اتهمت الجزائر، الأربعاء 18اوت 2021، مجموعتين صنفتهما مؤخراً ضمن “المنظمات الإرهابية”، بالتسبب في اشتعال حرائق غابات مدمرة، هذا الشهر، وقالت إن إحداهما مدعومة من المغرب وإسرائيل.
إذ قال مكتب الرئاسة إن الشرطة اعتقلت 22 شخصاً؛ للاشتباه في إشعالهم تلك الحرائق، لكنه قال إن المسؤولية الأساسية في ذلك تقع على عاتق جماعتي “رشاد” الإسلامية و”الماك” وهي حركة انفصالية في منطقة القبائل.
منظمات إرهابية
كانت السلطات الجزائرية قد صنفت الجماعتين ضمن المنظمات الإرهابية هذا العام. وقالت الرئاسة يوم الأربعاء، إن الماك “تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، خاصةً المغرب والكيان الصهيوني”، في إشارة إلى إسرائيل.
كانت الجزائر أعلنت الأربعاء 18 اوت 2021، أنها قررت إعادة النظر في العلاقات مع المغرب، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية، على خلفية ما سمَّتها “الأفعال العدائية المتواصلة” من طرف الرباط، وذلك حسبما جاء في بيان للرئاسة الجزائرية، عقب اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للأمن بالجزائر.
هذا الموقف يأتي بعد أيام قليلة من دعوة الملك المغربي، محمد السادس، الجزائر إلى “إنهاء الأزمة بين البلدين وفتح الحدود”، وكذا “فتح صفحة جديدة” بين البلدين، فيما يبدو أن بيان الرئاسة الجديد تعبير عن رفضها للمبادرة المغربية.
منعطف جديد للأزمة
فقد اتهم البيان المغرب بممارسة “أفعال عدائية متواصلة” ضد الجزائر، ما يتطلب إعادة النظر في علاقات البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية للبلاد.
جدير بالذكر أنه منذ عقود، تشهد العلاقات بين البلدين انسداداً، على خلفية ملفَّي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”، المدعومة من الجزائر.
كما أفاد البيان بأن الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأعلى للأمن خُصص لتقييم الوضع العام بالبلاد، عقب الأحداث الأليمة الأخيرة، في إشارة إلى حرائق غابات أودت بحياة 69 شخصاً، بينهم 28 عسكرياً، وأحدثت أضراراً مادية ضخمة.
أضاف أن الاجتماع جاء أيضاً في ظل “الأعمال العدائية المتواصلة” من طرف المغرب وحليفه الكيان الصهيوني (إسرائيل) ضد الجزائر.
في المقابل وقبل أيام، انتقدت الخارجية الجزائرية تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، خلال زيارته المغرب، الأربعاء.
كما اعتبرت أنها تعكس “الرغبة المكتومة” لدى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، “في جر حليفه الشرق أوسطي الجديد (إسرائيل) في مغامرة خطيرة موجهة ضد الجزائر وقِيمها ومواقفها المبدئية”، كما أعرب لابيد عن قلق إسرائيل مما قال إنه دور الجزائر في المنطقة وتقاربها الكبير مع إيران.
مبادرة تصالحية من الملك
وسبق أن دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس، السبت 31 جويلية 2021، الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى العمل معاً، في أقرب وقت “يراه مناسباً”، وذلك من أجل تطوير علاقات البلدين.
ملك المغرب قال إن “العلاقات الأخوية” بين المغرب والجزائر بناها الشعبان عبر سنوات من الكفاح المشترك، معتبراً أنه من غير المنطقي بقاء الحدود مع الجزائر مغلقة، وذلك في خطابه بالذكرى الـ22 لعيد العرش، المعروف بوقت توليه الحكم في البلاد.
كذلك قال محمد السادس في خطابه، إن ما يمس أمن الجزائر يمس أمن المغرب، والعكس صحيح، مؤكداً أن “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، وأنهما توأمان متكاملان”، على حد وصفه.
في المقابل قال ملك المغرب: “إن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يُرضينا، وليس في مصلحة شعبَينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول. فقناعتي أن الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين”.
كما اعتبر الملك محمد السادس أن “إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تُكرسه المواثيق الدولية، وضمن ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقُّل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله”.
كذلك قال الملك في الخطاب: “لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي، ولا حتى الرئيس السابق، ولا أنا، مسؤولون عن قرار الإغلاق، ولكننا مسؤولون سياسياً وأخلاقياً، عن استمراره؛ أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا”.
كما اسدى ملك المغرب تعليماته بالتواصل مع الجزائر لتقديم المساعدة في اطفاء الحرائق التي اجتاحتها ولكن المبادرة المغربية كانت بلا صدى
استدعاء السفير الجزائري
يأتي خطاب الملك محمد السادس، في الوقت الذي استدعت فيه الجزائر، منتصف جويلية 2021، سفيرها في الرباط للتشاور، ولم تستبعد “اتخاذ إجراءات أخرى”؛ احتجاجاً على تصريحات لمندوب المغرب لدى الأمم المتحدة، وصفتها بـ”العدوانية” والداعمة لحركة انفصالية محلية مصنفة “إرهابية”.
حيث قالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان، إنها طالبت في بيان بـ”ضرورة توضيح المملكة المغربية موقفها النهائي من الوضع بالغ الخطورة الناجم عن التصريحات المرفوضة لسفيرها بنيويورك”.
تابعت: “ونظراً إلى غياب أي صدىً إيجابي ومناسب من قِبل الجانب المغربي، فقد تقرر اليوم استدعاء سفير الجزائر بالرباط (عبدالحميد عبداوي) فوراً للتشاور. كما لا يُستبعد اتخاذ إجراءات أخرى، حسب التطور الذي تشهده هذه القضية”.
يُذكر أن الجزائر دعت السلطات المغربية إلى توضيحات بشأن ما وصفتها بـ”تصريحات عدوانية” لمندوبها لدى الأمم المتحدة، أعلن فيها دعم حركة انفصالية بالجزائر، في إشارة إلى “الحركة من أجل استقلال القبائل”.