هل يبدد إعلان قيس سعيد عن إجراء حوار وطني المخاوف على الديمقراطية في تونس؟
أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد عن عزمه تنظيم حوار وطني حول تعديل القانون الانتخابي والنظام السياسي لتونس، وذلك وفق جدول زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات تفضي إلى بلورة اقتراحات في إطار مؤتمر وطني. وأكد الرئيس التونسي،
خلال الاجتماع الثاني لمجلس وزراء الحكومة التونسية الذي ينعقد برئاسة نجلاء بودن، أن هذا الحوار الوطني “لن يشمل كل من استولى على أموال الشعب، أو من باع ذمته إلى الخارج”.
ويؤكد خبراء أن إعلان الرئيس قيس سعيد عن تنظيم حوار وطني، من شأنه أن يبدد الكثير من المخاوف ويظهر أنه نشد تقويم الوضع بعد الانزلاقات التي شهدتها السنوات الأخيرة وليس الاستحواذ على السلطة، بينما اعتبر مراقبون آخرون أن مخارج الحوار هي رهينة بالطريقة التي سيدار بها.
ووصف جلال ورغي، عضو مجلس الشورى عن حزب النهضة، دعوة قيس سعيد لحوار وطني، بالأمر المهم من حيث المبدأ، في مشهد سياسي يعيش حالة من الانقسام والقلق والسير في المجهول، وقال إن “كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وأصدقاء تونس دعوا إلى هذه الخطوة. والتحاق الرئيس بهذه الدعوة هو مهم لكن نتمنى أن يكون حقيقيا وجديا لأنه باتت لنا مخاوف من أن الحديث عن الحوار قد يكون نوعا من الهروب للأمام وعدم التوجه نحو حوار جدي يجمع الأطراف المعنية وأقصد كل الأحزاب السياسية والمنظمات التونسية وكل من له علاقة بهذا المشهد في تونس وأيضا بناء على رؤى واضحة تخرج البلاد من الأزمة وتعيدها إلى مسارها الدستوري وترجع المؤسسات الدستورية إلى عملها”.
لكن رياض الصيداوي، مدير المركز العربي للدراسات الاجتماعية والسياسية بجنيف، أكد أن الرئيس قيس سعيد أكد خلال حديثه عن الحوار الوطني أنه سيستهدف الشباب بالذات، وبرر الصيداوي ذلك بكون الرئيس “يتعالى عن الأحزاب السياسية التي أنهكت البلاد على مدار العشر سنوات الأخيرة وعلى رأسها حركة النهضة. إذ ليس المقصود بالحوار الوطني، الأحزاب السياسية وإنما الشباب وخاصة منهم أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل”.
توقيت الإعلان
ربط عدد من المراقبين بين إعلان الرئيس قيس سعيد عن إجراء الحوار الوطني وبين الانتقادات التي وجهها له الاتحاد الأوربي، خاصة وأن الرئيس نفسه تحدث عن الانتقادات الخارجية للمسار السياسي الحالي في تونس، وذلك خلال نفس الجلسة التي أعلن فيها عن الحوار الوطني.
وقال قيس سعيد: إن تونس “لا تريد التعاون والتعاطف دون احترام، بل تريد الاحترام في الخارج حتى وإن كان دون تعاطف”. وتابع “سيادتنا غير قابلة للنقاش، واحترام اختيارات تونس هو المقدمة الطبيعية الأولى للسيادة الوطنية”، وتساءل قائلا “هل تدارسنا في مجلس الوزراء أو في أي مؤسسة من المؤسسات التونسية الوضع الداخلي في دولة أجنبية؟”.
وكان البرلمان الأوروبي صادق على مشروع قرار حول الأوضاع في تونس تم التأكيد فيه على “القلق العميق من تركيز السلطات بشكل كبير في يد الرئيس قيس سعيد”، مع الدعوة إلى “احترام سيادة القانون، والحفاظ على الدستور، والعودة إلى الديمقراطية”، وطالبوا بـ “استئناف النشاط البرلماني في أسرع وقت ممكن، وبضرورة الإعلان عن خارطة طريق واضحة للعودة إلى العمل الطبيعي للدولة”.
وربط جلال ورغي، الذي يشغل أيضا منصب مدير المركز المغاربي للبحوث والتنمية، بين إعلان الرئيس وبين، من جهة، المطالب التي أعربت عنها أحزاب سياسية تونسية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها والتي أكدت أنها لن تقبل بأن يستمر الوضع على ما هو عليه. ومن جهة أخرى، كون الإعلان “جاء في نفس اليوم الذي صادق فيه البرلمان الأوربي بشبه إجماع على ضرورة عودة البلاد إلى المسار الديمقراطي، وأنه لا مجال للحكم الفردي في ظل جمع رئيس الجمهورية بكل السلطات”.
ويأتي إعلان قيس سعيد عن تنظيم الحوار الوطني في وقت أكد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” بالتعاون مع صحيفة المغرب التونسية، أن 91 بالمائة من المستجوبين يؤيدون القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، من بينهم 77 بالمائة يؤيدونها تماما، و14 بالمائة إلى حد ما. وكشف استطلاع الرأي أيضا أن ما نسبته 77 في المائة من التونسيين يثقون في الرئيس. كما أعرب أكثر من 74 بالمائة من المستجوبين أن مستقبل تونس سيكون أفضل، وأيد 77 بالمائة قرار الرئيس تعليق عمل البرلمان، و75 بالمائة قرار إيقاف كافة المنح والامتيازات لرئيس مجلس النواب وأعضائه، وب 84 بالمائة في ما يتعلق برفع الحصانة عن النواب البرلمانيين.