تسابق الإمارات الزمن لتعويض عجز حليفها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، منذ أشهر، عن كسر سيطرة حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دولياً، على العاصمة طرابلس (غرب)، وفق مراقبين.
ومنذ 4 أبريل/نيسان الماضي، يشن حفتر، المدعوم من الإمارات، هجوماً للسيطرة على طرابلس، ما أجهض جهوداً كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين، ضمن خريطة طريق أممية لمعالجة النزاع.
وضمن مساعٍ إماراتية للسيطرة على مفاصل الدولة الغنية بالنفط، طُرح اسم عارف النايض (57 عاماً)، وهو سفير ليبي سابق لدى أبوظبي، كبديل لحفتر (76 عاماً)، أو على أقل تقدير واجهة مدنية لحكم عسكري، بحسب مراقبين.
النايض يجمع صفات الرجل المطلوب دعمه بالنسبة للإمارات، فهو مؤيد لـ «عسكرة» ليبيا، وعلى صلة بحليف أبوظبي، القيادي المفصول من حركة «فتح» الفلسطينية محمد دحلان، أحد المدرجين على القائمة الحمراء للإرهابيين المطلوبين لدى تركيا.
كما تمت تزكية النايض من عضو الكونغرس الأمريكي، النائب الجمهوري المتطرف ستيف كينغ، حيث غرّد على «تويتر»، عقب اجتماع بينهما في 2017، معتبراً أن النايض هو «مستقبل ليبيا».
لكن أداء النايض للدور الذي يمكن أن يكون قد رُسم له، وفق مؤشرات، يصطدم بطموح حفتر، الذي يسعى هو الآخر إلى إقصاء الجميع بحثاً عن شرعية، بخلاف قوة وصلابة الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق.
رجل الإمارات
النايض أول من طرح نفسه مرشحاً في انتخابات رئاسية ليبية كانت مقررة في ديسمبر 2018.
وهو، وفق تقارير صحيفة، وثيق الصلة بالإمارات، حيث تتلمذ على يد الشيخ عز الدين إبراهيم، أحد مستشاري زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات، وأول أمير لها.
وعمل النايض مديراً عاماً لمؤسسة «كلام» للبحوث والإعلام، في إمارة دبي عام 2009، بجانب عضويته في اللجنة الأكاديمية الاستشارية في مؤسسة «طابة» بالعاصمة أبوظبي.
وهو سفير سابق لليبيا لدى أبوظبي، واستقال عام 2016 للترشح للانتخابات الرئاسية 2018، ما اعتبره مراقبون دليلاً آخر على تحضير إماراتي له للعب دور في ليبيا.
ويقدم نفسه على أنه شخصية صوفية، رغم استنكار المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي السني في ليبيا زج النايض بالتصوف في صراعه السياسي.
حكومة وحدة
واصفاً نفسه بأنه «شخصية توافقية»، قال النايض، في تصريح لوكالة الأنباء الإيطالية، الخميس الماضي، إنه لا يمانع تشكيل حكومة وحدة وطنية تحل محل حكومة الوفاق الوطني.
وتابع: «بعد الانتهاء من عملية ساعة الصفر التي أعلنها حفتر للسيطرة على طرابلس، سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع المكونات والمناطق الليبية».
وفي إطار تسويقه لنفسه كشخصية جامعة لليبيين، التقى النايض مسؤولين من مجلس الأمن القومي الأمريكي، خلال اجتماعين عُقدا في واشنطن، الخريف الجاري، حسب موقع «ديفينس وان» الأمريكي.
وقال النايض في رسالة عبر البريد الإلكتروني بعث بها إلى «ديفينس وان»، إن زيارته إلى واشنطن تطرّقت إلى وضع «خطط تفصيلية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وعقد انتخابات رئاسية عامة في غضون 18 شهراً من تحرير طرابلس».
ومراراً، أصدر حفتر إعلانات مماثلة من دون أن يحقق ما وعد به، وعندما بدأ الهجوم على طرابلس، زعمت قواته أنها ستسيطر عليها خلال 48 ساعة، لكن هجومه ما زال متعثراً.
ورقة خاسرة
قال عباس محمد صالح، باحث سياسي معنيّ بالشأن الليبي، إن المشروع الإقليمي لأبوظبي، خاصة في ليبيا «لن يُفرض إلا بالحديد والنار».
وأضاف صالح، للأناضول، أن أبوظبي «صنعت في ليبيا فريقاً سياسياً وأمنياً في آن واحد».
وعن طرح النايض، كورقة بديلة لحفتر، رأى أن «النايض ورقة خاسرة، فلن يقوى على خدمة أجندة الإمارات، في ظل تعقيدات المشهد الليبي».
وشدّد على أن «معركة طرابلس مصيرية لأبوظبي، لذلك تسعى لتسعير الحرب، خاصة عقب توقيع الاتفاق البحري بين الحكومة الليبية وتركيا».
ووقعت الحكومة التركية ونظيرتها الليبية، في 27 نوفمبر الماضي، مذكرتين، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
وزاد صالح، أن الإمارات «ستخوض هذه المعركة بكافة الأسلحة، ولا يهم هنا الأشخاص، فإذا احترقت ورقة حفتر، وهذا لن يتحقق في المدى القريب، فلن تترد في استبداله بآخر أو آخرين».
واستطرد: «لذا ستبقى المسألة الليبية معركة سياسية تُخاض بمعارك عسكرية، خلال المرحلة المقبلة».
شرعية الحرب
وفق كامل عبدالله، خبير بالشأن الليبي، فإنه «مادام يوجد حفتر فلن يكون هناك حل سياسي».
وأوضح عبدالله، للأناضول، أن «حفتر يفهم أن العملية السياسية ستُقصيه خارج المشهد، ولذلك يعتمد على شرعية الحرب».
وأضاف أن «أحد الدوافع الرئيسية للحرب الحالية في طرابلس هو تجديد شرعية حفتر».
*عربي بوست