الجزائر تقرر زيادة سعة خط أنابيب “ميدغاز” الذي ينقل الغاز إلى إسبانيا
المغرب تراقب بحذر
صورة تعبيرية لحقل غاز/رويترز
أعلنت شركة “سوناطراك” للنفط والغاز المملوكة للدولة، الأربعاء 1 سبتمبر2021، أن الجزائر ستزيد سعة خط أنابيب ميدغاز الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا لتصل إلى 10.5 مليار متر مكعب سنوياً، بحلول نهاية نوفمبر من ثمانية مليارات متر مكعب حالياً.
في بيان لها بالمناسبة، أوضحت “سوناطراك” أن الإمدادات سترتفع بعد استكمال وحدة رابعة لضغط الغاز بمنشآتها في بلدة بني صاف بغرب البلاد.
إعلان الشركة الجزائرية يأتي بعد أيام من تأكيدها أنها ستغطي كل الإمدادات لإسبانيا من خلال ميدغاز، في تلميح إلى احتمال عدم تجديد عقد خط أنابيب ثانٍ، المغرب العربي-أوروبا، الذي يعبر المغرب وينقضي أجله في أكتوبر
توقعات إيجابية
الثلاثاء 31 أ;j، قالت شركة المحروقات إنها تتوقع ارتفاع إيراداتها السنوية بنحو 13 مليار دولار، صعوداً إلى 33 مليار دولارٍ هذا العام، من 20 ملياراً العام الماضي.
جاء ذلك على لسان الرئيس التنفيذي للشركة، توفيق حكار، خلال زيارة لميناء أرزيو النفطي بولاية وهران غرب البلاد، وفق وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
فقد أشار المسؤول الجزائري إلى أن “إيرادات الشركة نهاية السنة ستكون ما بين 30 و33 مليار دولار، حسب تطور السوق النفطية فيما تبقى من العام”.
والإيرادات المتوقعة هذا العام تعادل إيرادات الشركة في 2019، قبل جائحة كورونا وتداعياتها على الطلب والأسعار.
المتحدث نفسه لفت إلى أن “تحسناً كبيراً في مداخيل سوناطراك مقارنة بالسنة الماضية، حسَّن تأثرت أنشطة الشركة بجائحة كورونا”.
وأوضح المسؤول الجزائري أن الشركة حققت دخلاً بمقدار 20 مليار دولار حتى 20 اوت الحالي، وهو رقم يعادل مداخيلها طيلة السنة الماضية.
يُذكر أن مداخيل “سوناطراك” تراجعت العام الماضي، من جرّاء جائحة كورونا، وتهاوت الإيرادات من 33 مليار دولار عام 2019، إلى 20 مليار دولار، وعلى أثر ذلك، قلصت الدولة الإنفاق الحكومي بواقع 50%.
ويعاني اقتصاد الجزائر تبعية مفرطة ومزمنة لإيرادات المحروقات (نفط وغاز)، إذ تمثل 93% من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، وفق بيانات حكومية رسمية.
إسبانيا تهدد بفسخ عقد مرور الغاز من الجزائر عبر المغرب
ملك المغرب وملك إسبانيا /
“الشيطان يكمن في التفاصيل”، هكذا تقول الحكمة القديمة، وهكذا يمكن قراءة الأزمة بين المغرب وإسبانيا، فخلافاً لما تبدو عليه الصورة، وتحرص الدول على إظهاره في إعلامها، فجانب كبير من الخلاف الحاصل يعود إلى أنبوب “غاز المغرب العربي”.
في نهاية 2021 ينتهي الاتفاق الثلاثي الذي يجمع الجزائر والرباط ومدريد، الذي يضمن وصول غاز الجزائر إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب، والمسمى بأنبوب “غاز المغرب العربي”.
نهاية على إيقاع التوتر
بينما تصر إسبانيا على قصر الأزمة المتفجرة مع المغرب في الجانب المتعلق بإخفاق الرباط في الوفاء بالتزاماتها في ملف الهجرة، ويعارضه المغرب على أن الأزمة بين البلدين سياسية، كشفت مصادر مطلعة أن الخلاف في جزء مهم منه، متعلق بمفاوضات حول تجديد اتفاقية “غاز المغرب العربي-أوروبا”.
أنبوب غاز “المغرب العربي-أوروبا” أو خط “بيردو دوران فاريل”، انطلق على مراحل، حيث اتفقت إسبانيا والجزائر في 1992 على إنشاء خط الأنابيب، بعدما وقَّعت كل من “سوناطراك” (الجزائر) و”إنا غاز” (إسبانيا) اتفاق إمداد طويل الأجل.
بعد ذلك انضم المغرب إلى الاتفاقية، حيث انطلق الجزء المغربي من الأنبوب، بالإنشاء والتشغيل واستخدام خط الأنابيب. وفي السنة نفسها، تأسس مشروع شركة خط أنابيب “المغرب العربي–أوروبا المحدودة” في عام 1994، الذي انضمت إليه “ترانس غاز” البرتغالية.
ومنذ سنة 1997، شرعت الرباط في تحصيل رسوم نقدية وضرائب تقدر بنحو 12% (كانت تتجاوز مليار درهم سنوياً) من قيمة الغاز المنقول عبر خط أنبوب غاز المغرب العربي-أوروبا.
وفي سنة 2003 وبجانب أنبوب الغاز حصلت شركة “إسبانية” على عقد لإدارة وتسيير محطة “تهضارت” لتوليد الطاقة من الغاز الجزائري، دشنه رسمياً العاهل المغربي محمد السادس، والملك الإسباني السابق خوان كارلوس في 2005، حصلت بموجب هذا العقد الشركة الإسبانية على حق الاستفادة لمدة 20 سنة.
ودفعت أجواء 2011 المغرب والجزائر إلى التقارب، وهذا ما انعكس على قطاع الطاقة، حيث وقَّع البلدان اتفاقية تقضي بتزويد الأولى للثانية بـ640 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً لمدة عشر سنوات.
الاتفاقية التي احتضنتها العاصمة الجزائرية، جرى التوقيع عليها بين شركة “سوناطراك” (تابعة للدولة)، والمكتب الوطني للكهرباء (مملوك للدولة)، تنتهي في 2021.
هذه التفاصيل هي “عناصر تفسر من جهةٍ تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، كما أنها تعكس من جهة ثانيةٍ موقف الجزائر الداعم لموقف إسبانيا في هذه التطورات الأخيرة، التي تعكسها مؤسسات إعلامية تابعة ومحسوبة على قصر المرادية”.
مغرب اليوم ليس مغرب الأمس
الخميس 20 ماي الماضي أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أنه “يتعين على مدريد أن تعي أن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس. وعلى بعض الأوساط في إسبانيا أن تقوم بتحيين نظرتها للمغرب”.
تصريح وزير الخارجية المغربي الذي نقلته عنه وكالة المغرب العربي للأنباء (رسمية)، كانت هذه العبارة واحدة من الجمل الأكثر إثارة في الخلاف الكبير بين مدريد والرباط.
المصادر التي ركزت في حديثها على الشق المتعلق بالغاز، أكدت أن “المغرب لم يعُد كما كان في حقل الطاقة، وهو الآن يتجه إلى خفض احتياجاته الطاقية من الخارج، بل يستعد لاستخراج الغاز في السنوات الخمس القادمة”.
وتابعت أن “هذا التحول الطاقي في المغرب واحد من الاعتبارات التي تجعل موقف المغرب قوياً في علاقته مع إسبانيا، وهو ما يعزز الموقف التفاوضي المغربي في اتفاقية المغرب العربي-أوروبا التي تنتهي في 2021”.
هذا وتتوقع وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة في المغرب خفض الطلب على الطاقة من الخارج إلى 85% بحلول سنة 2025، وتعويض ذلك بالاعتماد على الغاز المستخرج من الحقول المغربية، وأيضاً من خلال الطاقات المتجددة التي استثمرت فيها الرباط في السنوات الأخيرة.
وذهبت المصادر إلى أن المغرب موقن بقدرته في 2025 على تقليص الفاتورة الطاقية، بخلاف الجزائر وإسبانيا، فالأولى تعاني من تراجع أسعار الغاز في السوق العالمية، كما أن الثانية مضطرة إلى تأمين احتياجاتها الطاقية، وهذا ما يجعل مغرب اليوم ليس كمغرب الأمس.
صراع الثواني الأخيرة
كشف الخلاف الأخير بين الرباط ومدريد عن اصطفاف جزائري خلف إسبانيا، سرعان ما كشفت التصريحات الجزائرية خلفياته، حيث بدا واضحاً أن الجزائر معنيَّة بالجانب الطاقي للخلاف بين شركائها في أنبوب الغاز.
ففي يوم الخميس 20 ماي أعلنت الحكومة الجزائرية تدشين أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر واسبانيا عبر محطة عين تيموشنت، ويهدف المشروع الذي يمتد بطول 197كم وبتكلفة تقارب 32 مليار دينار جزائري، إلى تدعيم قدرة تصدير الغاز عبر أنبوب “ميد غاز” الرابط بين البلدين.
وكانت إسبانيا والجزائر قد وقَّعتا في 2019 اتفاقية تُمكِّن مدريد من الحصول على 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً عبر أنبوب “ميد غاز”، غير أن الصحافة الإسبانية أكدت أن “خط أنبوب الغاز الذي يمر عبر المغرب، يظل ضرورياً لضمان إمدادات آمنة لإسبانيا”.
في الاتجاه ذاته شرعت كل من الجزائر ومدريد في إقامة خط بحري للمسافرين والبضائع بين ميناء مليلية (مغربية محتلة)، وميناء الغزوات الجزائري في ولاية تلمسان الجزائرية، كما أن البلدين يدرسان فتح المدينة المحتلة لمواطني الجزائر دون تأشيرة.
وشددت مصادر على أن “أنبوب ميد غاز أو خطاً بحرياً في السياق الحالي، سيكون مكلفاً لكل من إسبانيا والجزائر، من الناحيتين المالية والزمنية، وهو ما يعطي أفضلية للموقف المغربي في هذا الجزء المتعلق بالطاقة في الخلاف الحاصل”.
إلى ذلك يقطع أنبوب غاز المغرب العربي-أوروبا الجزائري، 1400 كيلومتر، من آبار حاسي الرمل في الجزائر، ويعبر المغربَ على مسافة تناهز 500 كيلومتر من بني مطهر شرقاً وقرب تازة ووزان قبل أن يصل إلى طنجة شمالاً، وصولاً إلى إسبانيا والبرتغال.
هذا وتراجعت إيرادات المغرب من أنبوب الغاز الطبيعي الجزائري، لتصل في السنة الماضية إلى نحو 55%، وقُدِّرت بنحو 454 مليون درهم.
هذه المداخيل بلغت في 2018 نحو 1.5 مليار درهم، وتراجعت في 2019 إلى مليار درهم، لتصل إلى نحو 500 مليون درهم في السنة الماضية.