هل يحمل الانقلاب في مالي بصمات الكرملين؟
في أعقاب انقلاب مالي، أشارت تقارير صحفية إلى أن قادة الانقلاب العسكري تدربوا في روسيا، كما تجمعهم علاقات مع الكرملين. في غضون ذلك، علقت الولايات المتحدة علاقاتها العسكرية مع مالي. فما حقيقة علاقات موسكو بالانقلابيين؟
ذكر الموقع المحلي المالي aBamako.com أن قادة المجلس العسكري، الذين أجبروا الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا على التنحي، كانوا في روسيا في إطار برنامج تدريبي نظمته القوات المسلحة الروسية قبل الانقلاب.
وأشارت الجريدة المحلية إلى كون العقيد مالك دياو وساديو كامارا، اللذان يُعتقد أنهما مهندسا الانقلاب، كانا قد قضيا عامًا في روسيا، في الكلية العسكرية العليا في موسكو.
وقد تزامن تولّي الرئيس كيتا منصب الرئاسة منذ عام 2013 بعد انقلاب سنة 2012 الذي أطاح بأمادو توماني توري، مع إنشاء بعثة حفظ سلام فرنسية، وكان كيتا حليفًا للغرب وتحديدا لفرنسا، لذلك تذهب التحليلات إلى كون الكرملين يحاول منافسة فرنسا في دول غرب إفريقيا حيث تتمتع باريس بتأثير كبير.
وتقول الخبيرة الروسية إيرينا فيلاتوفا، أستاذة الأبحاث في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو ، لـ DW: “من الصعب بالنسبة لي الحكم على مدى موثوقية هذه المعلومات، لأن موسكو لم تقل شيئًا عنها”. وأشارت إلى أن الكرملين ومالي أقاما علاقات قوية وأن روسيا تزود مالي ببعض المعدات العسكرية.
القيادة الأمريكية في إفريقيا تدين الانقلاب
إلى جانب التدريب المزعوم في موسكو، تلقى قادة الانقلاب في مالي تدريبات في كل من الولايات المتحدة وألمانيا، وفقًا لمنظمة لقيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم).
وتتحدث كيلي كاهالان، رئيسة فرع العمليات الإعلامية في أفريكوم لـ DW: ” التمرد في مالي مدان بشدة ويتعارض مع التدريب والتعليم العسكري الأمريكي”، مضيفة “شارك العقيد أسيمي غويتا (قائد الانقلاب) في تدريبات سابقة لأفريكوم وحضر أيضًا ورشة لجامعة العمليات الخاصة المشتركة لمدة 18 يومًا في قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا”. كما شارك غويتا في برنامج حول الإرهاب والدراسات الأمنية في مركز جورج سي مارشال الأوروبي في ألمانيا.
بعد الانقلاب، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية بمراقبة الوضع في مالي بحثًا عن أي آثار محتملة على المساعدة العسكرية الأمريكية، وإلى أن تنتهي التحقيقات، مُنع أي نوع من التدريب أو الدعم للقوات المسلحة المالية”.
ولكن وفقًا لجود ديفيرمونت، مدير مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهي منظمة تينك تانك أمريكية، فإن العديد من ضباط الجيش الأفارقة يتلقون تدريبات في الخارج، وهم يميلون إلى أن يكونوا قادة بالفطرة، وأضاف أن “الصفات التي تدفعهم إلى البحث عن تدريب أجنبي هي نفسها التي تجعلهم قادة انقلابيين فعالين”.
العلاقات بين روسيا ومالي
ويؤكد محللون أن العلاقات بين مالي وروسيا تعود إلى الستينيات بعد استقلال مالي عن فرنسا. لكنهم يؤكدون في الوقت نفسه، فرنسا وحلفاؤها الغربيون فشلوا حتى الآن في تحقيق الاستقرار في مالي.
وتقول فاتوماتا كوليبالي، الأستاذة بجامعة باماكو، لـ DW: “عندما خرج الماليون في يناير الماضي للمطالبة برحيل القوات الأجنبية، كانوا يقصدون عودة القوات الروسية”.
لكن وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن التعاون العسكري بين مالي وروسيا “ضعيف جدًا”. وتقول الباحثة ألكسندرا كويموفا التي تعمل ضمن برنامج SIPRI للأسلحة والإنفاق العسكري: “لم تشارك روسيا في أي صفقات أسلحة كبيرة مع مالي، باستثناء صفقة 2016 عندما وقعت الأخيرة عقدًا مع روسيا لشراء أربع طائرات هليكوبتر حربية”.
وتضيف أن الكرملين سلّم ما لا يقل عن طائرتي هليكوبتر قتاليتين جديدتين من طراز Mi-35M إلى مالي بين عامي 2017 و 2019. ووفقًا لمسؤولين روس، كانت الصفقة خطوة نحو مزيد من التعاون بين البلدين.
إفريقيا ساحة صراع بين روسيا والغرب
أجرى مركز الأبحاث CSIS بحثًا مكثفًا حول النفوذ الروسي المتزايد في إفريقيا في السنوات الأخيرة، خصوصًا عند بدأت موسكو تقوّي علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع القارة، لا سيما عندما فُرضت عقوبات غربية على موسكو في عام 2014.
وتقول فيلاتوفا لـ DW: “أحد أسباب اهتمام روسيا بإفريقيا هو التنافس مع الغرب. فكلما زاد نفوذها في إفريقيا ، كلما قلّت سيطرة الغرب هناك”.
ووفقًا لـ SIPRI ، في السنوات العشر الماضية صدّرت روسيا 16 بالمائة من إجمالي ما استوردته القارة الأفريقية، من الأسلحة، باستثناء مصر.
وتضيف فيلاتوفا أن كل دولة تستخدم نقاط قوتها، لكن يبقى من المعقد بالنسبة لروسيا أن تتوافر على سلع تجارية صالحة تنافس ما تقدمه الحكومات الغربية والصين لإفريقيا، وتتابع الباحثة أنه لهذا السبب، باستثناء المعدات العسكرية، لم تكن التجارة مع إفريقيا مهمة على الإطلاق، فالروس مهتمون بالموارد المعدنية، لكن يمكنهم تقديم المساعدة العسكرية، وهذه هي نقطة قوتهم”.
المصدر:DW