ماذا تريد السعودية من زيارة بايدن ؟
حافظت الممكلة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية على العلاقة كحليفين لأكثر من سبعة عقود على الرغم من النزاع العربي-الإسرائيلي وتفجيرات 11 سبتمبر، والحرب في اليمن، ومسائل مرتبطة بحقوق الإنسان. العلاقة تم التأسيس لها على قاعدة الأمن مقابل النفط، ونجحت في الاستمرار رغم العقبات التي اعترضت طريقها.
ولكن بعد جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018، وعد الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، بأن تتحول السعودية إلى دولة منبوذة على الصعيد العالمي. وعده جاء بعد سنوات فقط من زيارة سلفه الجمهوري، دونالد ترامب، المملكة، واحتفاله مع المسؤولين السعوديين، راقصاً ورافعاً السيف خلال استقبال “حار” خُصِّص له.
ومع أنّ بايدن “لم يذهب بعيداً” لناحية تنفيذ وعده بعد دخوله البيت الأبيض، إلا أنه برّد العلاقات، خصوصاً عبر تجاهل الآمر الفعلي للملكة، ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان. ثم جاءت الحرب الروسية على أوكرانيا لتغيّر الأوضاع الدولية، وتؤثر على المستهلك الأميركي، ما يدفع بواشنطن اليوم إلى محاولة إصلاح العلاقات مع الرياض.
ماذا فعل بايدن وماذا يريد؟
لقد وضع بايدن حداً في بداية ولايته للدعم الأميركي للعملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، بما في ذلك نقل الأسلحة إلى المملكة. كانت الغارات الجوية التي نفذها الطيران السعودي عرضة لانتقادات دولية واسعة إذ أدت، بحسب تقارير عدة، إلى سقوط قتلى مدنيين. ومع أن بايدن حافظ على الدعم الأميركي للدفاع عن الأراضي السعودية من الهجمات الحوثية، إلا أنه تجاهل ولي العهد، بعكس ترامب الذي التقى به.
كان البيت الأبيض يقول إن “من الأنسب” أن يتعامل بايدن مع “نظيره”، الملك سلمان، تاركاً العلاقة مع ولي العهد، وهو وزير الدفاع السعودي، إلى وزير الدفاع الأميركي، ليود أوستن. طبعاً لم ترحّب الرياض بهذا الأمر، إذ رأت فيه إهانة للرجل الذي سيُتوج في أغلب الأحوال ملكاً على السعودية.
مؤخراً، تعرض بايدن لضغط داخلي كبير من أجل العمل على خفض أسعار المحروقات التي شهدت ارتفاعاً قوياً في الولايات المتحدة، خصوصاً بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وما تلاها من اضطراب في أسواق النفط. ويريد بايدن أن لا يُعاقب الناخبون الحزب الديمقراطي خلال الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ولذا قرر زيارة المملكة.
نظرياً، يمكن لمنتجي النفط في الولايات المتحدة ضخ المزيد من النفط، ولكن نماذج أعمالهم تطورت بشكل مختلف، حيث يركزون الآن على توليد الأرباح للمستثمرين بدلاً من زيادة الإنتاج. من هذه الزاوية يمكن فهم الحاجة إلى السعودية وعدم استعداد الولايات المتحدة للاستعاضة عن نفط المملكة بنفطها الخاص.
وتقول بلومبرغ إن السعودية يمكنها أن تخفض السعر للمستهلك قليلاً في حال ضخّت مع الإمارات نحو 3 ملايين برميل يومياً، أي كامل احتياطيهما تقريباً، لفترة طويلة -وهذا شيء لم يشهده العالم من قبل. ولكن الصحيفة تشير إلى أن مشكلة النفط أعمق من ضخ المزيد من الخام في الأسواق، وهي مرتبطة بقدرة العالم على على تكرير النفط، لإنتاج البنزين والديزل (المازوت) ووقود الطائرات.
ماذا تريد السعودية؟
إن زيارة الرئيس الأميركي بايدن إلى المملكة للقاء ولي العهد، محمد بن سلمان، تعتبر بحدّ ذاتها تلبية لرغبة قديمة لدى الرياض، ألا وهي أن يعترف سيّد البيت الأبيض ببن سلمان كشريك أساسي ورئيسي للولايات المتحدة.
إضافة إلى الاعتراف بـ”شرعية” بن سلمان، تشير بلومبرغ إلى أن المسؤولين السعوديين يطمحون إلى الحصول على التزام أميركي بالاستثمار والتعاون في مجالات عدّة، يُقدّم على شكل خارطة طريق لعقود مقبلة.
ومن المرجح أن تطلب المملكة مزيداً من العتاد العسكري، مثل بطاريات باتريوت للدفاع عن نفسها من الهجمات الحوثية، وربما إيران، في حال تأزمت الأوضاع. بحسب المصدر نفسه، يريد السعوديون أيضاً دعماً دبلوماسياً لتحويل الهدنة الهشة في اليمن إلى سلام مستدام، إضافة إلى ضمان أكبر لهم وللمملكة في المنطقة، خصوصاً في ظلّ مخاوف من امتلاك إيران القنبلة الذرية.