بعد عام من الانتظار: حفل افتتاح طوكيو 2020
انطلقت الجمعة رسميا الألعاب الأولمبية في طوكيو بعد تأجيلها سنة كاملة بسبب جائحة كوفيد-19، وسط إجراءات وقيود صارمة لمنع تفشي الوباء وجو ضاغط.
وأعلن أمبراطور اليابان ناروهيتو ”افتتاح“ أولمبياد طوكيو، النسخة الـ32 من الألعاب الصيفية، في الملعب الأولمبي. وقال ”أعلن افتتاح ألعاب طوكيو“، وفقا للصيغة العريقة، في ملعب خال من الجماهير ما عدا نحو ألف من المدعوين.
وتحت تأثير الجائحة، غابت الأجواء الاحتفالية التي شهدتها دورة ريو دي جانيرو في 2016.
وكان الوباء الذي يرعب العالم منذ أكثر من سنة حاضرا بقوة: من التحية الى الطواقم الطبية، مع ممرضة شاركت في حمل العلم الياباني الضخم، وبث شريط فيديو لرياضيين يتمرنون كل بمفرده، في إشارة الى المباريات الرياضية التي توقفت بسبب كوفيد، الى عرض غير مسبوق التزم بقواعد التباعد الاجتماعي.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ ”اليوم هو وقت للأمل. نعم، إنه مختلف تماما عما تخيلناه، لكننا سنستفيد من هذه الأوقات، لأننا اجتمعنا أخيرا هنا. (…) هذا الشعور بالوحدة، هو الضوء في نهاية الأفق المظلم للوباء“.
ورافق الافتتاح إطلاق ألعاب نارية وتقديم لوحات راقصة، بينما شكلت طائرات مسيرة كرة أرضية في سماء طوكيو، كل ذلك وسط مدرجات تتسع ل68 ألف متفرج، لكن شبه خالية.
المحظوظون
وبين الذين حضروا افتتاح ”أولمبياد الوباء“ كما يسميه اليابانيون، السيدة الأميركية الأولى جيل بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتابع حوالى ألف متفرج عرض ال206 وفود. بينما بث حفل الافتتاح مباشرة في كل أنحاء العالم.
وتستمر المنافسات على مدى أسبوعين.
وتجمّع مئات من سكان العاصمة عند الملعب الأولمبي. وقالت ماكو فوكوهارا لوكالة فرانس برس ”نحن هنا من أجل الأجواء والأضواء والألعاب النارية“، معربة عن أملها ”في أن نشعر على الأقل بالأجواء“.
ولم يكن تواجد اليابانيين متوقعاً فعلياً في محيط الملعب الأولمبي، خصوصاً أن استطلاعات الرأي أظهرت على مدى فترة طويلة معارضة غالبية السكان لإقامة الألعاب بسبب الموجات المتتالية لكوفيد-19 بمتحورات عدة.
الغالي والنفيس
وفيما يُتوقع أن يكون الأولمبياد نسخة باهتة من الاحتفالات السابقة، يحاول المنظمون التعويض على المشاهدين بالاعتماد على تكنولوجيات بث وابتكارات متطوّرة ليتمكنوا من عيش الحدث.
وأنشأت شركة ”أو بي أس“ (خدمات البث الأولمبية) تسجيلات صوتية من ضوضاء الجماهير في الألعاب السابقة لتتكيف مع كل رياضة، وسيتم بثها في أماكن المنافسات.
وسيتمكّن الرياضيون أيضاً من تلقي التشجيع من خلال شاشات عرض لمشاهد فيديو (سيلفي) مرسلة من كل أنحاء العالم، والتواصل عن طريق الفيديو مع أحبائهم بمجرد انتهاء مسابقاتهم.
ورغم التدابير القاسية المتخذة قبل وصول المشاركين في الأولمبياد، على غرار الخضوع لعدة فحوص ”بي سي آر“ وتنزيل تطبيقات تتبع ومراقبة صحية أبرزها ”أوتشا“، ظهرت بعض الإصابات لدى الرياضيين وإداريي البعثات في الأيام التي سبقت حفل الافتتاح.
ولتجنّب ارتفاع عدد الاصابات، فرض المنظمون حظراً على المعانقة أو المصافحة في الاحتفال بالفوز.
وواجه الأولمبياد انتكاسات كثيرة: إعادة مشروع بناء الملعب الرئيس إلى نقطة البداية نظراً لكلفته المرتفعة، فيما كبّد التأجيل نفقات إضافية بقيمة 2,6 مليار دولار، واستقالة رئيس اللجنة التنظيمية تسونيكازو تاكيدا في 2019 بسبب اتهامات بالرشى، واستقالة رئيس اللجنة المنظمة يوشيرو موري في فيفري الماضي بعد نشر كلام قاله اعتبر مهينا بحق النساء، وصولاً إلى استقالة المؤلف الموسيقي كيغو أويامادا الذي شارك في تصميم حفل الافتتاح على خلفية قصة تنمر قديمة بحق رفاق له أيام الدراسة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
واستقال المدير الإبداعي لحفلي الافتتاح والختام هيروشي ساساكي بعدما نشرت له صور يشَبّه فيها ممثلة كوميدية بدينة بالخنزير. وأقيل الخميس مخرج حفل الافتتاح كنتارو كوباياشي، الشخصية المسرحية المعروفة في اليابان، على خلفية مشهد هزلي منذ أكثر من عقد تطرق فيه إلى المحرقة اليهودية.
وبعد تفكيك ”اللغم“ تلو الآخر، حصل الاحتفال أخيرا، ولو أن الألعاب تفتقد أبرز مكوّناتها، أي الجماهير الغائبة عن المدرجات، علما أن اليابانيين أنفقوا الغالي والنفيس لإقامة هذه الألعاب التي أقر الإمبراطور بأنها ”لم تكن سهلة أبداً“.