اتفاق الاتحاد الأوروبي وتونس حول الهجرة.. “يجب مقارنته بالاتفاق مع ليبيا”
في أعقاب الاتفاق المثير للجدل بين تونس والاتحاد الأوروبي، والذي يتعلق أحد المحاور الرئيسية فيه بالهجرة غير الشرعية، وخطط تعزيز الرقابة على الحدود والمهاجرين في تونس، المتخصصة في قضايا الهجرة كاميل لو كوز، تشرح أهم النقاط في هذا الاتفاق.
في اتفاقية الشراكة الموقعة يوم الأحد الماضي في تونس العاصمة، تم اتباع “نهج شامل” في التعامل مع ملف الهجرة، بشكل يتضمن الجوانب القمعية في التعامل مع الظاهرة، وفي الوقت ذاته، يأخذ بالاعتبار سهولة الوصول إلى طرق الهجرة الشرعية، والمزيد من التمويل لتعزيز التدريب المهني والتوظيف للتونسيين الشباب.دافع الأوروبيون في تونس عن نص عُرض على أنه متوازن لكن له أوجه تشابه مع الاتفاق المثير للجدل الذي تم التوصل إليه مع ليبيا، بشأن حماية الحدود واعتراض المهاجرين في البحر.مهاجر نيوز: ما هي أهم البنود التي يجب تسليط الضوء عليها في نص هذه الاتفاقية؟كميل لو كوز: الاتفاقية تنص على إجراءات إدارة الحدود. ويمكننا أن نتخيل أن هذا سيأخذ شكل ما نراه في ليبيا، مع دعم خاص لأسطول وتشكيلات خفر السواحل التونسية.وجاء في نص الاتفاق أن الطرفين يتفقان على العمل لتحسين […] تنفيذ تدابير فعالة لمكافحة تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر.علاوة على ذلك، إذا قام الاتحاد الأوروبي بتدريب خفر السواحل التونسي على عمليات البحث والإنقاذ، فسيكون من الضروري مراقبة ما سيحدث لهؤلاء الأشخاص الذين تم إنقاذهم. إذا تم احتجازهم لأنهم أشخاص غير قانونيين ثم تم ترحيلهم إلى الحدود الليبية، كما رأينا الأسبوع الماضي، فسيشكل ذلك مشكلة كبيرة.كما تحدثت الاتفاقية عن التنمية الاقتصادية والجهود المبذولة لتسهيل إعادة اندماج التونسيين العائدين من أوروبا، كما يتم تشجيع المسارات القانونية للهجرة مع ذكر برامج العمال الموسميين على سبيل المثال.هناك أيضا خطط لإنشاء نظام عودة لرعايا البلدان الثالثة من تونس، لكن علينا أن نرى كيف سيتم تنظيم هذه العودة.في تونس، يُطرد سكان جنوب الصحراء الكبرى حاليا من ديارهم ويتعرضون للاضطهاد من قبل الشرطة في بعض المدن. كيف سيساعد المانحون وشركاؤهم التونسيين على تنظيم عمليات العودة هذه؟ كيف نضمن كرامة الناس واحترامهم؟ كيف سيكون التعاون مع سفارات هذه الدول من أجل تحديد الهوية والجوازات القنصلية؟ وهل سيحصل هؤلاء المهاجرون على الدعم الخاص بإعادة التوطين بمجرد عودتهم؟مهاجر نيوز: ما الذي يكسبه الاتحاد الأوروبي وتونس من هذه الاتفاقية؟كميل لو كوز: من الناحية السياسية، إنه حل مُرضٍ لرئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس التونسي قيس سعيد. الجميع يخرج من هذا الاتفاق مع أسبابه الخاصة للرضا.فازت جورجيا ميلوني في مجال مراقبة الحدود وانخفاض وصول المهاجرين إلى إيطاليا، على المدى القصير على الأقل. أما أورسولا فون دير لاين، فتريد أن تقدم خدمة لجورجيا ميلوني، خاصة بعد أن عملت على نتيجة المفاوضات حول الميثاق الأوروبي بشأن الهجرة واللجوء.وبالنسبة إلى قيس سعيد، تتماشى هذه الاتفاقية مع وجهة نظره التي يمكن اعتبارها عنصرية. حيث أنه يعتبر المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء غير مرحب بهم في تونس، كما لم يتم التخطيط لأي جهد لضمان حمايتهم أو تعزيز اندماجهم في المجتمع التونسي.مهاجر نيوز: ما هي نقاط الضعف الرئيسية في هذه الاتفاقية؟كميل لو كوز: حول الاتفاقية بشكل عام، ما ينقص هو إشارات إلى حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والصحافة ومعاملة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس.من ناحية الهجرة، يبقى السؤال الحقيقي: ألى من سيخصص هذا التمويل؟ إلى المشاريع التي ستساعد على سبيل المثال، الوكالة الوطنية التونسية للتشغيل؟ إلى مشاريع عودة التونسيين حتى يتمكنوا من التوطين في تونس في ظروف جيدة؟ مشاريع المساعدة على العودة وإعادة دمج المهاجرين من جنوب الصحراء؟ أم نحو شراء معدات لتحسين مراقبة الحدود بالطائرات بدون طيار والقوارب؟يجب أن تتم مقارنة هذه الاتفاقية بالاتفاقية المبرمة مع ليبيا، حيث كان التعاون مرتبطا بالأمن بشكل أساسي، وحيث كان هناك عدد قليل جدا من آليات المراقبة التي تم وضعها لضمان معاملة المهاجرين بشكل صحيح.(ستدفع المفوضية الأوروبية 675 مليون يورو لتونس على مدى عام واحد، حسب تصريح عضو في المفوضية الأوروبية لوسائل الإعلام. من هذا المبلغ، يجب استخدام 150 مليون يورو لدعم الميزانية التونسية، بينما تم تخصيص 105 ملايين يورو لتمويل إدارة الهجرة).مهاجر نيوز: هل يمكن لهذه الاتفاقية أن تحل أزمة الهجرة الحالية في تونس؟كميل لو كوز: حالها كحال الاتفاقية مع ليبيا، نحن أمام حلول قصيرة المدى. لدينا أعداد متزايدة من الوافدين إلى إيطاليا، والتضامن الأوروبي مستمر بالفشل.لذلك نحن نواجه رئيسة وزراء إيطالية نفد صبرها وتضغط على شركائها الأوروبيين لحل هذه المشكلة بشكل عاجل. ناهيك عن أننا نفقد قيمنا، خاصة فيما يتعلق بمكافحة العنصرية واحترام حقوق الإنسان في تونس.في المستقبل القريب، سيؤدي تعزيز الضوابط الحدودية ودعم خفر السواحل التونسي إلى الحد من وصول الوافدين. لكننا نعمل أيضا على تعزيز قوة تونس الاستبدادية التي لا تساهم في تنمية البلاد واستقرارها. وحتى لو خلقنا فرصا اقتصادية للتونسيين على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية، فنحن نعلم أن هذا لن يكون كافياً لردع المغادرين. يتخذ الناس قرار الهجرة بناء على معايير أخرى، وبناء على هذه المعايير، احتمالات البقاء في تونس تصبح قاتمة
*المصدر: مهاجر نيوز