تعيين رئيس جديد للمخابرات الليبية قريب من حفتر، ما القصة؟
لا تزال تداعيات تعيين حسين العائب، رئيسا لجهاز المخابرات الليبية، تثير تساؤلات في ليبيا، بينما يرى متابعون بأنها جاءت لتحقق نوعا من التوازن في المناصب الحساسة في البلاد بين الفرقاء، كما تمليه عملية الانتقال السياسي المتفق عليها.
اللافت أن العائب الذي يوصف بـ”القريب” من المشير خليفة حفتر، خلف على رأس جهاز المخابرات، عماد الطرابلسي، الذي عينه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، نهاية العام الماضي.
وعلى مدى سنوات، شهدت ليبيا صراعا مريرا، بين المشير خليفة حفتر على رأس قوة عسكرية مرابطة في الشرق، مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج.
لذلك يرى المحلل السياسي، جمال عبد المطلب أن التعيين جاء حفاظا على نوع من التوازن في المسؤوليات في ليبيا، التي تشهد مرحلة حساسة من إعادة بنائها كدولة قائمة بمؤسساتها.
عبد المطلب كشف في اتصال مع موقع “الحرة” أن تعيين العائب “ربما جاء ضمن صفقة اشترطها حفتر” على حد وصفه، مذكرا بأن تعيين حسين العائب من قبل المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، جاء بـ”ترتيب مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
يُذكر أن جهودا حثيثة تقودها الولايات المتحدة، ترمي إلى إعادة التوازنات في المشهد الليبي، عبر إجراء الانتخابات والعمل على الحوار كمخرج لحالة الانسداد التي عرفتها البلاد منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.
والجمعة، قال سفير الولايات المتحدة في ليبيا، ريتشارد نورلاند، إن توحيد المؤسسة العسكرية أصبح هدفا حاسما.
وفي تغريدة له، كتب نورلاند “عقدت يوم أمس اجتماعا إيجابيا مع عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، واستمعت بارتياح كبير إلى الخطوات التي يقترحها المجلس الرئاسي لتوحيد المؤسسات العسكرية الليبية، وهو هدف حاسم، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في تشاد، وأيضا هدف يجب السعي له بطريقة تحظى بالاتفاق وبدعم من جميع الأطراف”.
لكن مستشار المنظة الليبية لدراسات الأمن القومي، رمزي الرُميح، قال إن قرار تعيين العائب “مخالف للقانون”.
وفي اتصال مع موقع “الحرة” كشف الرُميح أن خارطة الطريق التي انبثقت عن ملتقى الحوار الليبي في تونس، ثم في جنيف، تفرض على المجلس الرئاسي أن يختار رئيس جهاز المخابرات بالتنسيق والتشاور مع مجلس النواب “وهو ما لم يحدث” على حد قوله.
وأضاف “لذلك أرى أن المجلس الرئاسي ارتكب مخالفة قانونية بتعيينه هذا”.
الرُميح ذكّر في سياق حديثه بتصريح حديث لرئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، الذي قال فيه إنه يجب الاعتراف بأن جهاز المخابرات الليبي اخترق من طرف “كل مخابرات العالم”.
وخلال لقائه الأربعاء، بأعيان المنطقة الشرقية، قال الدبيبة: “فقدنا سيادتنا و كرامتا و كل مخابرات العالم اخترقتنا”.
الرُميح قال معلقا على ذلك: “لا أعتقد أن جهاز المخابرات سيسترجع قوته وهيبته ووظيفته الدستورية إلا بعد انتخاب رئيس وبرلمان جديدين”، مذكرا بأن كل المناصب الحالية في ليبيا “مؤقتة” ويجب مراجعتها حال إجراء الانتخابات المقبلة.
وتحاول ليبيا طي صفحة عقد من النزاعات، بدأت في 2011 بانتفاضة شعبية أدت إلى سقوط نظام معمر القذافي، واتسمت في السنوات الأخيرة بنزاع دام على السلطة دار بين حكومة مقرها في طرابلس (غرب) وأخرى مقرها في بنغازي (شرق).
وبرعاية الأمم المتحدة انتخبت الأطراف الليبية خلال اجتماع عقد في جنيف في مطلع فبراير الماضي، سلطة تنفيذية جديدة موحدة.
والسلطة السياسية الجديدة المتمثلة بحكومة وحدة وطنية يرأسها عبد الحميد الدبيبة ومجلس رئاسي يقوده محمد المنفي، مكلفة بموجب خارطة طريق ترعاها الأمم المتحدة إنهاء الانقسام السياسي في البلاد وقيادة المرحلة الانتقالية والتحضير لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر المقبل.