هل تُستأنف الحرب السورية؟
الحرب السورية قد تُستأنف، وهناك احتمال بأن تتم إعادة الدعم الأمريكي العسكري للمعارضة السورية؛ لحماية نفسها، حسبما أفادت مصادر متعددة.
فمؤخراً، أجرت المعارضة السورية لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، كان محورها مسألة إعادة الدعم الأمريكي العسكري للمعارضة السورية.
ولكن الأبرز كان ما قاله المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، بشأن الدعم للمعارضة السورية.
وتسعى المعارضة السورية، بشقيها «السياسي والعسكري»، لعقد مزيد من اللقاءات؛ للبحث في موضوع الحصول على دعم الولايات المتحدة الأمريكية بمختلف أنواعه، وعلى رأسه الدعم العسكري، لمواجهة الهجوم الأخير لقوات النظام والميليشيات الإيرانية على محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) بإسناد روسي.
المبعوث الأمريكي يكشف عن موقف جديد
أبلغ المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا إعلاميين سوريين أنَّ دعم المعارضة السورية من أَوْلويات الإدارة الأمريكية، دون توضيح شكل الدعم.
جاء ذلك خلال لقاء جيفري مع إعلاميين سوريين بشكل خاص، خلال زيارته مؤخراً لتركيا، في الحادي عشر من جانفي 2019، والتي التقى خلالها مسؤولين أتراكاً ووفداً من قوى المعارضة السورية.
وأشار إلى مزيد من التكتيكات التي ستتبعها الإدارة الأمريكية في الفترة القادمة؛ أبرزها دعم عملية سياسية في سوريا قائمة على القرار 2254، عبر صياغة الدستور وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، في سبيل الوصول إلى حكومة لا تهدد دول الجوار، ولا تسمح بأي وجود لإيران وللميليشيات التابعة لها كحزب الله في سوريا.
لقاءات متواصلة بين المعارضة السورية وشخصيات أمريكية مسؤولة
أدهم الحسن، ممثل عن الهيئات المدنية في الائتلاف السوري المعارض، قال لـ «عربي بوست»، إن وفداً من الائتلاف وممثلين عن هيئات المجتمع المدني أجروا لقاء مع مسؤولين أمريكيين، في العاصمة أنقرة، مطلع الشهر الحالي.
وفي اللقاء الذي استمر أكثر من ساعتين، دار الحديث بين الجانبين عن آخر التطورات الميدانية والعسكرية الدائرة في سوريا، وعمليات القتل الممنهجة بحق المدنيين من قِبل النظام وحلفائه «الروس والإيرانيين»، وإجبار مئات الآلاف من المدنيين على النزوح إلى الحدود التركية في ظروف إنسانية صعبة للغاية.
وأضاف الحسن أن ممثلي المعارضة السورية أشاروا خلال الاجتماع، إلى أن النظام وحلفاءه ماضون في عمليات القتل وتهجير المدنيين دون التزام والتقيد بمقررات ونتائج مسارَي أستانا وسوتشي اللذين أقيما برعاية روسية وتركية في عام 2018 واللذين يقضيان بخفض التصعيد، وتوجُّه جميع الأطراف المتصارعة إلى الحل السياسي الشامل.
وأردف أن ممثلي المعارضة السورية أكدوا أن على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، اتخاذ دوره السياسي انطلاقاً من واجبه الإنساني، الذي من شأنه الضغط على النظام وحلفائه للعودة إلى الحل السياسي.
وعن نتائج الاجتماع الأول، قال أدهم الحسن إن المسؤولين الأمريكيين وبعد الاستماع لكل وجهات النظر التي قدمتها شخصيات من الائتلاف السوري المعارض خلال الاجتماع، حصلوا على وعد من المسؤولين الأمريكيين بنقل رسالتهم إلى الإدارة الأمريكية؛ للنظر فيها واتخاذ كل الإجراءات بالسرعة القصوى، والتي من شأنها الحد من عمليات النظام والروس ضد المدنيين والعمليات العسكرية دون توضيح الآلية.
إدارة ترامب تفكر في إعادة الدعم الأمريكي العسكري للمعارضة السورية
مسؤول في وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة -فضَّل عدم الكشف عن اسمه- قال إن مسؤولين في الخارجية الأمريكية أكدوا خلال اجتماع عُقد مع ممثلين عن وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، في العاشر من الشهر الحالي، أن هناك مشاورات تجريها الإدارة الأمريكية بشأن دعم المعارضة السورية «اقتصادياً وسياسياً».
وقال المسؤول لـ»عربي بوست» إن هناك احتمالاً كبيراً بإعادة دعم الولايات المتحدة للفصائل السورية «عسكرياً» بناءً على رغبة الإدارة الأمريكية، وذلك في حال لم تكن هناك استجابة من روسيا والنظام السوري للضغوط السياسية والاقتصادية، والتزامهم وقف العمليات العسكرية على إدلب، والعمل على الانتقال السياسي.
قانون القيصر لمعاقبة الأسد.. وهذه هي الأسلحة التي تحتاجها المعارضة
العقيد مصطفى بكور، قائد العمليات العسكرية في «جيش العزة» التابع للجيش السوري الحر، قال لـ «عربي بوست»: «حتى الآن لم يلاحَظ أي دعم أمريكي عسكري للفصائل السورية، ولكن يجري الحديث والتشاور حول ذلك بشكل متواصل بين ممثلين عن المعارضة السورية (العسكرية والسياسية) ومسؤولين أمريكيين منذ بدء الحملة العسكرية للنظام والروس على إدلب».
ولفت العقيد بكور إلى أن هناك رغبة جادة من قِبل الإدارة الأمريكية في العودة إلى دعم المعارضة السورية بمختلف أشكاله «على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي»، بالتوازي مع تفعيل قانون سيزر أو ما يُعرف بـ «قيصر» الأمريكي وهو قانون يهدف إلى محاصرة النظام السوري وداعميه اقتصادياً، وقد بدأت نتائجه تظهر على النظام، من خلال عدم قدرته على احتواء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المناطق الخاضعة لسيطرته وانهيار العملة المحلية؛ لإجباره على الرضوخ للحل السياسي والعودة إلى جنيف.
وأضاف العقيد بكور: «إذا بادرت الإدارة الأمريكية إلى دعم الفصائل عسكرياً بأسلحة نوعية كمضادات الدروع المتطورة، ودعمها اقتصادياً، فسيكون هناك تحوُّل كبير ميدانياً لمصلحة الفصائل، وهذا ما تخشاه روسيا، وحينها سترضخ للرؤية الأمريكية للشأن السوري؛ لكونها غير قادرة على تحمُّل الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية الأمريكية».
«أستانا» ماتت، والمعارضة تهاجم النظام بعد تصريح الوزير التركي
يأتي كل ذلك عقب تصريح أدلى به وزير الخارجية التركي، تشاووش أوغلو، على وسائل إعلام تركية، قال فيه إن المسارات السياسية الخاصة بالشأن السوري سقطت، وعلى الفصائل السورية حماية نفسها؛ وهو ما فسره نشطاء وقادة فصائل سوريون بأن هذا التصريح يدل على قناعة النظام والروس بالخيار العسكري لحسم الموقف، وعدم اعترافهم بمسارَي أستانا وسوتشي اللذين أُقِرا بالتوافق بين الجانبين التركي والروسي في 2018، باعتبارهما مسارين سياسيين من شأنهما وقف التصعيد والتمهيد للعودة إلى الحل السياسي.
وهذا ما أكده مسؤولون أتراك خلال اجتماعهم مع قادة الفصائل على الحدود التركية، قبل أسبوع، بحسب ما ذكره قادة فصائل حضروا الاجتماع، لـ»عربي بوست».
وأطلق ذلك يد الفصائل للمبادرة بعمليات عسكرية ضد قوات النظام وحلفائه في جنوبي وشرقي إدلب، قبل أيام، أدت إلى مقتل ما يقارب 100 عنصر للنظام، بينهم عسكريون روس، وغنموا خلالها عدة آليات، وحرروا عدة قرى كانت قد سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً.