صحف أوروبية: على الرئيس التونسي سعيد أن يفسح الطريق لبداية جديدة
شهدت الانتخابات البرلمانية التونسية إقبالا هزيلا من الناخبين، ما قد يضعف من مشروع قيس سعيد الرئاسي والذي بدأ بإرسائه عام 2021. وانتقدت العديد من الصحف الأوروبية سعيد، مطالبة إياه بإفساح الطريق لعودة الديمقراطية إلى تونس.
كان إقبال الناخبين التونسيين على الانتخابات البرلمانية الأخيرة منخفضا بشكل كبير، حيث بقي أكثر من 90 في المئة من الناخبين بعيدين عن صناديق الاقتراع، يوم السبت الماضي، بسبب اللامبالاة أو الاحتجاج.
فقط 8.8 في المئة من الناخبين مارسوا حقهم في التصويت في الانتخابات البرلمانية. ويعتبر هذا التصويت هو الأقل مشاركة منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي قبل 12 عاما تقريبا. كما أنه يمثل أقل مشاركة في الانتخابات في العالم تقريبا خلال السنوات الأخيرة.
صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ رأت أن هذا الإقبال الضعيف على المشاركة في الانتخابات يمثل هزيمة لسياسة سعيد، وعبر مقالة بعنوان: “انتخابات بدون ناخبين / هزيمة ثقيلة للرئيس سعيد”، كتبت الصحيفة الألمانية إنه “كان من الواضح سياسة حجب الثقة التي اتبعها الناخبون التونسيون عبر مشاركتهم المتدنية في الانتخابات”. وتابعت: “كان قيس سعيد قد أعلن أن الأحزاب هي سبب كل الشرور، واستبعدها عمليا من الانتخابات. وبذلك زاد من إحباط السكان الذي يشعرون بخيبة أمل بسبب أن ظروفهم المعيشية لم تتحسن منذ عام 2011. وناشد الرئيس التونسي الناخبين، يوم السبت، اغتنام الفرصة التاريخية لاستعادة حقوقهم المشروعة. لكن أكثر من 90 في المئة من التونسيين لا يأملون كثيرا من البرلمان الجديد المقيد الصلاحية، حيث يسعى سعيد إلى ديمقراطية شعبية تهمش الأحزاب”، بحسب قول الصحيفة.
صحوة مفزعة
من جهتها رأت الصحيفة اليومية الإيطالية “كورييري ديلا سيرا” أن “ما حدث يمثل صحوة مفزعة من الحلم الديمقراطي في تونس”. وترى الصحيفة التي تصدر من ميلانو أن “المواطنين في تونس كانوا يحلمون بالديمقراطية، بيد أنهم استيقظوا على واقع مختلف. تم إغراقهم بالوعود والأمل، لكنهم وجدوا سياسة متفردة في الحكم، وحاكم يمسك بيده الحكم كالسلطان، ليطوي أحلام ثورة الياسمين”.
وكتبت الصحيفة الإيطالية: “بعد أن كان يظهر سعيد وكأنه الوحيد الذي منع الحرب الأهلية في تونس، يبدو الرئيس التونسي معزولا الآن عن العالم، في حين أفقرت الأزمة التونسيين وألجأتهم إلى قوارب الهجرة نحو إيطاليا. لهذا عارض الشعب التونسي بازدراء الجمهورية الثانية المعادية للثورة، التي يريد سعيد الديغولي الجديد تأسيسها، بعد عقد من الفوضى”.
كنس مشروع سعيد السياسي
وفي مقال لها بعنوان “برفضهم التصويت، يتبرأ التونسيون من الرئيس سعيّد”، استنتجت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن “مشروع البناء القاعدي للديمقراطية الذي روج له قيس سعيّد، والذي يفترض أن يكون البرلمان الجديد أحد مكوناته، باعتباره وسيلة تمنح الأفضلية للأفراد على حساب الأحزاب السياسية، جرى كنسه بشكل قاس يوم السبت. ما حدث يشكل ازدراءََ لرئيس الجمهورية ويضع شرعيته ومشروعه السياسي في الميزان، بعد عام على مروره بالقوة في 25 جويلية 2021 وحل البرلمان.
فبعد تسجيل نسبة مشاركة ضعيفة (30.5 بالمائة)، في الاستفتاء على الدستور في يجويلية الماضي، يؤدي الامتناع الكبير عن التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية إلى إضعاف الرجل القوي في تونس، بالتزامن مع المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي لتمكين البلاد التي تغرق في ركود اقتصادي، من الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار”.
الطريق الزاحف صوب الاستبداد
صحيفة تاغيس تسايتونغ الألمانية قالت بدورها: “تُظهر الانتخابات أن سعيد قد راهن بالفعل على الثقة الكبيرة في شخصه. بيد أنه على ما يبدو، لم يعد الكثير من الناس يؤمنون بنجاح خارطة الطريق الخاصة به.
وبينما أنهت مصر، بعد ثورة 2011، الطريق الديمقراطي عندما تولى عبد الفتاح السيسي السلطة في البلاد عبر انقلاب عسكري تقليدي، فإن التفرد بالسلطة في تونس يسير زاحفا ببطء.
ويبقى أن ننتظر لنرى ما الذي سيحدث حين لا يصبح من الممكن توجيه الغضب بسبب الأزمة الاقتصادية نحو الأحزاب الفاسدة، وإنما سيتوجه الغضب نحو سلطة الرجل الواحد القوي الجديد”.
من جهتها قالت صحيفة نويه تسوريشر تسايتونغ إن “على الرئيس التونسي قيس سعيد أن يفسح الطريق من أجل بداية جديدة للديمقراطية في تونس. وقالت الصحيفة السويسرية: كيف يمكن للبلاد الخروج من هذه الأزمة بعد الانتخابات التي شاركت بها أعداد قليلة جدا من التونسيين. ودعته المعارضة إلى الاستقالة. ورأت الصحيفة أن ما حدث دليل على أن سعيد ومشروعه السياسي فقدا كل الشرعية، وأن استقالة الرئيس والعودة إلى الدستور القديم يمكن أن توفر مخرجا من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. ونوهت الصحيفة إلى أن الدستور التونسي الجديد لا ينص على إمكانية عزل الرئيس، لذلك من الواجب أن يفسح سعيد الطريق بنفسه من أجل بداية ديمقراطية جديدة”.