صعّدت الحكومة الإسبانية، اليوم الثلاثاء (18 ماي )، لهجتها تجاه المغرب عبر استدعائها السفيرة المغربية للتعبير عن “استيائها” إزاء وصول أكثر من ثمانية آلاف مهاجر إلى جيب سبتة منذ الإثنين، قادمين من المغرب على خلفية أزمة دبلوماسية كبرى بين البلدين. وأعلنت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا: “لقد ذكرتها بأن مراقبة الحدود كانت ويجب أن تظل مسؤولية مشتركة بين إسبانيا والمغرب”.
وكان سانشيز قال سابقاً في مداخلة متلفزة من مدريد إن “أولويته” تكمن في “إعادة النظام إلى المدينة وحدودنا في أسرع وقت ممكن”. وتعهد أن تعتمد الحكومة “الحزم” من أجل “ضمان أمن” سكان سبتة، أحد الجيبين الإسبانيين على الساحل المغربي واللذين يشكلان الحدود البرية الوحيدة بين إفريقيا وأوروبا. وأضاف أن “هذا التدفق المفاجىء للمهاجرين غير القانونيين يشكل أزمة خطيرة لإسبانيا ولأوروبا”.
بروكسل تدعو إلى منع عبور المهاجرين
وعبرت بروكسل عن تضامنها مع إسبانيا ودعت المغرب، عبر المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، إلى “منع العبور غير القانوني (للمهاجرين) وأن تتمّ إعادة الأشخاص الذين لا يحقّ لهم البقاء، بشكل منظّم وفعال. الحدود الإسبانية هي حدود أوروبا”.
وقد وصل نحو ثمانية آلاف مهاجر منذ صباح الاثنين إلى جيب سبتة الإسباني، أعيد منهم نحو أربعة آلاف إلى المغرب، بحسب أرقام أصدرتها وزارة الداخلية الإسبانية. إلى ذلك، أعلنت الوزارة إرسال مزيد من قوات حفظ النظام إلى المكان. وفي هذا السياق سيتم نشر خمسين عنصراً يضافون إلى العناصر المئتين الذين أرسلوا الثلاثاء، على أن يبقى 150 آخرون على أهبة الاستعداد.
وبحسب صحافي محلي في سبتة فإن وصول المهاجرين الذي سجل تباطؤاً ظهراً، تواصل بعد الظهر. وعلى الشاطىء الذي وصل إليه المهاجرون سباحة، نشرت قوات الأمن الإسبانية مدرعات واستخدمت الغاز المسيل للدموع وفرضت طوقاً أمنياً لمنعهم من الذهاب بعيداً. ثم رافقتهم نحو السياج الفاصل بين إسبانيا والمغرب.
وبعد الظهر كان هناك حوالى 700 مهاجر معظمهم مغربيون وبينهم آخرون قدموا من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مطوقون على الشاطىء كما أضاف المصدر نفسه. واقتيد المهاجرون الذين تمكنوا من العبور إلى مركز استضافة مؤقت في مليلية، على أن يتم تنظيم إعادتهم الى المغرب.
وأزمة الهجرة هذه غير المسبوقة بالنسبة لإسبانيا التي يشكل المغرب حليفاً رئيساً لها في مكافحة الهجرة غير القانونية تأتي وسط توتر في العلاقات بين البلدين منذ بداية افريل ، مع استقبال مدريد رئيس جبهة بوليساريو ابراهيم غالي لتلقي العلاج في إسبانيا من مرض كوفيد-19 الذي أصيب به. وأثارت هذه الاستضافة سخط الرباط التي تتنازع مع بوليساريو على الصحراء الغربية.
ويقول ايساياس بارينادا، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كومبلوتنسي في مدريد، إن تدفق المهاجرين هذا “ليس من قبيل الصدفة” ويشكل “رسالة قوية” من الرباط لأن آلاف الأشخاص “لا يدخلون هكذا بشكل عفوي” إلى سبتة.
وكانت الرباط استدعت في نهاية افريل ، السفير الإسباني المعتمد لديها للتعبير عن “سخطها” بسبب استضافة بلاده إبراهيم غالي، زعيم جبهة بوليساريو التي تطالب بالصحراء الغربية، لتلقّي العلاج على أراضيها.
وأكدت الخارجية المغربية أن استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي “فعل جسيم مخالف لروح الشراكة وحسن الجوار”، مشددة على أن المملكة “ستستخلص منه كل التبعات”. ويتنازع المغرب والجبهة المدعومة من الجزائر الصحراء الغربية منذ 45 عاماً. وتطالب البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير فيها، بينما تقترح الرباط منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها.
وإذا كانت أعلى السلطات في الرباط تلزم الصمت منذ الاثنين، فإن محمد الدخيسي والي الأمن المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني قال الأحد للتلفزيون الرسمي المغربي إن “أسس التعاون الأمني بين المغرب وباقي دول العالم مبني على أسس هي الند للند ومبدأ رابح رابح والمعاملة بالمثل”، وأضاف أن إسبانيا “ستضرر” في هذه الأزمة، مشيراً إلى أن “المغرب بات يعتبر قوة إقليمية وأجهزته الأمنية رائدة على المستوى الإقليمي والدولي”.