“سوف يقصفكم ويستولي على بلدانكم”: هكذا كان ترامب يقدم بولتون للزعماء الأجانب
قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن عزل جون بولتون من فريق العاملين في البيت الأبيض يزيح عقبة أمام إمكانية إجراء محادثات نووية بين الولايات المتحدة وإيران لكن احتمالات أن يؤدي مثل هذا الحوار إلى نتيجة إيجابية لا تزال محدودة.
فقد عزل الرئيس دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي، وهو أحد الصقور فيما يتعلق بإيران إذ كان يطالب وهو مواطن عادي بعمل عسكري لتدمير برنامجها النووي كما اختلف مع الرئيس في سياسات عدة من أفغانستان إلى روسيا أثناء شغله هذا المنصب.
وكان ترامب يوبخ بولتون أحيانا بسبب أساليبه المتشددة في الاجتماعات وكان يقدمه للزعماء الأجانب بالقول” تعرفون جميعا جون بولتون العظيم. سوف يقصفكم ويستولي على بلدانكم بالكامل“.
وذكر مسؤولون ومصدر مقرب من ترامب أن الرئيس سئم من ميول بولتون المتشددة والمعارك البيروقراطية التي يخوضها. كان محللو الشؤون السياسية ينظرون إليه على أنه اختيار غريب من إدارة تتعامل بحذر مع تعقيدات الشأن الخارجي.
كان بولتون، ثالث مستشاري ترامب للأمن القومي، ينادي بالعمل على وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل كما عارض رغبة ترامب في لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وكتب كليف كابتشان المسؤول السابق بوزارة الخارجية، الذي يعمل الآن في شركة يوراسيا غروب لاستشارات المخاطر السياسية، تحليلا يقول فيه “كان بولتون هو’ الدكتور نو (لا)’ عندما كان الأمر يتعلق بالمحادثات مع إيران”. وكان كابتشان يشير إلى شخصية شديدة العدوانية ميالة للتدمير في أحد أفلام جيمس بوند.
ورغم أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي لن يسمح على الأرجح بعقد اجتماع على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر فقد قال كابتشان “ثمة ضغوط متزايدة فيما يتعلق بفرصة عقد الاجتماع. وإذا تحقق ذلك بالفعل فسنشهد مزيدا من الحركة النزولية في سعر النفط”.
وقد انخفضت أسعار النفط الخام الأمريكي أكثر من واحد في المئة بفعل أنباء رحيل بولتون إذ راهن المستثمرون على زيادة احتمالات أن تخفف الولايات المتحدة العقوبات على إيران وعلى تراجع احتمالات توجيه ضربة عسكرية أمريكية لها.
بدعم من بولتون تخلى ترامب في العام الماضي عن الاتفاق متعدد الأطراف الذي توصل إليه سلفه الديمقراطي باراك أوباما في العام 2015 وبمقتضاه وافقت إيران على تقليص برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
ومنذ ذلك الحين أعاد ترامب فرض العقوبات الأمريكية على إيران وتحرك في مايو أيار الماض لمحاولة قطع صادرات النفط الإيرانية التي تعد مصدر الدخل الرئيسي للحكومة بالعملة الصعبة.
وجادل ترامب الجمهوري بأن اتفاق 2015 لم يصل إلى المدى الكافي لمنع إيران من الحصول في نهاية المطاف على السلاح النووي وانتقد الاتفاق أيضا لأنه لم يتناول برنامج إيران الصاروخي ودعمها لفصائل على الصعيد الإقليمي.
وتقول إيران إن برنامجها النووي للأغراض السلمية فحسب مثل توليد الكهرباء وليس لصنع القنابل.
“متفقون تماما”
خلال إفادة إعلامية قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إنه وترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو “متفقون تماما على حملة الضغوط القصوى” التي تنفذها الإدارة الأمريكية.
ويعتقد مسؤولو الإدارة أن الضغوط ستجبر إيران في نهاية الأمر على الإذعان لمطالبهم التي تتضمن إجراء عمليات تفتيش تفصيلية بشكل أكبر في المواقع النووية.
وسئل بومبيو في الإفادة نفسها عما إذا كان يرى إمكانية عقد اجتماع بين ترامب وروحاني هذا الشهر فقال “بالتأكيد”.
وأضاف بومبيو “أوضح الرئيس تماما أنه على استعداد للقاء دون أي شروط مسبقة”.
ووصف مسؤول كبير سابق بإدارة ترامب بومبيو ومنوتشين بأنهما “أقل تشددا” فيما يتعلق بإيران من بولتون وقال إن هذا معناه أن ثمة فرصة لعقد اجتماع مع روحاني إذا أسقط الإيرانيون شرطهم رفع العقوبات بالكامل أولا.
وقال مسؤولون أمريكيون آخرون حاليون وسابقون إنه لم يكن هناك شك قط في إمكانية عقد الاجتماع، على الأقل من وجهة نظر ترامب، لكن احتمالات أن يكون أي من الجانبين على استعداد لتقديم تنازلات محدودة.
وقال فيل جوردون المسؤول السابق بوزارة الخارجية والبيت الأبيض في عهد أوباما “لم تكن المشكلة قط في تصور إجراء محادثات بين الجانبين” موضحا أن ترامب برهن من خلال محادثاته مع كوريا الشمالية على أنه “يحب أن يكون في صدارة الأحداث”.
وأضاف “بل إن المشكلة في تصور عقد صفقة يمكن أن يوافق عليها الجانبان فعليا. فمن الصعب تصور قبول الإيرانيين للشروط الأمريكية الحالية التي تتضمن إنهاء تخصيب اليورانيوم إلى الأبد وعمليات تفتيش أكثر تدقيقا وقيودا على الصواريخ الباليستية وتغييرا شاملا في سياسة إيران الإقليمية”.
وقال جوردون “لذا سيتعين على ترامب من أجل التوصل إلى صفقة أن يقلص شروطه بدرجة كبيرة وهو ما سيكون أمرا من الصعب تسويقه داخليا وفي المنطقة. ربما يزيح رحيل بولتون عقبة في هذا المضمار لكن لا تزال هناك عقبات كثيرة في الطريق”.