في تونس: مشاجرات على أكياس السكر..
رفوفٌ شبه فارغة وتدافعٌ بين تونسيين من أجل الحصول على أكياس سكر، مشاهد وثّقتها مقاطع فيديو منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بمحلات التسوق، تعكسُ مدى النقص في المواد الغذائية بأسواق تونس.
ومنذ بداية الشهر الجاري، خلت المحلات التجارية من سلع غذائية أساسية في مطابخ التونسيين، خاصة السّكر ومختلف المواد الغذائية المرتبطة به، مثل الحلوى محلية الصنع والمشروبات الغازية، إضافة إلى الأرز وزيت الطهي والحليب والزبدة والمياه المعدنية؛ مما أدى إلى تضاعف أسعارها وارتفاع الأصوات المطالبة بتدخل الحكومة لحماية الأمن الغذائي للتونسيين.
وانقسم التفاعل مع الفيديوهات المتداولة حديثاً، بين المتأسفين لما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بتونس، وبين من ربطوا المقاطع المتداولة بمحاولات تشويه وإلحاق الضرر بالحكومة، لافتين إلى أن السكر وباقي المواد متوفرة بالأسواق، وبأن حوادث التدافع معزولة.
في هذا السياق، يقول أحد المعلقّين على تويتر: “قبل التفاعل مع الفيديو بتعليقات لا معنى لها، يجب أن نفهم ما يحدث”، مضيفاً أن “مجموعات من النظام القديم تمنع التزود بالمواد الغذائية الأساسية، على وجه التحديد، لإلحاق الضرر بالحكومة الحالية التي تزعجهم.”
ويقول معلّق آخر: ” لم نر أي شيء بعد. النقص المتكرر، التضخم المتسارع، الأزمة السياسية الزاحفة، ارتفاع المهاجرين. سيكون شتاء 2022 قاسياً”.
أزمة مالية خانقة
تعيش تونس منذ سنوات على وقع أزمات اقتصادية متلاحقة، غير أن الأزمة الحالية تعدّ من ضمن الأقوى، مع عدم قدرة الاقتصاد على تحمل التكاليف الضرورية لشراء الواردات الضرورية خاصة الغذائية، ما أفقد البلاد الكثير من احتياطاتها النقدية الأجنبية.
وتمتلك المالية التونسية 8 مليارات دولار فقط من الاحتياطيات الأجنبية، ما يعني أربعة أشهر من الواردات، فيما تدين بـ35 مليار دولار معظمها لدائنين أجانب، كما عرفت نسبة التضخم ارتفاعاً لتصل إلى 8.6 بالمئة.
وفي مواجهة الأزمة الحالية، تسعى تونس إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لإنقاذ المالية العامة من الانهيار.
في هذا الإطار، يقول رضا شنكدالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، إنّ الحكومة “تغيب عنها رؤية اقتصادية واضحة، خاصة في تدبيرها لملف الحصول الدعم المالي مع صندوق النقد الدولي”، مشيراً إلى أن الإصلاحات المطلوبة بسيطة لكن الحكومة عاجزة أمامها عن إيجاد الحلول.
وأكّد الخبير الاقتصادي أن موازنة الدولة تعرف اختناقاً مالياً، واختلالاً في الميزان التجاري، مشيراً إلى أن عدم إتمام برنامج صندوق النقد الدولي يعني تعقيد الوضع الاقتصادي مما سيتسبب في تراجع الدينار التونسي وبالتالي زيادة التضخّم المالي.
وأبرز شنكدالي بأنّ الحكومة بصدد إعداد قانون المالية، غير أنه يقوم على فرضيات خاطئة وتجاوزها الزمن ومن شأنها تعميق الوضعية الاقتصادية للبلاد، من هلال تعميق الفجوة المالية بنصف الميزانية.
وبخصوص الخصاص الحاصل في المنتوجات الغذائية بالأسواق التونسية، أوضح المتحدّث بأنها يرتبط بالوضعية الاقتصادية المتدهورة، وتراجع خزينة الدولة وعدم قدرة البنك المركزي على نيل ثقة المزوّدين.
وشدّد الخبير التونسي، على صعوبة الظروف الاجتماعية بتونس رغم الزيادات الأخيرة في الأجور، موضحاً بأنها مرشّحة لمزيد من الاحتقان، بسبب الأوضاع الاقتصادية وضبابية العملية السياسية.
“أين السكر؟”
وفي الوقت الذي تواجه فيه تونس كل هذه المشاكل الاقتصادية، خرج مساء أمس الأحد، متظاهرون إلى الشارع في حي “دوار هيشر” بالعاصمة تونس، للاحتجاج على الفقر وارتفاع الأسعار والتنديد باختفاء سلع غذائية من المتاجر في تصعيد للضغط على السلطات.
ورفع المحتجون في حي دوار هيشر الفقير بالعاصمة الخبز، مرددين شعارات: “شغل حرية وكرامة وطنية” و”عار الأسعار شعلت نار”، فيما هتف آخرون “أين السكر ؟”، كما قام شبان غاضبون بحرق إطارات سيارات، حسب ما نقلته وكالة “رويترز”.
وشهدت مدينة مرناق (20 كم جنوبي العاصمة تونس) الأحد، مناوشات بين عناصر من قوّات الأمن ومجموعة من الشباب المحتجين وسط المدينة التي عرفت إنزالاً أمنياً واسعاً.
ونقل الموقع الإخباري التونسي “موزاييك إف إم” المحلي، بأنّ الوحدات الامنية المتواجدة بالمكان “استعملت الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض المحتجين المتواجدين على امتداد الشارع الرئيسي، الذّي قاموا بقطع الطريق وإشعال العجلات المطاطية.”
وتأتي الاحتجاجات بهذه المدينة، على إثر حادثة انتحار شاب يعمل بائعا للغلال، أول أمس السبت، بعد تعرضه لمضايقات متكررة من طرف أعوان الشرطة، وفق ما نقله الموقع الإخباري التونسي المذكور عن روايات شهود.
من جانبها، قالت وزارة الداخلية، أول أمس السبت، إن الأبحاث لا تزال متواصلة للكشف عن أطوار وملابسات حادثة “إقدام شخص على الانتحار شنقا بمنزله، وذلك بالتنسيق الكامل مع النيابة العمومية.
وأبرزت الوزارة أن الأبحاث الأولية من خلال إفادات الشهود “بينت أن المتوفى كان يعيش خلافات عائلية حادّة، خلافا لما تم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي حول الظروف المحيطة بإقدام المعني على الانتحار وأسبابه”.
وتواجه تونس أزمة سياسية حادة منذ سيطرة الرئيس قيس سعيد على السلطتين التنفيذية والتشريعية العام الماضي بإقالته رئيس الحكومة وحله البرلمان في خطوة يعتبرها خصومه “انقلاباً”، فيما يعتبرها سعيد “إصلاحات في مواجهة الفساد”.
حرب الرئيس على الاحتكار
تكاد تقتصر محادثات رئيس الدولة مع ضيوفه شبه القارين: رئيسة الحكومة، وزير الداخلية، وزيرة العدل ووزيرة التجارة على الحرب على الاحتكار والمضاربة ولا شيء غيرهما تقريبا
ولعلها المرة الاولى التي يشير فيها الرئيس الى استيراد مواد غير اساسية مثل مواد التجميل-كما ورد في صفحة الرئاسة-خلال استقباله رئيسة الحكومة عشية الاثنين سبتمبر الجاري