تتالى ظهور الرئيس عبر منصات التواصل الاجتماعي بشكل اساسي وتكررت تبريراته وتفسيراته لما جاعلنه يوم 25 جويلية، وبدات تتشكل صورة القائد الذي انقذ شعبه من الموت بفضل تدخله في ملف الكورونا بعد ان عجزت الحكومة عن توفير التلاقيح
رئيس تدخل استجابة لنداءات شعبه الذي يعرف ماذا يريد اذ نزل الى الشوارع يوم 25جويلية فما كان من الرئيس الا ان يستجيب وفي اليوم نفسه بان اعفى رئيس الحكومة وجمد مجلس النواب وجمع كل السلطات بين يديه
فالرئيس هو من يحارب الفاسدين ويمنعهم من مغادرة البلاد حتى يسووا وضعياتهم مع القضاء ، والرئيس هو من يفرض الاقامة الجبرية على نواب لم يخدموا الشعب بل شكلوا مجلسا كان خطرا جاثما على الدولة
الرئيس باختصار هو من يصنع الربيع ، يخفض في الاسعار بكلمة واحدة ويقضي على الاحتكار بزيارة ليلية لمخزن او مستودع ،
لكن ما يلفت النظر ان قيس سعيد لم يتجدث قط عن النهضة اللهم بالتلميح ولم يتهم ايا من قادتها بالفساد ولم تشمل الاجراءات الاستثنائية ايا منها باستثناء انور معروف الذي له حساب قديم مع الرئيس’قضية سيارة q5) رغم ان الملفات بالبالة وبعضها في رفوف المحاكم من سنوات(قضية الهبة الصينية التي حول رفيق عبد السلام وجهتها إلى حسابه ، اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي…)
الغريب ان مساندي قيس سعيد يصورون قراراته على انها تصفية للاسلام ا لسياسي في البلاد ولكن لننظر بهدوء ماذا فعل قيس سعيد منذ 25جوييلة الى اليوم؟
هل تمت ملاحقة ساع مجرد ساع في مكتب الغنوشي؟
لا.
الواقع الذي لا تكذب حقائقه يقول ان قيس سعيد حقق للنهضة ما لم تحلم يوما بتحقيقه فقد ازاح قيس سعيد سيف مخلوف وائتلاف الكرامة الذي استولى على جانب كبير من خزان النهضة الانتخابي واطاح بنبيل القروي وحزبه قلب تونس ، الذي اصبح بمثابة بيضة القبان بالنسبة الى النهضة، فبدعمه حافظ الغنوشي على مقعده رئيسا للبرلمان وبفضله سقطت حكومة الحبيب الجملي كما اراد الغنوشي، أي ان النهضة خسرت كثيرا من اوراقها وبات قلب تونس هو المتحكم الفعلي في ما يتخذ من قرارات
خلقت قرارات قيس سعيد مناخا من الخوف لدى النهضويين سمح لراشد الغنوشي بان يفعل ما يريد ، اقال المكتب التنفيذي برمته وعين مكتبا آخر بشكل اقرب الى السرية وجمد عماد الحمامي الذي يعد من ابرز وجوه الحركة دون ان يعارضه احد تقريبا
ولكن الاهم ان قيس سعيد سحب البساط من عبير موسي التي نجحت في ان تتحول الى لاعب رئيسي في البلاد يفضل اعلان معاداتها للغنوشي وللاسلام السياسي وجعلت من ترذيل الغنوشي فقرة قارة في برنامجها اليومي في الجلسات العامة او في اجتماعات مكتب المجلس لا فرق، مادام الجوال موجودا والسترة الواقية من الرصاص والخوذة
جاء قيس سعيد فسحب البساط وتخلصت النهضة من عدو لدود والقاعدة تقول عدو عدوي صديقي
ولا غرابة في ان يكون الغنوشي تحديدا يفكر بهذا المنطق فهو يعتقد ان مساره ومسار قيس سعيد سيلتقيان في نقطة ما، فالرئيس محافظ ومتدين ولعله على يمين النهضة اصلا ولا بد من لحظة ما سيلتقي فيها الرجلان ولو بعد حين، وهذا ما يفسر ملازمة النهضويين لبيوتهم اذ لم تخرج مظاهرة واحدة ولو ببضع عشرات رفضا لما حدث 25جويلية
يراهن الغنوشي على عامل الوقت ليشكل النهضة في ثوب جديد يظل هو ولو من وراء ستار الحاكم الاوحد فيها ، ولا يبدو الغنوشي في عجلة من امره ، بل ينتظر بهدوء اللحظة التي سيلتقي فيها بحليفه اللدود قيس سعيد
*بقلم محمد بوغلاب ، صحفي، تونس