رفض انقلابيو النيجر دخول وفد تفاوضي من إيكواس والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ما دفع إيكواس لفرض المزيد من العقوبات عليهم. من جهتها جددت واشنطن دعوتها للإفراج عن رئيس النيجر بازوم، بعد محادثات “صعبة” مع الانقلابيين.
السلطات العسكريّة في النيجر قالت فيها إنّها لن تستقبل الوفد الثلاثيّ
بدا النظام العسكري المنبثق من الانقلاب في النيجر غير مهتمّ بعروض الحوار من دول غرب إفريقيا والولايات المتحدة لتجنّب احتمال تدخّل عسكري يهدف إلى إعادة النظام الدستوري.
ورفض المجلس العسكري في النيجر دخول بعثة تفاوضية من الأمم المتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” والاتحاد الأفريقي كان من المقرر أن تصل البلاد يوم الثلاثاء (الثامن من اوت 2023) في الوقت الذي لا تزال فيه التوترات محتدمة بعد الانقلاب. وقالت إيكواس إنّ هذه المهمّة المشتركة أُلغِيَت على أثر رسالة وجّهتها السلطات العسكريّة في النيجر قالت فيها إنّها لن تستقبل هذا الوفد الثلاثيّ. وتناقش إيكواس الوضع في النيجر في قمة تنعقد يوم الخميس.
وبعد ساعات من رفض دخول البعثة، تعرضت انقلابيو النيجر لمزيد من العقوبات يوم الثلاثاء. وقال متحدث باسم الرئاسة النيجيرية إن الرئيس بولا تينوبو أمر بفرض عقوبات جديدة من خلال البنك المركزي النيجيري بهدف الضغط على الكيانات والأفراد المشاركين في الاستيلاء على السلطة.
في وقت سابق، قالت الخارجيّة النيجريّة في رسالة موجّهة إلى ممثّلية إيكواس في العاصمة نيامي، إنّ “السياق الحالي من غضب السكّان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها إيكواس لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة”.
ورغم موقف العسكريّين الانقلابيّين، أكّد رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يرأس إيكواس أيضًا، الثلاثاء أنّه والقادة في التكتّل الإفريقي “يفضّلون قرارًا يتمّ الحصول عليه بسبل دبلوماسيّة، بسبل سلميّة”، لكنه شدد في الوقت نفسه على “عدم استبعاد أي خيار”.
وكانت إيكواس هدّدت بالتدخّل عسكريًا في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة بعدما أطاحه انقلاب في 26 جويلية . وجاء هذا التهديد على شكل مهلة مدّتها سبعة أيّام حدّدها قادة إيكواس للجيش النيجري في 30 جويلية لكنّ هذه المهلة لم تُحترم وقد انتهت مساء الأحد، وبدا واضحًا أنّ إيكواس تفضّل سلوك مسار الحوار.
ولا يزال من غير الواضح كيف سيكون رد فعل “إيكواس” على الانقلاب في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 26 مليون نسمة، والذي كان حليفًا استراتيجيًا مهمًا للغرب وكان به آخر حكومة منتخبة ديمقراطيًا داخل منطقة الساحل التي اجتاحتها الجماعات الإرهابية الإسلامية.
بلينكن يدعو للإفراج عن بازوم
ودعت الولايات المتحدة، شريكة فرنسا في محاربة جماعات جهادية تقوّض هذا البلد وجزءًا كبيرًا من منطقة الساحل، إلى الحوار. وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في وقت متأخر من يوم الثلاثاء إنه تحدث إلى رئيس النيجر محمد بازوم للتعبير عن استمرار الجهود الرامية لإيجاد حل سلمي للأزمة الدستورية في الدولة الأفريقية. وقال في تغريدة “تكرر الولايات المتحدة دعوتها للإفراج الفوري عنه وعن أسرته”.
وزارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند نيامي الإثنين حيث التقت الانقلابيين. لكن الاجتماع لم يحضره الجنرال عبد الرحمن تياني، الرجل القوي الجديد في النيجر. كما أنها لم تلتقِ الرئيس محمد بازوم الخاضع للإقامة الجبرية. وقالت إنّ المحادثات التي شارك فيها خصوصًا الرئيس الجديد لهيئة الأركان موسى سالو بارمو، “كانت في منتهى الصراحة واتّسمت أحيانًا بالصعوبة”. وذكرت أنّها عرضت “عددا من الخيارات” لإنهاء الانقلاب، مضيفة “لن أقول إنّ هذا العرض أُخِذ في الاعتبار بأيّ طريقة”.
وتشهد علاقات قادة نيامي الجدد توتّرًا مع الدول الغربية ومعظم الدول الإفريقية التي دانت الانقلاب، إلّا أنّها ممتازة مع مالي وبوركينا فاسو اللتين يقودهما أيضًا عسكريون استولوا على السلطة بالقوة عامي 2020 و2022 على التوالي.
وأبدى البلدان تضامنهما مع النيجر، مؤكّدَين أنه إذا تعرّضت لهجوم من إيكواس، فسيكون ذلك بمثابة “إعلان حرب” عليهما.
ووجّه البلدان رسالتين مشتركتين إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الثلاثاء، شدّدا فيهما على ضرورة اضطلاع الهيئتين بـ”المسؤولية” في منع “أي تدخّل عسكري ضد النيجر” ومحذّرين من تداعيات “أمنية وإنسانية لا يمكن التنبؤ بها”.