ما موقف قوات الجنرال حفتر من الصراع لإخضاع العاصمة طرابلس؟
ألقت الاشتباكات الأخيرة بين الفصائل المسلحة المؤيدة لرئيس الوزراء بحكومة الاستقرار الوطني المعيّنة من قبل برلمان طبرق، فتحي باشاغا، وتلك الملتفّة حول منافسه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بظلالها على المشهد الليبي خلال الأيام الماضية.
وانحدرت البلاد إلى جولة جديدة من العنف، إثر اندلاع مواجهات دامية بين مجموعات مسلحة في العاصمة طرابلس، أسفرت عن سقوط 32 قتيلا و159 جريحا، حسب حصيلة رسمية.
وبينما كانت معظم التقارير تميل إلى الحديث تحرك باشاغا بإيعاز من حلفائه في الشرق – وبالضبط رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والجنرال القوي في شرق البلاد، خليفة حفتر – من أجل السيطرة على طرابلس، خرج المتحدث باسم قوات حفتر ليؤكد أنهم يقفون على الحياد مما يجري.
“لا نؤيد أي طرف”
وقال المتحدث باسم قوات المشير خليفة حفتر، اللواء أحمد المسماري، في مقابلة مع وكالة نوفا الإيطالية للأنباء، إن “الجيش الوطني لا يؤيد أي طرف” في اشتباكات طرابلس.
وأضاف “لم يشارك في الاشتباكات (..) ولا يدعم أي طرف سياسي في الأزمة”.
أردف: “نأسف لهذه الاشتباكات التي أسفرت عن خسائر في الأرواح فضلا عن تدمير الممتلكات الخاصة والحكومية مما سيكلف خزائن الدولة أموالا طائلة”.
وبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، سبب القتال أضرارا جسيمة في العديد من المباني بينما احترقت عشرات السيارات وأصيبت ستة مستشفيات في إطلاق النار.
وأرجئت امتحانات المرحلة النهائية للمدارس الثانوية وأغلقت جامعة طرابلس حتى إشعار آخر.
كما تم تعليق الرحلات الجوية في مطار معيتيقة الدولي، وهو الوحيد الذي يخدم طرابلس.
وتابع: “تعتقد القيادة العامة للجيش الليبي أن الحل هو إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعد الاتفاق على أسس دستورية لمعالجة هذه المشاكل والصراعات، ونعتقد أن الانتخابات هي السبيل الوحيد لتوحيد المؤسسات تحت قيادة رئيس وحكومة”.
لماذا لم يسع حفتر لتنصيب باشاغا؟
لكن رغم أن قوات حفتر تحاول أن تنأى بنفسها عن الصراع الحالي تؤكد في الوقت نفسه أنها “داعمة للشرعية، التي يمثلها البرلمان الليبي”، وفق المتحدث باسم قوات حفتر.
من جانب آخر، يرى خصوم حفتر أن ولاية مجلس النواب انتهت منذ سنوات كما انتهت ولايات باقي الأجسام السياسية الليبية الأخرى، ما يعني أن لا أحد يتمتع بالشرعية الانتخابية في البلد.
وكانت تقارير تشير إلى أن قوات حفتر قد تُعيد التفكير في تحالفها مع باشاغا، بسبب عدم قدرة الأخير حتى الآن على بناء ائتلاف من الفصائل الغربية التي يمكنها تنصيبه في طرابلس.
وحاول باشاغا دخول طرابلس بعد فترة وجيزة من تعيينه في مارس، لكن الفصائل الموالية للدبيبة منعت مرور موكبه.
وحاول مجددا في ماي، غير أنه غادر طرابلس خاوي الوفاض بعد تبادل قصير لإطلاق النار.
وطيلة هذه الفترة لم تتدخل قوات حفتر في الصراع لتنصيب باشاغا.
وقد حاول الجنرال نفسه جاهدا الدخول إلى طرابلس في 2019، لكن الفصائل المسلحة التي سيطرت على غرب ليبيا نجحت في صد هجومه بمساعدة تركيا.
ويستمر التواجد العسكري التركي في أنحاء مختلفة من طرابلس.
ووفق تقرير نشرته رويترز، الإثنين، فإن التواجد التركي في العاصمة يعني أن إعادة حفتر محاولة الزحف على العاصمة تبدو احتمالا مستبعدا في الوقت الحالي.
هل تتغير التحالفات؟
وتأتي كل هذه التطورات بعد أسابيع عن حديث حول “تحالف غير متوقع” بين حفتر والدبيبة، إذ قام الأخير بـ”دعوة رئيس أركان الجيش عبد الرزاق الناظوري إلى طرابلس، وإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله”، الذي يرفضه معسكر الشرق.
ولا يظهر إن كان معسكر الشرق يفكر في إقامة تحالف جديد مع الدبيبة هذه المرة.
وليست مثل هذه التحالفات غريبة في المشهد الليبي، إذ كان حفتر وعقيلة صالح خصمين لدودين لباشاغا في 2019 حينما تولى حقيبة الداخلية في حكومة الوفاق.
وحاولت قوات حفتر حينها انتزاع العاصمة طرابلس من رفاق باشاغا.
لكن منذ ذلك الوقت، تبدلت الولاءات ونال باشاغا رضى رئيس البرلمان والجنرال، فوجد نفسه حليفا لمعسكر الشرق ضد الدبيبة.
ولا يستبعد البعض أن يخوض الأخير نفس تجربة باشاغا ويقترب من خصومه في الشرق.
لكن المحلّل المتخصّص في الشأن الليبي، جلال حرشاوي، قال في تصريح سابق لـ”أصوات مغاربية”، إن “الدبيبة يسعى إلى اتفاق سلام متين مع حفتر”، لكنه يريد أن يستثني من هذا الاتفاق فتحي باشاغا وعقيلة صالح.
وأردف أن الجنرال حفتر، من جانبه، يريد من الدبيبة “تنازلات أكبر”.
المصدر: أصوات مغاربية