قالت رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس، الخميس، إنها ستقدم استقالتها من المنصب، وذلك تحت ضغط برنامجها الاقتصادي الذي أثار صدمة في الأسواق وقسم حزب المحافظين بعد ستة أسابيع فقط من تعيينها.
وأعلنت تراس أن انتخابات ستجري لاختيار خلف لها “بحلول الأسبوع المقبل”، مضيفة أنها ستبقى في منصبها حتى يتم اختيار رئيس جديد للوزراء.
وقال مسؤول في حزب المحافظين إن اختيار رئيس وزراء جديد في بريطانيا سيتم بحلول 28 أكتوبر.
وتعرضت تراس لانتكاسة جديدة الأربعاء باستقالة وزيرة الداخلية سويلا برايفرمان.
وأصبحت تراس أسرع رئيسة حكومة تستقيل من منصبها في تاريخ بريطانيا، حيث كانت أسرع استقالة في تاريخ المملكة لرئيس الوزراء الأسبق جورج كانينغ الذي توفي عام 1827.
وكانت الزعيمة المحافظة التي تدهورت شعبيتها وتتعرض لتحديات من داخل حزبها، قالت إنها تريد البقاء في المنصب رغم تخليها عن برنامجها الاقتصادي الذي سبّب عاصفة في الأسواق المالية.
لكن يبدو أن موقفها صار أضعف مع رحيل وجه بارز آخر من حكومتها بعد أقل من أسبوع من اضطرارها لإقالة وزير المالية وصديقها المقرب كواسي كوارتنغ.
ودافعت تراس الأربعاء في البرلمان عن نفسها في مواجهة سيل من الانتقادات ودعوات الاستقالة من المعارضة بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي.
وتعود الأزمة إلى تقديم “الموازنة المصغرة” في نهاية سبتمبر من قبل وزير مالية تراس آنذاك كواسي كوارتينغ والتي تتضمن خفض ضرائب بشكل كبير ودعما قويا لفواتير الطاقة، الأمر الذي أثار مخاوف من تراجع الحسابات العامة.
وسجل الجنيه الاسترليني تراجعا الى أدنى مستوياته وارتفعت معدلات الاقتراض الحكومي الطويل الأجل. واضطر بنك انكلترا للتدخل لمنع الوضع من التدهور إلى أزمة مالية.
وفي محاولة لتهدئة العاصفة الاقتصادية والسياسية، اضطرت رئيسة الوزراء لتعيين وزير مالية جديد هو جيريمي هانت المكلف إصلاح برنامجها الاقتصادي وطمأنة الأسواق حيال خطة موازنة الحكومة.
وحض خمسة نواب من حزب تراس، رئيسة الحكومة على الرحيل. وبسبب عدم وجود شخصية تخلفها بشكل واضح، يبدو المحافظون مترددين في خوض عملية تعيين جديدة وطويلة ويسعون إلى توافق على اسم، لكنهم ليسوا قريبين من تحقيق ذلك.
سينتهي انتخاب زعيم جديد في غضون الأسبوع المقبل ليحل محل تراس التي قضت أقصر فترة ولاية لرئيس وزراء في تاريخ بريطانيا. وصاحب الرقم القياسي السابق هو جورج كانينغ الذي مكث في المنصب 119 يوماً فقط عام 1827 قبل وفاته.
وحدد غراهام برادي رئيس لجنة 1922 -الخاصة بالأعضاء المحافظين في البرلمان، قائلاً إن على المتقدمين أن يحصلوا على أكثر من مئة صوت من أجل خوض السباق.
ولكن نظراً للانقسامات في الحزب، لا يوجد مرشح واضح. وأي بديل سيجد نفسه أمام دولة تتجه على الأرجح نحو ركود. وفيما يلي الأسماء البارزة لخلافة تراس
ريشي سوناك
كان وزير المالية البريطاني السابق هو المرشح الأكثر شعبية بين المشرعين المحافظين في البرلمان، في السباق على القيادة في وقت سابق من هذا العام، لكن بعد خوض جولة إعادة ضد تراس، خسر في تصويت شارك فيه نحو 170 ألف عضو من الحزب حسموا القرار النهائي.
وغضب كثيرون من الأعضاء حين استقال سوناك في يوليو-تموز، مما ساعد في إثارة تمرد أسقط بوريس جونسون في نهاية المطاف. وتجاهلوا أيضاً تحذيره من أن الأسواق قد تفقد الثقة في بريطانيا إذا نفذت تراس خفضها غير الممول للضرائب.
وقالت صحيفة تليغراف يوم الخميس إن سوناك “من المؤكد” سيخوض السباق على الزعامة.
بيني موردنت
كانت موردنت، وزيرة الدفاع السابقة، من المؤيدين المتحمسين لمغادرة الاتحاد الأوروبي، ولم يفصلها إلا فارق طفيف عن خوض انتخابات الإعادة في المرتين السابقتين لاختيار رئيس للحزب.
وحظيت موردنت بالإشادة على أدائها في البرلمان يوم الإثنين الماضي، حين دافعت عن الحكومة رغم أنها غيرت معظم سياساتها. ووصف أحد المشرعين موردنت بأنها تتمتع “بجاذبية واسعة”، مشيراً إلى قدرتها على العثور على أصدقاء في صفوف الحزب المختلفة.
جيريمي هانت
بعد انهيار برنامج تراس الاقتصادي وطرد وزير ماليتها، لجأت رئيسة الوزراء إلى هانت، وزير الصحة والخارجية السابق، لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
وقدم هانت سلسلة من الأداء الذي يبعث على الثقة في التلفزيون ومجلس العموم عصف خلالها بالبيان الاقتصادي لتراس. وهذا جعل بعض المشرعين المحافظين يشيرون إلى هانت باعتباره “رئيس الوزراء الحقيقي”.
ويصر هانت على أنه لا يريد المنصب، على الرغم من خوضه سباقين من قبل على منصب رئيس الوزراء، بما في ذلك عام 2019 حين خسر في الجولة الأخيرة أمام رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون. ولا يحظى هانت بالدعم الواضح من مجموعة كبيرة من المشرعين في البرلمان.
بن والاس
وزير الدفاع البريطاني هو أحد الوزراء القلائل الذين خرجوا من الاضطرابات السياسية في الآونة الأخيرة ومصداقيته أقوى. ووالاس، الجندي السابق، شغل منصب وزير الدفاع في حكومتي جونسون وتراس، وقاد رد بريطانيا على الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويتمتع والاس بشعبية وسط أعضاء الحزب. وفاجأ كثيرين في وقت سابق من هذا العام حين قال إنه لن يترشح للقيادة معبراً عن رغبته في التركيز على وظيفته الحالية. وقال لصحيفة تايمز هذا الأسبوع إنه ما زال يريد البقاء وزيراً للدفاع.
بوريس جونسون
لرئيس الوزراء السابق جونسون، وهو صحفي، حضور كبير في أفق السياسة البريطانية منذ أن أصبح رئيساً لبلدية لندن عام 2008. وبعد أن تسبب في مشكلات لزعماء مثل ديفيد كاميرون وتيريزا ماي، أصبح أخيراً رئيساً للوزراء عام 2019 ومضى قدماً ليحقق فوزاً انتخابياً بأغلبية ساحقة.
وكان جونسون واجهة لتصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفاز بأصوات في أنحاء من البلاد لم تصوت للمحافظين من قبل قط. لكن سلسلة من الفضائح أجبرته على ترك المنصب.
وحتى استقالة تراس، كان بعض المقربين منه يقولون إن اهتمامه حالياً بجني الأموال من إلقاء المحاضرات أكثر من اهتمامه بالعودة إلى الخطوط الأمامية في السياسة. غير أن صحيفة “الغارديان” العريقة كتبت مساء الخميس أن هناك نواباً محافظين، خصوصاً من الجناح اليميني للحزب، وممولون للحزب أيضاً، يستعدون لحملته الجديدة.
أحد المقربين من جونسون قال للصحيفة أيضاً إن رئيس الوزراء السابق شعر أنه من “المصحلة الوطنية” أن يعود للعمل السياسي.
مع ذلك، إن إعلان الحزب الخميس اليوم شرط حصول المتقدمين على مئة دعم من النواب من أجل الترشح يقلل من احتمال عودة جونسون إلى 10 داونينغ ستريت، إذ رجح نواب أن تكون محاولة عودته “مضيعة للجهود”. فجونسون له حالياً 40 داعماً بين النواب، وفي أفضل الأحوال، سيحصل على 60 بفضل 20 صوتاً إضافياً من “المعتدلين”.
وقالت صحيفة تايمز أنه من المتوقع أن يخوض جونسون السباق على قيادة حزب المحافظين. وكتب ستيفن سوينفورد، محرر الشؤون السياسية في تايمز، على تويتر قائلا: “إن جونسون يستكشف، لكن قيل إنه يعتقد أنها مسألة تتعلق بالمصلحة الوطنية”.