضا عن قراراته، عندما نتحدث عن مجتمع نتحدث عن تعدد وتنوع ومصالح متضاربة، لا خوف من الاختلاف، لأنه تعبير عن حقيقة الأشياء، وكل من يحاول أن يقتل التعدد يقتل المجتمع ويؤدي إلى الانفجار”.