نشرت”سي بي إس الأميركية تقريراً حول عملية تسليح أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فيفريجاء فيه أن 30 بالمئة فقط من الأسلحة التي يرسلها الغرب إلى الجيش الأوكراني تصل في نهاية المطاف “إلى وجهتها النهائية”.
ويقول التقرير إن الأسلحة الغربية المتطورة تلعب دوراً حاسماً في الحرب خصوصاً وأن المعارك تدور بأسلحة سوفياتية قديمة في الغالب، وأنها، بشكل عام، تشبه الحرب العالمية الثانية لناحية بناء الدشم والمتاريس والقصف المدفعي المتبادل.
ويشير التقرير إلى أن الجزء الأكبر من الأسلحة يتم إيصالها إلى الحدود البولندية، حيث تقوم وحدات أميركية وأوروبية من حلف شمال الأطلسي بتسليمها عند الحدود إلى مسؤولين أوكرانيين. وهناك تماماً ينتهي الإشراف الأميركي والغربي على الأسلحة، بحسب “تسليح أوكرانيا”، وهو عنوان الشريط من 23 دقيقة ونصف.
30 بالمئة فقط من الأسلحة تصل وجهتها النهائية
يجمع التقرير بعض الشهادات التي تصب في هذا الاتجاه، فيقول جوناس أوهمان، وهو أحد المسؤولين عن مؤسسة “أزرق-أصفر” (Blue-Yellow) التي عملت على تسليح الوحدات الأوكرانيمنذ 2014 ومقرها في ليتوانيا: “كل هذه البضائع تذهب عبر الحدود، ثم يحصل شيء ما، نحو 30 بالمئة منها تصل وجهتها النهائية”.
وخصصت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً لأوكرانيا بقيمة 23 مليار دولار (أميركي) منذ بدء الغزو الروسي، فيما خصصت بريطانيا 3 مليارات و700 مليون دولار وألمانيا 1.4 مليار وبولندا 1.8 مليار، إضافة إلى الدعم الأوروبي أيضاً.
ويشير التقرير استناداً إلى شهادات بعض الأشخاص الموجودين في أوكرانيا إلى احتمال وقوع قسم من تلك الأسلحة في أيدي تجار يبيعونها في السوق السوداء، وهي سوق مزدهرة نسبياً في أوكرانيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
ويتطرق العمل إلى الحديث عن “رجال النفوذ والأوليغارشيين وأيضاً السياسيين الأوكرانيين” من دون أن يوجه اتهاماً واضحاً إلى أي جهة.
أوهمان مثلاً يعتمد على شبكة من الأشخاص ولكنم لا يمثلون الدولة الأوكرانية، حيث أن منظمته لا يُسمح لها، من وجهة نظر قانونية، بتوريد الأسلحة في واقع الأمر. وهو يسلّم الخوذ العسكرية والنواضير الحربية والسترات الواقعية والطيارات المسيرة إلى هؤلاء المقاتلين الموزعين على شبكات.
فوضى السلاح المتدفق؟
شهادة ثانية يعرضها التقرير لأندي ميلبورن، وهو ضابط (عقيد) متقاعد من البحرية الأميركية، خدم سابقاً في الصومال والعراق وأسس مجموعة “موزارت” في كييف بعد الغزو الروسي.
يقول ميلبورن منتقداً عدم وجود نظام محدد لتسليح أوكرانيا: “إذا كنت تريد تأمين الإمدادات أو مدّ شبكة من اللوجستيات، فأنت بحاجة إلى وضع نظام ما، لا؟ إذا كنت تريد التوقف عند الحدود الأوكرانية لأن وضعك لا يسمح لك بالتورط أكثر، فلا تتفاجأ إذا لم تصل الأسلحة إلى وجهتها النهائية. الناس كانوا يعرفون أساساً أنها لن تصل إلى حيث يجب أن تصل، وهذه هي المفاجئة”.
وطالب ميلبورن بنشر عسكريين أميركيين بلباس مدني في أوكرانيا فقط لضمان “حصول الشيء الصحيح”، أي نقل الأسلحة كما يجب.
أمر آخر يذكر به التقرير هو أن أوكرانيا أعلنت التعبئة العامة وكل شخص يزيد عمره عن 16 سنة، صار ممنوعاً عليه السفر. وبالتالي، فإن كمية كبيرة من الشباب يتسلحون أيضاً.
مستقبل السلاح؟
في إحدى المداخلات أشارت دوناتيلا روفيرا، وهي مستشارة كبيرة في منظمة العفو الدولية، إن لا أحد يعرف حقيقة إلى أين تذهب الأسلحة الغربية. وهذا ثاني انتقاد يأتي من “أمنستي” لأوكرانيا في نفس الأسبوع.
وأضاف روفيرا أن هناك قلقاً إذ تعتقدُ بعض الدول التي ترسل الأسلحة إلى أوكرانيا أنه “ليس من مسؤوليتها وضع آلية إشراف، تكون مشددة، للتأكد من وجهة هذه الأسلحة، كيفية استخدامها اليوم، وكيفية استخدامها في المستقبل”.
وكانت منظمة العفو الدولية نشرت تقريراً هذا الأسبوع انتقدت فيه الجيش الأوكراني ما أثار غضب كييف ودفع بمدير مكتب كييف التابع للمنظمة إلى تقديم استقالتها.
سوابق في العراق وأفغانستان
ويرى خبراء انتشار الأسلحة أن ما يحصل في أوكرانيا “عادي إلى حدّ ما” وحصل سابقاً في العراق، بعد سقوط نظام صدّام حسين في 2003 إثر الحرب، حيث أرسل الأميركيون الكثير من السلاح إلى الدولة الغنية بالموارد الطبيعية.
وفي عام 2014 سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مخازن أسلحة كبيرة كانت مخصصة للقوات العراقية. وفي أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأميركية في اوت، سيطرت حركة طالبان على أسلحة غربية كثيرة.