هل يضع الحرس الثوري الإيراني نجل خامنئي في منصب المرشد؟
معركة محتدمة تدور داخل أروقة النظام في إيران بشأن اختيار خليفة للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي تجاوز الثمانين من عمره في قرار من شأنه أن يحدد مصير إيران على مدى العقود المقبلة.
تصاعدت هذه الصراعات بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني خلال ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد مطلع هذا الشهر، والدعم الذي تلقاه الحرس الثوري من قبل خامنئي على الرغم من دورهم في حادثة اسقاط الطائرة الأوكرانية التي راح ضحيتها 176 شخصا.
وأورد تقرير لصحيفة فايننشال تايمز الخميس أن المتشددون في إيران يعتقدون أن لهم اليد العليا في عملية اختيار خليفة لخامنئي بعد موته.
ووفقا للصحيفة فإن عملية الاختيار تعتمد على كفة ميزان القوة في ذلك الوقت داخل إيران والتي أشارت إلى أنه حاليا يميل أكثر لصالح الحرس الثوري وأنصارهم من المتشددين.
وتنقل الصحيفة عن محلل سياسي إصلاحي قوله إن “هناك سياسة متعمدة داخل إيران تعمل على تمكين الحرس الثوري لجعله القوة المهيمنة حتى يتمكنوا من لعب دورا رئيسيا في انتقال السلطة.”
ويرى المتشددون، أن الأحداث الأخيرة تؤكد الحاجة إلى وجود زعيم براغماتي آخر مستعد للوقوف في وجه الولايات المتحدة، حسب الصحيفة.
وتضيف “إنهم يهونون من تكهنات الإصلاحيين التي تقول إن الإيرانيين يرغبون في أن يكون المرشد الأعلى المقبل مجرد منصب تشريفي، وليس شخصية قوية أخرى” مثل خامنئي.
وتنقل الصحيفة عن أحد أقرباء المرشد الأعلى قوله إن “التطورات الأخيرة كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ، لقد ذكرونا بأن الولايات المتحدة يمكن أن تقترب أكثر من الحرب مع إيران ونحن بحاجة إلى زعيم شجاع آخر قادر على الحفاظ على استقرار البلد وقوته.”
ويضيف “لا يمكن للبلاد أن تتحمل المخاطرة بفترة من التجربة والخطأ من قبل قائد عديم الخبرة”.
ووفقا للتفسير الذي يفضله السياسيون المتشددون، قد يتم اختيار الزعيم الديني من قبل كبار رجال الدين في مجلس خبراء القيادة الإيرانية.
ومجلس الخبراء هو الهيئة الأساسية في النظام الإيراني الذي عهد إليه الدستور مهمة تعيين وعزل قائد الثورة الإسلامية في إيران، ويتألف هذا المجلس حاليا من 88 عضواً يتم انتخابهم عن طريق اقتراع شعبي مباشر لدورة واحدة مدتها ثماني سنوات.
لكن السياسيين الإصلاحيين يرفضون هذا التفسير الديني، وبدلاً من ذلك يقولون إن أوراق اعتماد المرشد تحتاج إلى شرعية عامة تتجلى في الانتخابات الوطنية.
كانت هذه التفسيرات المختلفة في قلب الصراع السياسي الإيراني منذ عام 1989، عندما حل آية الله خامنئي محل الخميني زعيم الثورة الإسلامية عام 1979.
اعتمد خامنئي، على الدستور المنقح الذي أعطاه “سلطة مطلقة” على جميع شؤون الدولة.
ومنذ ذلك الحين ساعد خامنئي الحرس الثوري على توسيع نفوذه وحوله إلى ذراعه الرئيسي لممارسة السلطة، وبعد الأحداث الأخيرة، تقول فايننشال تايمز، إن هناك احتمالات لتسريع تلك الجهود كما يقول المقربون من النظام.
وتنقل الصحيفة عن شخص من داخل النظام قوله “عندما يموت خامنئي سيتولى الحرس الثوري السيطرة بالكامل على البلاد حتى يتمكن مجلس الخبراء من اختيار قائد، في ذلك اليوم، سيكون الحرس الثوري هم القوة العليا للتأثير على الاختيار وكبح أي أزمات محتملة والأهم من ذلك الحفاظ على وحدة أراضي البلاد”.
والحرس الثوري ليست مجرد قوة عسكرية، فالسياسيون المقربون منه موجودون في مؤسسات مختلفة مثل مكتب القائد الأعلى والبرلمان والقضاء.
ويعتقد أن لهم أيضا أذرع في قطاعات الاتصال والتجارة والبتروكيماويات، كما وسعوا نفوذهم الثقافي من خلال إنتاج الأفلام والوثائقيات، وإضافة لذلك هو يدير جهاز استخبارات مخيف مسؤول عن سجن الناشطين المؤيدين للديمقراطية والمواطنين ذوي الجنسية المزدوجة المتهمين بالتجسس.
ويقول محللون إنه في حين أن الحرس الثوري يمتلك بعض التأثير على المرشد الأعلى علي خامنئي إلا أنهم يظلون موالين له ويحترمون كلمته الأخيرة في جميع الشؤون، وبالتالي فإن الزعيم القادم قد لا يتمتع بذات السلطة التي يمتلكها خامنئي.
ويعتقد بعض المراقبين السياسيين أن المرشح الناجح لخلافة خامنئي سيحتاج إلى أن يكون شابا متشددا له دوافع أيديولوجية، حسب الصحيفة.
مجتبى قد يخلف أباه
لم تتم مناقشة مسألة المتنافسين المحتملين لخامنئي بشكل علني، لكن على انفراد تكثر التكهنات حول من هي الشخصية التي يفضلها الحرس الثوري.
وبالنظر إلى الأحداث الأخيرة، فقد اختصرت الاحتمالات على مجتبى نجل خامنئي البالغ من العمر 51 عاما والذي يواصل الدراسة الدينية المتقدمة في الحوزة الدينية في قم، مما يمنحه مكانة رجل دين رفيع المستوى ضروري لدور القائد الأعلى.
ويقول أحد أقاربه إن “مجتبى يمتلك عقلية مماثلة لأبيه ولديه نظرة ثاقبة في القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية”.
ويضيف “لديه علاقات جيدة مع الحرس الثوري، قد لا يتمتع بسلطة والده، لكن الحرس لا يمكنهم فرض إملاءاتهم عليه”.
المرشح المحتمل الآخر هو إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء المتشدد الذي خسر الانتخابات الرئاسية لعام 2017 لصالح روحاني.
ويتم المفاضلة بين المرشحين المحتملين بعد موت خامنئي في مدينة قم حيث لعبت الحوزة الدينية هناك دورا حيويا في انتصار الثورة الإسلامية في عام 1979 وهي الآن تعد ثاني أهم مؤسسة بعد الحرس الثوري.
لكن ومع ذلك، فإن كبار رجال الدين في مدينة قم يعدون كبارا في السن، من أبرزهم أية الله العظمى حسين وحيد خراساني (99 عاما) والذي يعد أكبر رجال الدين منزلة.
وكذلك هناك آخرون مثل لطف الله صافي كلبايغياني (100 عاما) وحسين نوري حمداني (94 عاما) وناصر مكارم الشيرازي (92 عاما) وموسى الشبيري زنجاني (91 عاما).
وتقول الصحيفة إن الحرس الثوري مصمم على أن يكون المؤسسة الأيديولوجية والسياسية المركزية التي يمكن أن تختار الزعيم الديني التالي لحكم إيران وتوسيع نفوذها خارج الحدود باتجاه العراق.
يشار إلى أن الولايات المتحدة كانت قد فرضت في نوفمبر الماضي عقوبات على مجتبى خامنئي وإبراهيم رئيسي بتهمة دعم الإرهاب، وذلك تزامنا مع الذكرى الأربعين للهجوم على السفارة الأميركية في طهران.
المصدر:الحرة