قال وزير الخارجية الألماني إن هناك أطرافا فاعلة غير حكومية في لبنان ممولة من الخارج، مثل “حزب الله”، والتي من الممكن أن تستغل الفراغ الحالي، وأن “الكارثة تنطوي على مخاطر كبيرة لمزيد من زعزعة الاستقرار في لبنان”.
حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من مغبة استمرار زعزعة استقرار لبنان، وذلك في ضوء الانفجار المروع الذي شهدته العاصمة بيروت قبل أيام قليلة.
وذكر ماس أن هناك بالفعل في لبنان أطرافا فاعلة غير حكومية ممولة من الخارج، مثل “حزب الله”، والتي من الممكن أن تستغل الفراغ الحالي، وقال: “الكارثة تنطوي على مخاطر كبيرة لمزيد من زعزعة الاستقرار في لبنان”.
وأشار ماس إلى أنه من السديد التفكير حاليا في عقد مؤتمر مانحين دولي قريبا لصالح لبنان، وقال: “لا يمكن لدولة التغلب على مثل هذه الكارثة بمفردها”، مطالبا لذلك المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي بدراسة، “كيف يمكننا تقديم المزيد من المساعدات: من خلال توفير الغذاء وأماكن الإيواء وإعادة بناء الميناء والمدينة”.
وذكر ماس أن الكثير من اللبنانيين الآن تساورهم مخاوف على وجودهم، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق الآن بتخفيف العناء الأكبر، وقال في إشارة إلى فريق الإغاثة التقنية الألماني، الذي توجه إلى بيروت مساء الأربعاء لتقديم الدعم: “كل ثانية مهمة”.
يُذكر أن 154 شخصا على الأقل لقوا حتفهم وأصيب نحو 5 آلاف آخرين جراء الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون الذي تنقل على عين المكان في بيروت التقى مواطنين عبروا له عن سخطخم من الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة كما عقد اجتماعات مع الرؤساء الثلاثة
ودعا ماكرون في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم امس الخميس في قصر الصنوبر، مقر السفارة الفرنسية في العاصمة اللبنانية بيروت، في إطار زيارته لهذا البلد الصغير المنكوب إثر انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء الذي خلف 149 قتيلا على الأقل. الى “إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف” بشأن هذه المأساة. وطالب ماكرون المسؤولين في لبنان “بالبدء في الإصلاحات” فورا عبر “تحمل المسؤولية” تجاه بلادهم.
وتسبب الانفجار الذي وقع الثلاثاء بمقتل ما لا يقل عن 154 شخصا وإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين بجروح، في حصيلة جديدة لكنّها غير نهائية إذ لا يزال العشرات في عداد المفقودين، فيما بات مئات الآلاف فجأة بدون مأوى جرّاء الانفجار الذي نتج عن حريق في مستودع خزن فيه 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم.
وتفقد ماكرون مكان الانفجار في مرفأ بيروت الذي تحوّل ركاما، وشارع الجميزة القريب حيث شاهد مأساة لبنانيين يحاولون تنظيف منازلهم وجمع ما أمكن إنقاذه فيها. واحتشد هؤلاء حوله وهتفوا “الشعب يريد إسقاط النظام”، ثم “ثورة ثورة”، و”ساعدونا”.
وبعد وقت قصير على مغادرة ماكرون، أعلن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي توقيف 16 شخصا بينهم مسؤولون في مرفأ بيروت على ذمة التحقيق في الانفجار الضخم.
وأوضح عقيقي في بيان أنّه “تم استجواب أكثر من 18 شخصا حتى الآن، من مسؤولين في مجلس إدارة مرفأ بيروت وإدارة الجمارك ومسؤولين عن أعمال الصيانة ومنفذي هذه الأعمال في العنبر رقم 12” حيث تمّ تخزين مادة نيترات الأمونيوم إضافة “إلى مواد ملتهبة سريعة الاشتعال وكابلات للتفجير البطيء”.
والتقى ماكرون كلا من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري في القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت. ثم التقى ممثلين عن القوى السياسية، وبينهم حزب الله، والمجتمع المدني خلال اجتماع موحّد عقد في قصر الصنوبر، مقر السفير الفرنسي في لبنان.
وعقد الرئيس الفرنسي مؤتمرا صحفيا قبل مغادرته أعلن فيه “تنظيم مؤتمر دعم دولي خلال الأيام المقبلة لبيروت والشعب اللبناني بهدف الحصول على تمويل دولي” من “الأوروبيين والأمريكيين وكل دول المنطقة وخارجها من أجل توفير الأدوية والرعاية والطعام ومستلزمات البناء”.
وفي خطوة تؤكد انعدام ثقة المجتمع الدولي بالحكم اللبناني، أكد ماكرون أن “مجمل هذه المساعدة الفرنسية أو الدولية ستدار بطريقة شفافة وواضحة لتصل مباشرة إلى الناس والمنظمات غير الحكومية وإلى الطواقم الميدانية، فلا يكون في الإمكان تحويلها” إلى مكان آخر. وكان لبنانيون قد استوقفوا ماكرون خلال جولته الميدانية مطالبين إياه بعدم تسليم أي مساعدة للحكومة.
وأرسلت دول عدة من ضمنها فرنسا فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمّر المرفأ وقسما كبيرا من العاصمة، وخلّف أضرارا بالغة في مناطق بعيدة نسبيا عن بيروت.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الخميس أنه سيقدّم 33 مليون يورو لتمويل مساعدات طارئة أولية للبنان بما فيها سفينة مستشفى إيطالية للمساعدة في جهود الإغاثة في بيروت. وأعلن الجيش الأمريكي أنه سيرسل ثلاث شحنات من المياه والغذاء والأدوية إلى لبنان. وأعلن ماكرون أن حاملة مروحيات “تونير” ستصل إلى لبنان محملة بأدوية وفرق طبية ومساعدات للطوارئ.
“تحمل المسؤوليات”
وقال الرئيس الفرنسي إن بلاده “لا يمكنها أن تحل محل اللبنانيين” لا على صعيد اتخاذ القرارات على مستوى المسؤولين، ولا على صعيد التحرك الشعبي في مواجهة المسؤولين.
وأضاف “أنتظر من السلطات اللبنانية أجوبة واضحة حول تعهداتها بالنسبة إلى دولة القانون والشفافية والحرية والديمقراطية والإصلاحات الضرورية”. وتابع أن المبادرة التي عرضها اليوم على القادة تقوم على “تحمل مسؤولياتهم خلال الأسابيع المقبلة وإطلاق الإصلاحات”، و”تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال الأشهر المقبلة، وإنهاض البلاد”.
ويطالب المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لبنان بإصلاحات ضرورية كشرط لدعمه للخروج من الانهيار الاقتصادي الذي يشهده منذ نحو عام، بينها إعادة هيكلة قطاع الكهرباء والمصارف وضبط الحدود وإظهار الشفافية في الإدارة، وغيرها.
وجاء الانفجار في خضم أزمة اقتصادية خانقة غير مسبوقة يعاني منها لبنان الذي طلب مساعد صندوق النقد الدولي، لكن المفاوضات معه تعثرت منذ أسابيع بسبب عدم وجود رؤية موحدة للمفاوضين اللبنانيين إزاء خسائر الدولة المالية وكيفية بدء بالإصلاحات. وحضّ صندوق النقد الدولي في بيان الخميس لبنان على “تخطي العقبات في المحادثات حول إصلاحات أساسية ووضع برنامج جدي لإنعاش الاقتصاد”.
“ميثاق جديد”
ودعا ماكرون المسؤولين إلى العمل على “إعادة تأسيس ميثاق جديد مع الشعب اللبناني خلال الأسابيع المقبلة”، مضيفا “هذا التغيير العميق هو المطلوب”. وتابع “تجب إعادة بناء الثقة والأمل (…) وهذا لا يستعاد بين ليلة وضحاها، إنما تُفترض إعادة بناء نظام سياسي جديد”. وأشار إلى أنه يعتزم العودة إلى لبنان مطلع سبتمبر المقبل من أجل “إجراء تقييم معا حول هذه النهضة الضرورية”.
وأجريت اليوم مراسم دفن عدد من ضحايا الانفجار. في الوقت نفسه، يواصل سكان بيروت وعدد كبير من الشبان والشابات المتطوعين تنظيف شوارع العاصمة في ظل غياب تام لأجهزة الدولة. وهم يجمعون قطع الزجاج المتناثر في كل مكان، ويقومون بإصلاحات لتعود بعض الشقق قابلة للسكن. وينشط كثيرون لتقديم مساعدات غذائية وأساسية.
ويُعتبر هذا الانفجار الأضخم في تاريخ لبنان الذي شهد عقودا من الاضطرابات والحروب والتفجيرات والأزمات.