فرنسا ثاني أكبر مصدّر للأسلحة عالمياً.. والهند تتصدر قائمة المشترين
أصبحت فرنسا ثاني مصدّر رئيسي للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس الأخيرة، متفوّقة بذلك على روسيا والصّين، فيما صارت الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم، في وقت غيّرت فيه حرب أوكرانيا وتوترات الشرق الأوسط الخريطة.
وأفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) في تقرير بشأن “عمليات نقل الأسلحة”، أن الدول الأوروبية ضاعفت من وارداتها في الفترة من 2019 إلى 2023 مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018، مع ظهور أوكرانيا كأكبر مستورد أوروبي للأسلحة بعد الغزو الروسي في عام 2022.
وكانت حصة الأسد من شحنات الأسلحة إلى أوروبا، بواقع 55%، من نصيب الولايات المتحدة. وهذه النسبة تزيد بنحو 20% عما كان عليه الحال في الفترة 2014-2018.
وكشف زين حسين، الباحث في “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” في تصريحات لـ”الشرق”، أن أوكرانيا تلقت 23% من واردات الأسلحة الأوروبية في الفترة 2019-2023. وكانت في تلك الفترة أكبر مستورد للأسلحة في أوروبا ورابع أكبر مستورد في العالم.
وقال: “لتوسيع قدرات أوكرانيا العسكرية، بدأ الموردون في أوروبا في تسليم أنظمة بعيدة المدى في عام 2023. فقد تبرعت بولندا وسلوفاكيا بـ27 طائرة مقاتلة فائضة، وزودت فرنسا والمملكة المتحدة صواريخ يصل مداها إلى 300 كيلومتر. وخلال نفس العام، بدأت بلجيكا والدنمارك وهولندا والنرويج أيضاً في الاستعداد لتسليم أكثر من 50 طائرة مقاتلة فائضة”.
الولايات المتحدة تتصدر
ونمت صادرات الولايات المتحدة من الأسلحة بنسبة 17% في الفترة من 2019 إلى 2023، مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018، وارتفعت حصتها من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية من 34% إلى 42%.
وزودت الولايات المتحدة 107 دول بالمعدات العسكرية في الفترة 2019-2023، وهو أكبر عدد من أي فترة خمس سنوات سابقة.
وشكّلت الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية معاً 72% من جميع صادرات الأسلحة في الفترة 2019-2023، مقارنة بنسبة 62% في الفترة 2014-2018.
وقال حسين إن 28% من صادرات الأسلحة الأميركية ذهبت إلى دول في أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، مقارنة بنسبة 11% في الفترة 2014-2018.
وشكّلت أوكرانيا 4.7% من إجمالي صادرات الأسلحة الأميركية و17% من صادراتها إلى أوروبا.
وزادت صادرات الأسلحة الفرنسية بنسبة 47% في الفترة من 2019 إلى 2023، مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018، ولأول مرة أصبحت ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم. وذهبت الحصة الأكبر من صادرات الأسلحة الفرنسية (42%) إلى دول في آسيا وأوقيانوسيا، وذهبت 34% أخرى إلى دول الشرق الأوسط.
الهند أكبر مشتر للأسلحة الفرنسية
وأصبحت الهند أكبر مستفيد من صادرات الأسلحة الفرنسية، إذ استحوذت على ما يقرب من 30%. وترجع الزيادة في صادرات الأسلحة الفرنسية إلى حد كبير إلى تسليم الطائرات المقاتلة “رافال” إلى الهند وقطر ومصر.
وقالت كاتارينا ديوكيتش، الباحثة في معهد ستوكهولم: “تستغل فرنسا فرصة الطلب العالمي القوي لتعزيز صناعة الأسلحة من خلال الصادرات”، مضيفة: “نجحت فرنسا بشكل خاص في بيع طائراتها المقاتلة خارج أوروبا”.
وبالنظر إلى الدول العشر الأخرى المصدرة للأسلحة بعد الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا، فقد شهدت دولتان زيادات في الصادرات، وهي إيطاليا (بزيادة 86%) وكوريا الجنوبية (بزيادة 12%)؛ في حين شهدت خمس دول انخفاضات؛ الصين (5.3-%)، وألمانيا (14-%)، والمملكة المتحدة (14-%)، وإسبانيا (3.3-%)، وإسرائيل (25-%).
وأشار مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، دان سميث، إلى أن “أكثر من نصف واردات الدول الأوروبية من الأسلحة تأتي من الولايات المتحدة، بينما في الوقت نفسه، تعد أوروبا مسؤولة عن حوالي ثلث صادرات الأسلحة العالمية، بما في ذلك الكميات الكبيرة التي تذهب خارج المنطقة، مما يعكس القدرة الصناعية العسكرية القوية لأوروبا.
كما قال ماثيو جورج، مدير برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام: “لقد زادت الولايات المتحدة من دورها العالمي كمورد للأسلحة، إذ صدّرت المزيد من الأسلحة إلى عدد أكبر من البلدان مما فعلته في الماضي”.
ولأول مرة منذ 25 عاماً، أصبحت الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى آسيا وأوقيانوسيا. وشكلت الولايات المتحدة 34% من واردات الأسلحة لدول المنطقة، مقارنة بنسبة 19% لروسيا و13% للصين.
روسيا تتراجع
وانخفضت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 53% في الفترة من 2019 إلى 2023، مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018. واشتد الانخفاض خلال تلك الفترة، وكان أقل بنسبة 52% في عام 2023 عما كان عليه في عام 2022.
وبينما صدّرت روسيا الأسلحة إلى 31 دولة في عام 2019، تقلص العدد إلى 12 دولة فقط في عام 2023، وتلقت دول آسيا وأوقيانوسيا 68% من إجمالي الشحنات الروسية.
وحصلت الهند على 34% من صادرات الأسلحة الروسية خلال السنوات الخمس الأخيرة، فيما تلقت الصين 21%”.
وانخفض الحجم العالمي لعمليات نقل الأسلحة الدولية بشكل طفيف بنسبة 3.3% من 2019 إلى 2023، مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018.
ارتفاع حاد في واردات الأسلحة إلى أوروبا
وأصبحت واردات الدول الأوروبية من الأسلحة أعلى بنسبة 94% في الفترة 2019-2023 مقارنة بالفترة 2014-2018.
وبرزت أوكرانيا كأكبر مستورد للأسلحة الأوروبية خلال السنوات الخمس الماضية، ورابع أكبر مستورد في العالم للسلاح، بعد الهند والسعودية وقطر، بزيادة قدرها حوالي 6633%. بعد أن قامت 30 دولة على الأقل بتزويد أوكرانيا بأسلحة رئيسية كمساعدات عسكرية اعتباراً من فبراير 2022.
وبين عامي 2019 و2023، جاءت 55% من الواردات إلى أوروبا من الولايات المتحدة، بزيادة 35% مقارنة بالفترة بين عامي 2014 و2018.
وكانت ألمانيا وفرنسا ثاني أكبر المستوردين في المنطقة، حيث استحوذتا على 6.4% و4.6% من الواردات الأميركية، على التوالي.
وقال بيتر ويزمان، كبير الباحثين في برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم: “من المرجح أن تظل واردات الأسلحة الأوروبية عند مستوى مرتفع، مع وجود العديد من الأسلحة عالية القيمة قيد الطلب (بما في ذلك ما يقرب من 800 طائرة مقاتلة وطائرات هليكوبتر قتالية)”.
ذهب حوالي 37% من عمليات نقل الأسلحة الرئيسية في الفترة 2019-2023 إلى دول في آسيا وأوقيانوسيا، وهي أكبر حصة في أي منطقة ولكن بانخفاض طفيف من 41% في الفترة 2014-2018. وعلى الرغم من الانخفاض الإجمالي بنسبة 12% في واردات الأسلحة للمنطقة، إلا أن واردات العديد من الدول زادت بشكل ملحوظ.
الهند أكبر مستورد للأسلحة
وكانت الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم. وزادت وارداتها من الأسلحة بنسبة 4.7% في الفترة من 2019 إلى 2023، مقارنة بالفترة من 2014 إلى 2018.
وعلى الرغم من أن روسيا ظلت المورد الرئيسي للأسلحة للهند (تمثل 36% من وارداتها من الأسلحة)، إلا أن هذه كانت فترة الخمس سنوات الأولى منذ 1960-1964 عندما شكلت الواردات من روسيا (أو الاتحاد السوفيتي قبل عام 1991) أقل من نصف وارداتها من الأسلحة.
كما زادت باكستان بشكل كبير وارداتها من الأسلحة (+43%). وكانت باكستان خامس أكبر مستورد للأسلحة في الفترة 2019-2023، وأصبحت الصين أكثر هيمنة باعتبارها المورد الرئيسي لها، إذ وفرت 82% من وارداتها من الأسلحة.
وزادت واردات الأسلحة من جانب اثنتين من جيران الصين في شرق آسيا، وهي اليابان بنسبة 155%، وكوريا الجنوبية بنسبة 6.5%.
وانكمشت واردات الصين من الأسلحة بنسبة 44%، ويرجع ذلك في الأساس إلى استبدال الأسلحة المستوردة، والتي جاء معظمها من روسيا، بأنظمة منتجة محلياً.
وقال سايمون ويزمان، كبير الباحثين في معهد ستوكهولم: “ليس هناك شك في أن المستويات المرتفعة المستمرة لواردات الأسلحة من قبل اليابان وحلفاء وشركاء الولايات المتحدة الآخرين في آسيا وأوقيانوسيا، ترجع إلى حد كبير إلى عامل رئيسي واحد: القلق بشأن طموحات الصين”.
تباين في الشرق الأوسط
يستورد الشرق الأوسط كميات كبيرة من الأسلحة، خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا.
وكشف التقرير أن 30% من عمليات نقل الأسلحة الدولية خلال السنوات الخمس الماضية، تمركزت في منطقة الشرق الأوسط. وتعد ثلاث دول من بين أكبر 10 مستوردين، وهي السعودية وقطر ومصر.
وقال زين حسين، الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لـ”الشرق”، إن الولايات المتحدة شكلت 52% من واردات الأسلحة في الشرق الأوسط.
وكانت السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة 2019-2023، بحصة 8.4% من جميع واردات الأسلحة العالمية، وفق المعهد.
وانخفضت وارداتها من الأسلحة بنسبة 28% بعد أن بلغت ذروتها عند أعلى مستوى لها على الإطلاق في الفترة 2014-2018. وقدمت الولايات المتحدة 75% من واردات الأسلحة السعودية في الفترة 2019-2023، والتي تضمنت تسليم 67 طائرة مقاتلة ومئات من صواريخ الهجوم الأرضي.
وتأتي غالبية واردات الأسلحة لدول الشرق الأوسط من الولايات المتحدة (52%)، تليها فرنسا (12%) وإيطاليا (10%) وألمانيا (7.1%).